ابتزاز الدكاترة.. تطبيقات حجز مواعيد الكشف تطلق نظاما جديدا للمحاسبة.. والأطباء يصفونه بالسخرة
شكاوى متعددة من الأطباء خلال الأيام الأخيرة ضد شركات التسويق الطبى التى لها تطبيقات على الإنترنت لحجز مواعيد لدى العيادات للكشف، وشن عدد كبير من الأطباء حملات لمقاطعة تلك الشركات، وبالأخص أكثر شركة تسيطر على سوق الدعاية الطبية وإلغاء العمل معها، وذلك بعد قيام عدد من الشركات بتغيير نظام التعاقدات والمحاسبة للأطباء فجأة، ووصف الأطباء نظام المحاسبة الجديد بأنه مجحف ويجعل الأطباء يعملون بالسخرة لدى تلك الشركات.
نظام المحاسبة
نظام المحاسبة لتلك الشركات قديما حصولها على ٣٥% من قيمة الكشف للمريض الذى يحجز عن طريق أبليكيشن الشركة، بالإضافة إلى قيمة ضريبة القيمة المضافة، إلا أنه بداية من شهر يوليو القادم سوف تقوم تلك الشركات بنظام محاسبة جديد أبلغت الأطباء به على نظام باقات حسب المنطقة، وتدفع قيمة الباقة مقدما، وفى المقابل عدد حالات معينة، مثال على ذلك عيادة فى منطقة الهرم الباقة الخاصة بها ١٦٥٠ جنيها شهريا مقابلها ١٥ كشفا، وفى حالة وجود كشف زيادة تحصل الشركة على ٧٠٪ من قيمة الكشف.
ووصف الأطباء نظام التعاقدات الجديد بأنه طمع واستغلال كما وصفت نقابة الأطباء بأنه ابتزاز مالى مطالبة بصدور اللائحة التنفيذية للقانون ٢٠٦ لسنة ٢٠١٧ الخاصة بتنظيم الإعلان عن المنتجات والخدمات الصحية.
من جانبه قال الدكتور خالد أمين، عضو مجلس نقابة الأطباء، إن إحدى الشركات التى تعمل فى مجال التسويق الطبى بدأت عملها بتنفيذ "أبليكيشن" يساعد المرضى على الحجز لدى الطبيب، وكانت ترسل للطبيب عددا من الحالات مقابل نسبة من الكشف، ثم تطور الأمر إلى أن تقاسمت مع الطبيب قيمة الكشف، وتحمل على الطبيب نسبة كبيرة، ويمكن أن يضطر لرفع سعر الكشف أو يستغنى عن العمالة فى العيادة من أجل سد الاحتياجات.
وأشار لـ"فيتو" إلى أن تلك الشركات تحاسب الأطباء على عدد الحالات حتى التى تحجز دون أن تذهب للطبيب، كما أن بها كثيرا من المخالفات حيث تضع أسماء أطباء غير متعاقدين معها لإيهام المرضى بوجود عدد كبير من الأطباء متعاقد معها، وكثير من الأطباء غير المتعاقدين معهم يجدون بياناتهم على موقع الشركة، موضحا أن تلك التطبيقات أصبحت تعمل كنظام سمسرة لجذب الحالات، كما أنها غير دقيقة فى التوصيف الطبى للطبيب وبياناته كاملة، ويمكن أن تضع أمام اسم الطبيب فى الموقع الإلكترونى لها أنه بدرجة أستاذ أو استشارى، وهو أخصائى لم يحصل على درجات علمية أعلى.
عيادات خاصة
وكشف عن أن تلك الشركات أصبحت تشترى عيادات خاصة بها تنافس عيادات الأطباء، وتأخذ المرضى منهم، وتقوم بشراء أماكن وفتحها كمراكز طبية، ويتم إرسال المرضى على مراكزهم الخاصة لكى تحصل على ١٠٠% من قيمة الكشف، واصفا ذلك بأنه احتكار للخدمة الطبية.
وأضاف: من ضمن مخالفات تلك التطبيقات أنها توفر الدواء أيضًا وهو أمر مخالف ويتم التنبيه على الأطباء بمنع وجود أدوية فى العيادات لأن مكان الدواء فى الصيدلية فقط، وليس عيادة أو موقعا إلكترونيا، مشيرا إلى أنه سيتم عقد اجتماع بين الأطراف المعنية بتلك المشكلة لوضع حل لتلك الشركات والتطبيقات من أجل المصلحة العامة.
وتابع بأنه مؤخرا أصبحت شركات التسويق الطبى تروج للكشف الطبى عبر التليفون، وهو أمر غير قانونى، لذا سيتم بحث حلول لوقف ما يحدث من تجاوزات.
الدكتور «م.ص»، تحفظ على ذكر اسمه، كشف لـ"فيتو" عن تفاصيل التعاقدات بين الأطباء وبين إحدى شركات التسويق الطبى، مشيرا إلى أنه في بداية إنشاء الشركة منذ سنوات كانت تحصل على نسبة ٣٥% من قيمة الكشف، قائلا: "أرى أنها نسبة كبيرة ولكن اعتبرتها جزءا من التسويق"، ثم بعد ذلك تم تحميل الطبيب قيمة الضريبة المضافة ١٤% أي أن النسبة تصل إلى نصف قيمة الكشف، على الرغم من أن المنشأة الطبية لا تدفع الضريبة المضافة، وهى حق على الشركة أن تدفع الضريبة، إلا أن الشركة تحصل على نسبتها الصافية، وتحمل الطبيب قيمة الضريبة المضافة، وظل الأمر على ذلك.
وكشف عن وجود مخالفات لتلك الشركات منها أن جزءا كبيرا من المرضى وهمى، وترسل الشركة لنا حجوزات، وعند التواصل مع الرقم للمريض تجده خارج الخدمة، وتحاسب الشركة الطبيب على المرضى الذين لا يحضرون للعيادة.
وذكر مثال بأن الشركة تحاسب الطبيب على ٣٠ كشفا ويأتى منهم فقط ٤ حالات، ولا تعطى الشركة رقم الطبيب وعنوانه للمريض إلا من خلال الحجز، مشيرا إلى أن الشركات تدفع إعلانات لمحرك البحث جوجل على أسماء الأطباء، ويمكن لمريض لديه معرفة بالطبيب ويبحث عن اسمه على محرك البحث جوجل لمعرفة عنوانه ورقمه فيجد تطبيقات شركات التسويق الطبى تظهر أمامه.
والمريض لا يعرف ذلك، فيحجز موعد الكشف لدى الطبيب عن طريق الشركة، ويحسب لها مريض، رغم أنه يمكنه أن يصل للطبيب بدونهم، مشيرا إلى أنه خلال الأيام الماضية بدأت الشركات فى تطبيق الاستشارات الطبية عن طريق التليفون، ويتواصل مندوبون من الشركة مع الأطباء لعرض ذلك عليهم، ويتم إيهام الطبيب بأنهم حاصلون على موافقات من نقابة الأطباء ووزارة الصحة، وهذا غير قانونى، ولم يحصلوا على موافقات لأنه ممنوع الكشف عبر التليفون.
وأضاف أن تلك الشركات بدأت فى افتتاح عيادات لحسابهم وتوفير الأطباء بها للكشف لديهم، وأصبحت منظومة التسويق الطبى ليست شريكا فى المنظومة الطبية، بل يسخرون الأطباء للعمل لديهم، لافتا إلى أن الأمر زاد بعد ابتكار فكرة التعاقد عن طريق الباقات الشهرية التي يدفعها الطبيب المشترك معهم أول الشهر، وهى ثابتة سواء جاء مرضى للعيادة أم لا، ويتم تقسيم الباقات حسب المنطقة السكنية، أقلها ١٠٠٠ و١٢٠٠ و٣٩٠٠ جنيه، وتضم الباقة الحجز لـ١٠ مرضى، وإذا زاد عدد المرضى عن ١٠ يكون لهم حساب خاص، وهو ٣٠٠ جنيه على المريض خارج الباقة، وفى حالة لم يأتِ مرضى للطبيب فالشركة حصلت على قيمة الباقة.
وتابع بأن الشركة بذلك تحصل على قيمة الكشف من الطبيب وكأنه يعمل لديها، ولا يمكن رفع سعر الكشف لأن الطبيب بذلك يفقد جزءا من مرضاه، متسائلا كيف يدفع الإيجار والضرائب وأجر العاملين فى العيادة من السكرتارية وخلافه.
تطبيقات الشركات
وأكد أن تطبيقات الشركات التسويق الطبى تعطى المريض حق تقييم الطبيب بدون حق الرد من الطبيب، فرضًا المريض أعطى تقييمًا خاطئًا أو به ظلم للطبيب كيف لا يرد الطبيب؟! مشيرا إلى أنه يوجد على التطبيقات أسماء أطباء ليسوا أطباء أصلا، أو حاصلين على دراسات عليا، متسائلا أين الرقابة على أسماء الأطباء فى تطبيقات الشركات، وأين موقف الضرائب التى تراجع عليهم، منوها بأن الشركة غيرت طريقة المحاسبة دون موافقة الأطباء على ذلك.
من جانبها قالت الدكتورة رانيا العيسوى، وكيل نقابة الأطباء، إن ما يتم من أساليب دعاية وإعلان لشركات التسويق الطبى مخالف للائحة آداب المهنة، مضيفة أنه حتى الآن لم يتم تطبيق الاستشارات الطبية عن بعد، وأى جهة تفعل ذلك هى مخالفة للقانون، مؤكدة أنه جار إعداد قانون للتطبيب عن بعد ولم يتم الانتهاء منه حتى الآن، لذا أي استشارات طبية عن طريق التليفون هى أمر مخالف مطالبا الجهات المسئولة بوقف كل ذلك، مشيرة إلى أنه يسيطر على المشهد حالة من العشوائية فيما يتعلق بشركات التسويق الطبى.
وقالت لـ“فيتو” إن حصر المرضى بالإعلانات أمر يخالف لائحة آداب المهنة، مؤكدة أن نقابة الأطباء ليس لديها سلطة أو ضبطية قضائية على تلك الشركات، مشيرة إلى أن النقابة أيضًا لم توافق على أي استشارات طبية عن بعد كما تدعى تلك الشركات.
وتابعت حديثها بأن دعوات الأطباء لمقاطعة تلك التطبيقات والشركات جاء نتيجة سوء التعامل مع الأطباء وهى مبادرات ذاتية من الأطباء أنفسهم.
بدوره قال الدكتور هانى سامح المحامى، إن شركة التسويق الطبى الشهيرة المتعاملة مع العيادات الطبية تمارس نوعا من الوساطة غير المرخصة خارج نطاق القانون، حيث لم تتحصل على أي تراخيص من وزارة الصحة بذلك، مشيرا إلى أن القوانين الطبية تمنع الوساطة فى تقديم خدمات العيادات الخاصة، وتعتبر الدعاية والإعلان عن العيادات نوعا من المخالفة المهنية لآداب مهنة الطب.
وذكر "سامح" أنه فى حال تم انطباق قانون الوساطة التجارية على تلك الشركة فإنها يجب أن تخضع لضوابط القانون 21 لسنة 2022 فيما يتعلق بالوساطة الإلكترونية والوكالة التجارية فى إبرام التعاقدات مع المرضى بما تشمله من لزوم القيد بالسجلات وإدراج جميع التعاملات المالية إلكترونيا مع إبلاغ الضرائب عن قيمة التعاملات خلال ثلاثين يوما من تمامها.
وقال إن عمولة الوساطة أو التسويق الإلكترونى يحكمها الاتفاق العادل بين الأطراف مع رقابة قضائية على القيمة المتفق عليه، مطالبا الأطباء حال تضررهم من قيام أي جهة بالتلاعب بمبادئ السوق الحرة بتقديم البلاغات إلى جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية ضد تلك الشركات، فيما تم تحريك دعوى قضائية بمجلس الدولة ضد إحدى شركات التسويق الطبى للصيدليات لتعديها على قانون مزاولة مهنة الصيدلة بإنشاء وإدارة الصيدليات على خلاف القانون، مطالبا بمحو سجلها التجارى وإلغاء ترخيصها، وقد صدر حكم قضائى من محكمة جنح بإدانة التطبيقات الإلكترونية للوساطة والتسويق الصيدلى مع إلغاء تراخيصها.
نقلًا عن العدد الورقي…،