رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا سقط حكم الإخوان؟ (2)


أزمة الإنكار، التي لازمت جماعة الإخوان المسلمين والدكتور مرسي طوال عام كامل من حكم البلاد، جعلتهم يعيشون في معزل عمن حولهم وعن أنفسهم، فلو كان مرسي قد فكر ولو للحظة واحدة أن يصارح نفسه، ودون تأثير من أحد عن الأسباب الحقيقية التي كانت تؤدي إلي ارتفاع وتيرة الغضب والسخط الشعبي عليه كل يوم، لما وصل بهم الحال لما هم عليه اليوم.


فبعد مرور عام علي حكم الدكتور مرسي للبلاد، كان عليه أن يعود بذاكرته للوارء عاما واحدا فقط ويسأل نفسه، لماذا بعد أن كان فاتحا صدره بميدان التحرير أمام شعبه، لجأ إلي تعلية أسوار قصره خوفا من غضبه؟، ولماذا بعد أن كانت جميع القوي السياسية ملتفة حوله وتسانده في مشهد "فيرمونت" الشهير، أصبح الآن وحيدا؟، ولماذا بعد أن استقبل أمهات الشهداء في القصر الرئاسي، أصبح يهرب منهم بعد عام واحد من باب خلفي خوفا من مواجهتهم؟، وأخيرا لماذا بعد أن كانت جميع القوي الثورية مجتمعة في ميدان واحد للاحتفال بفوزه بالرئاسة، انتهي بها الحال اليوم إلي التشتت والتفرق في ميادين مختلفة؟

وعندما جاء 30 يونيو، اليوم الموعود واكتظت جميع ميادين مصر بحشود الشعب الغاضب، كان علي مرسي أيضا أن يسأل نفسه، لماذا سُجل أكبر تجمع بشري في التاريخ ليكون موجها ضده؟، وكيف نجح في تجميع فئات من الشعب لها مواقف سياسية متناقضة تماما، وكان من الصعب بل ومن المستحيل أن تجتمع علي هدف واحد؟، وكيف جعل كل مؤسسات الدولة تتكاتل ضده وتتخلي عنه؟، وأخيرا كيف أوصل المواطن المصري إلي الحالة التي دفعته إلي أن يكون ليس لديه مانع من أن يقتل أخيه ويسحله، في مشهد لم يكن لأحد أن يتخيل أن يحدث في مصر؟

كان يجب علي مرسي أن يجيب عن كل هذه الأسئلة، ويدرك أنه ما بين فتح صدره بالتحرير، وتعلية أسوار قصره عاما أسود، عاني فيه الشعب كله من حكم جماعة تسببت بسوء إدارتها، وفقر سياستها في حرمان المواطن المصري من أبسط احتياجاته وحقوقه، وساهمت باستبدادها وغرورها في إقصاء وتهميش كل القوي السياسية بما فيهم شركاء الثورة، وساعدت برفضها وإنكارها للاعتراف بفشلها في تكفير وتخوين الشعب كله وتحميله مسئولية فشلها.

وأخير، كان لابد أن يدرك مرسي أن حالة الإنكار التي حرص علي التعامل بها مع الواقع المحيط به من قبل، وحاول أن يتعامل بها مع غضب الملايين في الشوارع، من خلال اختزال المشهد وتصويره بأنه مشهد فلولي بحت لن تفيده، لأنه كان ومازال يعلم جيدا أن معظم من كانوا في الشوارع ضده ليسوا بفلول كما زعم، بل هم من احتفلوا معه منذ عام مضي في ميدان التحرير بفوزه، ثم عادوا مرة أخري إلي نفس الميدان للاحتفال بسقوطه.
nour_rashwan@hotmail.com
الجريدة الرسمية