جودة عبد الخالق: مخصصات الحماية الاجتماعية بالموازنة الجديدة أقل مما ينص عليه الدستور | حوار
الدخل الحقيقى للفرد ينخفض 8% لأن زيادة الأجور 7% ومعدل التضخم 15%.
الموازنة تأخذ من الفقراء ومتوسطى الحال وتعطى للأغنياء
1.5 من 2 تريليون إجمالى استخدامات الموازنة تذهب لخدمة الدين
الإنفاق على استثمارات الزراعة والصناعة قليل.. وللنقل والعقارات نصيب الأسد
الموازنة الجديدة تفرض أعباء إضافية على المواطن
أقر مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالى، مؤخرا، موازنة السنة المالية 2022-2023، وكذلك خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية عن نفس السنة، والتى تتوقع زيادة الإنفاق 15% وارتفاع العجز 14.5%، حيث تواجه البلاد تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والتأثير المستمر لجائحة فيروس كورونا وما جلباه من تضخم عالمى.
«فيتو» حاورت الدكتور جودة عبد الخالق، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ووزير التموين الأسبق، وكشف عن رأيه فى الموازنة العامة للدولة 2022-2023، وكيف تم مناقشتها فى مجلس النواب، وأبرز ما بها من مميزات، بجانب رصد ما يشوبها من عوائق وتصوراته للحلول البديلة.. وإلى نص الحوار:
*بداية.. ما مميزات الموازنة العامة للدولة 2022-2023 التى أقرها مجلس النواب منذ أيام؟
ميزة الموازنة العامة للدولة 2022-2023 هى إقرارها من البرلمان فى الميعاد المحدد قبل بداية السنة المالية الجديدة بأكثر من أسبوع، وللعلم اعترض الكثير من النواب على مشروع الموازنة وأبدوا أسبابا كثيرة أبرزها أسلوب التعامل مع قضية الديون وتحقيق العدالة الاجتماعية.
*وما أبرز عوائق مشروع الموازنة من وجهة نظرك؟
الموازنة لم تحدد مخرجًا من أزمة الديون، إنما وضعت الحل فى أخذ المزيد من الدين، وبذلك يصبح حجم الديون كبيرًا، والأهم من ذلك هو عبء الديون والتى تتمثل فى شقين، الأول مدفوعات الفوائد على الدين وقيمته تتراوح بين 650 إلى 660 مليار جنيه، والشق الثانى هو أقساط الدين المستحق سدادها، وهى بمقدار 965.4 مليار جنيه وعند جمعهم يزيد على تريليون و500 مليار جنيه، وإذا كانت الاستخدامات فى الموازنة العامة 2 تريليون هنا سيذهب أكثر من تريليون و500 مليار جنيه إلى خدمة الدين، والباقى يتم توزيعه على الأجور والخدمات الاجتماعية والاستثمارات وباقى المصادر.
والبيان المالى، الذى ألقاه وزير المالية فى مجلس النواب أثناء تقديمه مشروع الموازنة وبه كل الاعتبارات المرتبطة بإعداد مشروع الموازنة ويضعها أمام مجلس النواب والشيوخ حتى يمكنهم من الوصول إلى القرار بالنسبة إلى مشروع الموازنة، لم يتضمن أي حل بالنسبة لمشكلة الديون، وهذه الخطورة لأن البيان المالى يكون متممًا لمشروع الموازنة لأنه يكون شارحًا وموضحًا ومفسرًا ومبينًا للاعتبارات التى افترضت عند وضع الأرقام المتعلقة بمشروع الموازنة، وهذا عيب رئيسى ويتفرع منه عدة عيوب فرعية.
* وما هى العيوب الفرعية فى الموازنة؟
مخصصات الحماية الاجتماعية أقل كثيرًا من أن تفى بالغرض، بل إنها أقل مما تنص عليه الاستحقاقات طبقًا لنص الدستور المصرى الذى تمت الموافقة عليه من قبل الشعب فى عام 2014، فعلى سبيل المثال الزيادة فى الأجور فى الموازنة المالية 2022-2023 فى حدود الـ7% بينما معدل التضخم أكثر من ضعف هذه النسبة حيث زاد عن 15%، وهو ما يأكل فى المرتبات ولذا فإن الدخل الحقيقى للفرد ينخفض بقيمة 8%.
كما أن الإنفاق على الخدمات الاجتماعية تحديدا التعليم والصحة فى الأساس إنفاق متدن ومع ذلك لم يزد فى الموازنة العامة بالقدر الذى يعوض نسبة التضخم، والإنفاق بالمعيار الحقيقى سيكون أقل، وهذا يعنى أن صحة المواطنين تتدهور وتعليم أبنائنا يتراجع، وتلك مسألة خطيرة خصوصا عند الحديث عن الجمهورية الجديدة التى من المفترض أن تُبنى بالبشر وليس بالعقارات والأبراج، ولكن الاستثمار والعناية بالمواطنين من مواقع الموازنة الجديدة تعتبر أقل بكثير من المفروض أن يكون.
هناك أهمية فى الاهتمام بقطاعات الإنتاج الحقيقى تحديدا فى الزراعة والصناعة لاسيما ونحن جميعا نواجه أزمة أمن غذائى شديدة على خلفية الحرب فى أوكرانيا، فالإنفاق على الزراعة والصناعة فى شكل استثمارات أقل كثيرًا بالمقارنة بالإنفاق على مجال النقل والعقارات التى لها نصيب الأسد فى الموازنة.
*هل تقصد أن الموازنة تحمل أعباء إضافية على المواطن؟
بالتأكيد؛ لأن المواطن إما أن يكون من العاملين فى الدولة أو القطاع الخاص والزيادة المقررة طبقا للموازنة أقل من التعويض عن معدل التضخم، فهذا يعنى أنك ستعطى للمواطنين دخولا أقل هذا العام من دخول العام الماضى على خلفية الأسعار.
كما توجد زيادة فى الضرائب والرسوم وبالأخص الرسوم التى تُفرض دون قانون عكس الضرائب، تحت مسميات مختلفة زادت من الأعباء على المواطنين بجانب أعباء زيادة التضخم والغلاء، وإذا ما نظرنا للموازنة على أنها مضخة فإننا سنرى أنها تأخذ من الفقراء ومتوسطى الحال وتعطى للأغنياء من ملاك المشروعات العقارية وحملة أدوات الدين.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"…