رئيس التحرير
عصام كامل

قدم عمر بن الخطاب وصندوق السيدة فاطمة.. حكايات من داخل الحجرة النبوية | فيديو

 الحجرة النبوية الشريفة
الحجرة النبوية الشريفة

بالأمس، أعلنت وكالة شؤون المسجد النبوي الشريف، وفاة الأغا حبيب محمد العفري، أحد أقدم أغوات المسجد النبوي، حيث كرَّس حياته لخدمة المسجد النبوي الشريف لما يقرب من 50 عامًا.

قليلون هم من تشرفوا بزيارة الحجرة النبوية الشريفة ودخولها، فهي فرصة نادرة لم يحظ بها الكثيرون.

آخر المحظوظين بزيارتها، هو الرئيس الشيشاني رمضان قديروف والذي حظي بهذا الشرف الرفيع قبيل فجر يوم الثاني عشر من ربيع الأول وهو يوم ميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

والحجرة النبوية الشريفة، هي حجرة أم المؤمنين السيدة عائشة بنت سيدنا أبي بكر الصديق التي كانت تسكنها مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهي التي دُفِن فيها النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، وبعدما مات سيدنا أبو بكر الصديق عام 13 هجريًا دفن بجوار النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بوصية منه وجعلت رأسه عند كتفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكذلك لما توفي سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه دفن بجوار سيدنا أبو بكر الصديق سنة 24 هجريًا، وذلك حسبما ذكر في كتاب "طبقات ابن سعد" وكتاب "فتح الباري في شرح صحيح البخاري".

كانت الحجرة النبوية الشريفة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم مبنية من الطوب اللبن، وكان حائطها قصيرًا، وقبيل وفاة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنى لها جدارًا أعلى من السابق.

تجديد وتوسعة الحجرات وانكشاف قدم سيدنا عمر

ذكر الإمام ابن كثير في كتابه "البداية والنهاية" وابن حجر في كتابه "فتح الباري في شرح صحيح البخاري" أنه بعد أن دفن سيدنا عمر في الحجرة النبوية شيدت السيدة عائشة جدارًا أعلى بينها وبين القبور الثلاثة قسم الجدار الحجرة النبوية إلى قسمين؛ شمالي لسكنها وجنوبي للقبور.

مخطط للحجرة الشريفة

 وظل كذلك حتى عهد الوليد بن عبدالملك، حيث أمر عامله في المدينة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بأن يشتري حجرات أزواج النبي من الورثة وما يجاور المسجد النبوي لتوسعته وإعادة بنائه وضم هذه الحجر إليه حتى يكون المسجد 200 ذراع مربعة.

وعندما همّ في هدم حجرات أزواج الرسول للتوسعة، وبدأ بالحجرة الأولى انهار جدار الحجرة النبوية من الشرق، وظهرت القبور الثلاثة فأمر عمر بن عبدالعزيز بإعادة بنائها، وقيل إنهم عند بنائهم لها وحفرهم للأساس تكشفت قدم من إحدى القبور مما أفزع عمر خوفًا من أن تكون قدم الرسول الكريم إلا أن عبد الله بن عبيد الله طمأنه حينها وأخبره بأنها قدم جده عمر بن الخطاب فأمر بتغطيتها، وأتموا البناء.

وقد عمل ابن عبد العزيز على بناء الحجرة النبوية بحجارة سوداء من الحرة يقرب لونها للون الحجارة التي بنيت بها الكعبة المشرفة على نفس المساحة التي بنى عليها الرسول بيته، إلا أن عمر قام أيضا ببناء جدار حولها له خمسة أضلاع خوفا من أن تشبه الكعبة فيصلى عليها.

 وصف الحجرة النبوية

أما عن وصف الحجرة النبوية وأبعادها فقد ذكره الإمام السمهودي في كتابه "وفاء الوفا"، وهو ممن حضروا إعادة بناء الحجرة الشريفة في عهد السلطان قايتباي عام 654 هجريًا أن أبعاد الحجرة «بلغت طولًا من الشرق للغرب جهة القبلة عشرة أذرع وثلثي ذراع (4،8 م)، وجهة الشام عشرة أذرع وربع ذراع وسدس ذراع (4،69 م)، وعرضًا من الشمال للجنوب جهة الشرق والغرب سبعة أذرع ونصف وثمن ذراع بذراع اليد (3،43 م)، وعرض منقبة الجدار الداخل من الجوانب كلها ذراع ونصف وقيراطان (0،68 م) إلا الشرقي المجدد فإنه ذراع وربع وثمن ذراع (0،62 م)».

ووصف الحجرة فقال: "جدران الحجرة الشريفة التي بداخلها القبور مصمتة تمامًا بلا باب ولا شباك، فتأملت الحجرة الشريفة فإذا هي أرض مستوية، ولم أجد للقبور الشريفة أثرًا". يقصد على السطح.

 

كسوة الحجرة الشريفة

وذكر بعض المؤرخين أن أول من كسا الحجرة الشريفة هي الخيزران أم هارون الرشید، ثم كساها ابن أبي الهیجاء بالدیباج الأبیض والحریر الأحمر، وكتب عليه سورة یس، ثم كساها الخليفة الناصر بالديباج الأسود، ثم صارت الكسوة ترسل من مصر كل ست سنوات من الديباج الأسود المرقوع بالحرير الأبيض وعليها طراز منسوج بالذهب والفضة.

أما عن وصف الكسوة فهي نسيج من حرير خالص أخضر اللون مبطن بقماش قطني متین، ومتوجة بحزام مشابه لحزام الكعبة المشرفة غیر أنه أحمر قان، خط عليه بتطریز ظاهر آیات قرآنیة كريمة من سورة الفتح تشغل ربع مساحته، بخیوط من القطن وأسلاك من الذهب والفضة، وهو بارتفاع ٩٥سم، وهناك قطعة أخرى من ذات اللون الأحمر وبنفس النسج لكنها أصغر قلیل مكتوب عليها إشارات تدل على مواقع القبور الثلاثة.

وذكر الشيخ فايز الفايز، مدير معرض عمارة المسجد النبوي الشريف، أن القبر الشريف محاط بثلاثة جدران: أولها جدار داخلي يمثل حجرة السيدة عائشة المغلقة تمامًا على القبر، يليه جدار ثانٍ بني في عهد الخليفة عمر بن عبدالعزيز، ثم جدار ثالث هو المقصورة الحالية التي بنيت في عهد السلطان قايتباي في القرن الخامس عشر الميلادي.

كسوة قديمة للحجرة النبوية الشريفة من الداخل

جريمة سرقة

أما كبير الباحثين في مركز المدينة المنورة للبحوث والدراسات عبدالرزاق الصانع (70 سنة)، وهو ضمن أول فريق بحث يدخل الحجرة النبوية الشريفة بعد طرد العثمانيين، وذلك قبل نحو 40 عامًا في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز.

وروى أن "رئيس شؤون المسجد النبوي في ذلك العهد عبدالله العقلا، لفت نظره أربعة من الصناديق في الحجرة الشريفة أثناء تنظيفها تحت ما يعرف بـ"سرير فاطمة"، فقام بتشكيل لجنة كنت أحد أعضائها، بوصفي يومئذ أعمل معه في شؤون المسجد النبوي، فلما كشفنا الصناديق الأربعة وفتحناها، طلب منا إخراج ما فيها فوجدنا أشياء لم نتوقعها، مثل (طن كامل من الفضة) ومباخر وصحون وقناديل فضة، وسبيكة ذهب كاملة تزن 2  كيلوجرام وهدايا سلطانات، فلما عرف الشيخ ذلك استدعى صاغة الذهب والفضة وأشرف بنفسه على تنظيف النفائس وإصلاحها، ثم أقام لها متحفًا في باب عثمان، وبعد حين تم نقلها إلى باب عمر في الدور الثالث داخل الحرم النبوي الشريف، ويسمح بزيارتها لزعماء الدول والمسؤولين القاصدين المسجد".

ووفق تقدير الصانع، فإن العثمانيين نقلوا ثلاثة أرباع الموجودات في الحجرة النبوية، وأبقوا على ربع واحد فقط هو الذي شارك في الإشراف على توثيقه وترميمه. 

وأفاد بأن السعودية بدأت في بناء متحف بمواصفات عالمية من 10 أدوار جهة باب السلام خارج الحرم، لتعرض فيه كل مقتنيات الحجرة الشريفة، والمكتبات الوقفية العريقة في المسجد، وفتح ذلك لعموم المسلمين زوار المقام.

الجريدة الرسمية