رئيس التحرير
عصام كامل

غضب شعبي ووضع ضبابي.. هل باتت سريلانكا على حافة الانهيار؟

سريلانكا
سريلانكا

تسلسل سريع للأحداث في سريلانكا يرفع منسوب الغضب الشعبي إلى أقصاه ويطوق قصر الرئيس قبل إعلان الطوارئ للتعامل مع وضع ضبابي.

تطورات اختزلت مسار الأزمة وطوت صفحة الرئيس جوتابايا راجاباكسا بفراره إلى المالديف تحت ضغط احتجاجات واسعة طاردته في قصره، لكنها تفتح المجال على مصير غامض لبلد يواجه أسوأ أزماته منذ استقلاله قبل 74 عاما.
وتفاقمت الأزمة غير المسبوقة منذ استقلال هذه الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة، في العام 1948، من خلال سلسلة من القرارات السياسية السيئة التي اتّهمت بها العائلة الرئاسية الحاكمة منذ عام 2005.


غضب وطوارئ
أطلقت الشرطة السريلانكية الغاز المسيل للدموع، لتفريق آلاف المتظاهرين المتجمعين أمام مكتب رئيس الوزراء.
ويطالب المتظاهرون بتنحي رانيل ويكرمسينج بالتزامن مع استقالة الرئيس جوتابايا راجاباكسا الذي وعد بتقديمها قبل مغادرته البلاد،  وفراره إلى جزر المالديف.

وباليوم نفسه، أعلنت سريلانكا حالة طوارئ بعد ساعات على فرار الرئيس، حسبما أعلن مكتب رئيس الوزراء.

وفي تصريحات إعلامية، قال المتحدث باسم رئيس الوزراء دينوك كولومباج: "بما أن الرئيس غادر البلاد، أُعلنت حالة طوارئ للتعامل مع الوضع في البلاد".

 المالديف


فجر اليوم ذاته، وصل الرئيس السريلانكي جوتابايا راجاباكسا إلى المالديف على متن طائرة عسكرية أقلّته من كولومبو، وقال مسؤول في مطار ماليه، عاصمة جزر المالديف، إن الطائرة العسكرية (من طراز أنطونوف-32) هبطت في المطار قادمة من كولومبو وعلى متنها أربعة أشخاص بينهم الرئيس البالغ 73 عامًا وزوجته وحارس شخصي.

وأضاف أنه فور نزولهم من الطائرة تم اصطحابهم، بحراسة الشرطة، إلى وجهة لم تُعرف في الحال.

وسبق أن أعلن مسؤولون في مطار كولومبو أنّ الطائرة العسكرية أقلعت متّجهة إلى المالديف بعد حصولها على إذن بالهبوط في مطار ماليه، وقال أحد هؤلاء المسؤولين إنّ الرئيس ومرافقيه "خُتمت جوازات سفرهم واستقلّوا رحلة خاصة للقوات الجوية".

وبحسب مسؤولين في مطار كولومبو، فإن الطائرة ظلت جاثمة لأكثر من ساعة على مدرج المطار من دون أن تتمكّن من الإقلاع وذلك بسبب التباس بشأن ما إذا كانت سلطات جزر المالديف قد سمحت لها بالهبوط على أراضيها أم لا.

وتحدث مسؤول في مطار العاصمة السريلانكية لـ"فرانس برس"، طالبًا عدم نشر اسمه "كانت هناك بعض لحظات القلق، لكن في النهاية سارت الأمور على ما يرام"، مشيرًا إلى أن الطائرة أقلعت متّجهة إلى مطار ماليه الدولي.

وأشار إلى أن العديد من المحيطين بالرئيس لم يسافروا معه على متن هذه الطائرة العسكرية.

وكان هؤلاء قد توجّهوا معه إلى مطار كولومبو، للسفر برفقته إلى دبي، لكنّهم عادوا أدراجهم بعدما رفض مسؤولو الهجرة التوجه إلى قاعة كبار الزوار لختم جوازات سفرهم، في وقت أصرّ فيه راجاباكسا على عدم استخدام المرافق العامة في المطار.

وعد بالاستقالة

سبق فرار الرئيس خارج البلاد وعد بإعلان استقالته من منصبه الأربعاء، قائلًا إنّه يريد إتاحة حصول "انتقال سلمي للسلطة".

ووافق راجاباكسا على التنحي هذا الأسبوع بعدما فرّ، السبت، من مقره الرسمي في العاصمة كولومبو قبيل اقتحام متظاهرين غاضبين المجمع الرئاسي ومكاتب الرئاسة المجاورة.

فرار من الإقامة

احتجاجات حاشدة طوقت المقر الرسمي لإقامة الرئيس، تلبية لدعوات انتشرت عبر مواقع التواصل، قبل أن يقتحم المحتجون الغاضبون المبنى متوّجين بذلك أشهرًا من المظاهرات المطالبة باستقالته بسبب أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد.

لم يكن بوسع الرئيس الاستقالة حينها، ولذلك كان من أولوياته الفرار من البلاد أولا، لأنّه إذا استقال أثناء وجوده في بلاده فستسقط عنه الحصانة ومن المرجّح أن يتعرّض للاحتجاز.

وفشلت محاولاته السابقة للسفر على متن طائرة عسكرية إلى الهند، أقرب جيران سريلانكا، حيث لم تسمح السلطات الهندية لطائرة عسكرية بالهبوط في مطار مدني.

واستخدم الرئيس بالفعل سفينة تابعة للبحرية لنقله، من القصر الرئاسي إلى قاعدة كاتوناياكي، في شمال شرق البلاد، وتوجه الإثنين الماضي، إلى مطار كولومبو الدولي على متن مروحية.

وأمضى الرئيس وزوجته، في قاعدة عسكرية بالقرب من المطار الدولي، فيما فوّت شقيقه الأصغر باسل رحلة جوية بعد مواجهة مماثلة مع سلطات الهجرة.

إفلاس
في أبريل الماضي، دخلت سريلانكا أسوأ أزمة اقتصادية منذ حصولها على الاستقلال في عام 1948، بإعلانها تعليق سداد جميع ديونها الخارجية.

وتراجعت احتياطيات النقد الأجنبي لدى سريلانكا إلى 1.94 مليار دولار في مارس الماضي، أي بانخفاض 16% مقارنة بشهر فبراير السابق له.

وفي محاولة للنجاة، دخلت سريلانكا في فورة اقتراض تزامنت مع سلسلة من الضربات التي عمّقت جراح الاقتصاد تمثلت في كوارث طبيعية مثل الرياح الموسمية الغزيرة، إضافة إلى جملة من التدابير الخاطئة على غرار الحظر الحكومي على الأسمدة الكيماوية الذي أدى لانخفاض كبير في المحاصيل.

ويشهد الحساب الجاري عجزا حين يتجاوز استهلاك الدولة إنتاجها، أي أنها تنفق أكثر مما تكسبه، إما لأن معدلات الادخار منخفضة، أو لأن الدولة تميل إلى الاستدانة.

ولا توجد مشكلة إذا كانت الدول الأخرى مستعدة لإقراضها لكي تتمكن من شراء الإنتاج الإضافي والحفاظ على استهلاكها الزائد. ولكن في نفس الوقت الأمر لا يتوقف فقط على رغبة الدول الأخرى في إقراض الدولة المال، بل يجب أن تكون أسعار الفائدة المفروضة على تلك القروض في النطاق المعقول.

وفيما يلي قائمة بدول عربية لديها عجز في الحساب الجاري بحسب بيانات موقع tradingeconomics:

قائمة بدول عربية لديها عجز في الحساب الجاري بسبب احداث سريلانكا
الجريدة الرسمية