رئيس التحرير
عصام كامل

"30 يونيو" ثورة شعبية بامتياز


كثر الحديث هذه الأيام عن الإطاحة بالرئيس السابق "محمد مرسي"، وأريد أن أطرح سؤالا: هل هذه الإطاحة جاءت عن طريق ثورة شعبية أم انقلاب عسكري؟.


لم يقتصر الحديث والجدل على الأوساط المصرية الداخلية فقط ولكنه امتد أيضا إلى المستويين الإقليمي والدولي، فقد انقسمت الدول والمنظمات الدولية حول تحديد مفهوم ما جرى في مصر وما تبعه من قرارات وتداعيات أدت في النهاية إلى عزل أو خلع الرئيس "المعزول" وتعيين رئيس المحكمة الدستورية كرئيس مؤقت للبلاد.

وبالطبع لم تدع جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الحركات والأحزاب الداعمة لها الفرصة تمر لتصطاد في الماء العكر، وتنقلب على الجيش المصري وجموع المصريين، وتعلن أن ما حدث هو انقلاب على شرعية الرئيس محمد مرسي بزعم أنه جاء عن طريق الصندوق في انتخابات حرة ونزيهة، حتى إن بعض قيادات الجماعة لم ولن يخجلوا في دعوة بعض الدول الأجنبية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا للتدخل عسكريا في مصر لحماية "الشرعية".

مرة أخرى نأتي للسؤال الحائر: هل هو انقلاب أم ثورة شعبية؟ نعم، إنها ثورة شعبية بامتياز لا تختلف كثيرًا عن ثورة 25 يناير أو لعلها تكون امتدادا لها أو استكمالا لها؛ لأنها رفعت نفس الشعارات ونفس المبادئ تقريبا.

لا يمكن القول: إنه انقلاب عسكري أبدا...فالانقلاب العسكري له سمات معينة مثل الانقضاض على السلطة من قبل الجيش وتشكيل الحكومة من جانبه، وإعلان الأحكام العرفية..إلخ وهو غير موجود بالمرة في الحالة المصرية، الجيش المصري أو قيادة القوات المسلحة لم تتحرك منفردة أو بدون سابق إنذار، بل على العكس جاء تحركها بعد أن ثار أكثر من 30 مليون مواطن مصري – في أكبر تجمع بشري عرفه التاريخ - في ميادين مصر المختلفة على الرئيس السابق محمد مرسي بعد سنة من توليه السلطة، كان فيها مثالًا للزعيم الديكتاتور الذي أوصل حال مصر والمصريين إلى الحضيض في كل المجالات وعلى جميع المستويات، وكان همه وهدفه الأول هو تمكين أهله وعشيرته في السيطرة على جميع مفاصل ومؤسسات الدولة بدلا من إعادة بنائها وتطويرها من جديد بعد نحو 30 عاما من تجريفها وإفسادها على يد رجال نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك.

ما حدث في الثلاثين من يونيو هو نفسه ما حدث في ثورة 25 يناير 2011 المجيدة، حراكا سياسيا لا مثيل له من الشعب المصري، انتفاضة شعبية على نظامين أقل ما يوصفون به هو "الفاشية"، كلا النظامين كان لهما مؤيدون ومهللون ولكنهم يبقوا أقلية – وإن كثروا- أمام هذا الفيضان الهائل من البشر الذي أبهر العالم بأجمعه، الفارق الوحيد هو المدى الزمني، فقد قامت الثورة الأولى ضد نظام مستبد سياسيا، نظام حسني مبارك الذي ظل جاثما على صدور المصريين لمدة 30 عامًا، بينما قامت الثانية ضد نظام مستبد دينيا نظام محمد مرسي، الذي أعتبره أيضا نظاما أحمق؛ لأنه لم يستفد ولم يتعلم من أخطاء الماضي ومن دروس التاريخ، فكانت نهايته هي السقوط مثل سابقه لكن بعد عام واحد من توليه الحكم.

جيشنا تدخل قبل فوات الأوان، قبل أن تنفلت الأمور وتخرج عن السيطرة، وقبل أن تنهار الدولة المصرية، وقبل أن يدمر محمد مرسي وجماعته هذا البلد المجيد.
وكأن الجيش يريد إرسال رسالة قوية لأي حاكم أو رئيس قادم لمصر، أنه لا تهاون مع رغبات الشعب المصري وتطلعاته نحو حياة كريمة، وأن هذا الجيش لم ولن يكون أبدا جيشا لنظام ولكنه جيش مصر وشعبها فقط.
الجريدة الرسمية