رئيس التحرير
عصام كامل

كارثة اقتصادية غير مسبوقة.. لماذا تصاعدت الاحتجاجات في سريلانكا ضد الرئيس؟

سريلانكا
سريلانكا

باتت أزمة سريلانكا تسيطر على عناوين العديد من الصحف العالمية، بعدما تصاعدت حدة الاحتجاجات ضد عائلة راجاباكسا الحاكمة خلال الأيام الماضية، مما أدى إلى فرار الرئيس اليوم الأربعاء على متن طائرة عسكرية.

 

وتصاعدت الاحتجاجات في سريلانكا بسبب الأزمة الاقتصادية منذ شهور، وبلغت ذروتها نهاية الأسبوع الماضي عندما سيطر مئات الآلاف من المحتجين على المباني الحكومية الرئيسية في كولومبو.

 

ويلقي البعض باللوم على عائلة راجاباكسا وحلفائهم في التضخم الجامح والفساد والنقص الحاد في الوقود والأدوية.

 

أسوأ أزمة اقتصادية

ودخلت الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة في أزمات عدة أبرزها نقص حاد في النقد الأجنبي، أدى إلى تقليص الواردات الأساسية مثل الوقود والغذاء والدواء، مما دفع البلاد إلى أسوأ أزمة اقتصادية منذ استقلالها في عام 1948.

 

ودفع كبار الساسة من  عائلة راجاباكسا بحسب تقرير نشرته " هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" ثمن هذه الأزمة، ففي 9 مايو استقال رئيس الوزراء الحالي -الرئيس السابق- ماهيندا راجاباكسا، والآن فر شقيقه الأصغر الرئيس الحالي جوتابايا واختفى الكثير من الوزراء والمسؤولين الذين ينتمون للعائلة، وسط استمرار الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد منذ أوائل أبريل الماضي.

 

وعانى قطاع السياحة الذي يعد حيويًا لاقتصاد الجزيرة، تداعيات هجمات إرهابية في أبريل 2019 على كنائس وفنادق (279 قتيلًا بينهم 45 أجنبيًّا)، ثم جائحة كوفيد-19.

 

كما أدت أكبر تخفيضات ضريبية في تاريخ الجزيرة، منحها جوتابايا عند توليه الرئاسة، إلى إفراغ خزائن الدولة.

تظاهرات سريلانكا

ديون خارجية

ووجدت سريلانكا نفسها بدون عملات أجنبية كافية لاستيراد ما تحتاج إليه من طعام ودواء ووقود.

 

وعلى الرغم من مساعدات الهند ودول أخرى في أبريل 2022، تخلّفت الدولة عن سداد ديونها الخارجية البالغة 51 مليار دولار، وتسعى إلى الحصول على خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي.

 

نقص الغذاء والدواء

ويعيش السريلانكيون منذ أشهر في ظل نقص الغذاء والدواء وانقطاع التيار الكهربائي، بسبب نقص الوقود الذي يحدّ أيضًا من التنقّل.

 

وجعل التضخم المتسارع  الذي بلغ 55 % يونيو وحده من المتعذر الحصول على الأشياء القليلة التي لا يزال العثور عليها ممكنًا.

 

فيما حذرت الأمم المتحدة من أن البلاد تواجه خطر أزمة إنسانية كبيرة، بعدما اضطرّ أكثر من ثلاثة أرباع السكان إلى تقليص ما يحصلون عليه من طعام.

 

عائلة الرئيس السريلانكي

وانتخب الرئيس جوتابايا راجاباكسا البالغ من العمر 73 عامًا، رئيسا منذ العام 2019 وهو أحد أفراد عائلة هيمنت على الحياة السياسية في سريلانكا  لعقود.

 

أما شقيقه ماهيندا البالغ من العمر 76 عامًا هو كبير العائلة الذي يتمتع بحضور قوي وشغل رئاسة البلاد لعقد حتى 2015.

 

وبحسب تقرير نشرته قناة العربية الإخبارية انه في عهد جوتابايا راجاباكسا تحولت سريلانكا إلى دولة مدينة بشكل كبير للصين التي جرى التعاقد معها على ديون ضخمة لتمويل مشاريع بنية تحتية كبرى.

 

ويلقى ماهيندا دعم الغالبية العرقية السنهالية لأنه هزم مقاتلي نمور التاميل في العام 2009، مُنهيًا بذلك 37 عامًا من الحرب الأهلية. آنذاك، كان جوتابايا وزير الدفاع كما قاد القوات المسلّحة والشرطة.

 

وعند تولّيه الرئاسة، عين جوتابايا شقيقه في منصب رئيس الوزراء، لكن ماهيندا اضطُر إلى الاستقالة في مايو بعد اشتباكات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين.

رئيس سريلانكا

بعد أشهر من التظاهرات، هاجم أنصار الرئيس المتظاهرين بعنف في مايو، وقُتل 9 أشخاص كما أُصيب المئات في الاشتباكات التي أدت إلى استقالة رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا شقيق الرئيس.

 

واستقال ماهيندا من منصب رئيس الوزراء حيث رافقته قوات الأمن عند مغادرة مقر إقامته، لكن الرئيس جوتابايا تشبث بالسلطة واستبدل به السياسي المخضرم رانيل ويكر مسينجه  البالغ من العمر 73 عامًا.

 

وفي الوقت ذاته لا يملك رئيس الوزراء ويكر مسينجه الكثير لإظهاره وأضرم المحتجون النار في منزله الأسبوع الماضي حتى عندما عرض الاستقالة. لكنه لم يكن في المنزل.


وفر الرئيس راجاباكسا من سريلانكا اليوم الأربعاء إلى جزر المالديف ومنها إلى سنغافورة.

 

وبعد ساعات قليلة من إعلان فرار رئيس سريلانكا من البلاد، نحو جزر المالديف، أظهرت مشاهد نشرتها وكالة "رويترز"، موكب سيارات "غامضا" تابعا لشخصيات هامة، يبدو أنه للرئيس الفار ومرافقيه، قبل توجهه إلى سنغافورة.

 

وكشف مصدر حكومي في سريلانكا أن الرئيس جوتابايا راجاباكسا توجه إلى سنغافورة بعد فراره إلى جزر المالديف في الساعات الأولى من صباح اليوم، مع استمرار الاحتجاجات في كولومبو.

 

كما أضاف المصدر، إن راجاباكسا ربما يرسل استقالته إلى رئيس البرلمان السريلانكي بعد وصوله إلى سنغافورة.

 

طائرة عسكرية

واستقل الرئيس السريلانكي طائرة عسكرية وهي من طراز أنطونوف-32 أقلعت من المطار الدولي الرئيسي وعلى متنها أربعة أشخاص، بينهم الرئيس البالغ 73 عامًا وزوجته وحارس شخصي، وفق ما أفاد مسؤولون في سلطات الهجرة وكالة فرانس برس.

 

من جهته، قال مسؤول في سلطات الهجرة "لقد خُتمت جوازات سفرهم واستقلّوا رحلة القوات الجوية الخاصة".


وتظاهر الآلاف، الذين يطالبون رئيس الوزراء رانيل ويكر مسينجه بالتنحي، خارج مجمع مكتبه وتسلق بعضهم الأسوار.

 

ومن جانبه، أعلن رئيس الوزراء، الذي لم يعرف أين موقعه، حالة الطوارئ على مستوى البلاد.

 

واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع في محاولة لتفريق المتظاهرين لكنها فشلت، وقد توجه المزيد منهم إلى مكتب رئيس الوزراء، بينما حلقت المروحيات في سماء المنطقة.

 

اقتحام مكتب رئيس الوزراء

وبعد فرار الرئيس، اقتحم آلاف المتظاهرين المناهضين للحكومة مكتب رئيس الوزراء رانيل ويكريميسنجه، بعيد تعيينه رئيسا بالإنابة.

 

وأفاد شهود عيان بأن رجالًا ونساء تمكنوا من اختراق العوائق العسكرية واقتحموا مكتب رئيس الحكومة ورفعوا أعلام البلاد بعدما فشل عناصر الشرطة والجيش في صدّهم على الرغم من إطلاق الغاز المسيل للدموع واستخدام خراطيم المياه.

الجريدة الرسمية