رئيس التحرير
عصام كامل

النائب ضياء داود: مصر وقعت في فخ المديونية.. ونحتاج حوارا وطنيا حول أولوية المشروعات (حوار)

النائب ضياء الدين
النائب ضياء الدين داود

حل مشكلات الصحة والتعليم أفضل من بناء المساجد والكنائس والأبراج


الكارثة أن الديون تذهب لمشروعات غير ضرورية وليست إنتاجية 


الموازنة تلتهم موارد الدولة والتوسع فى الاقتراض وراء زيادة الدين


أرقام الأجور لا تترجم واقع زيادة الأسعار وارتفاع التضخم

 

على الرغم من موافقة مجلس النواب بشكل نهائى على الموازنة العامة للدولة والخطة الاقتصادية والاجتماعية للعام المالى 2022/2023، والتى من المقرر أن يبدأ العمل بها اعتبارا من ١ يوليو الجارى، إلا أن النائب ضياء الدين داود، عضو مجلس النواب، أحد الذين تمسكوا بالرفض الكامل للموازنة ووصفها بـ«التعاسة».


يرى النائب أن سياسات الحكومة «حزينة»، واعتبرها السبب الرئيسى فى عجزها عن علاج المشكلات الهيكلية واستمرار أزمات المواطنين فى العديد من ملفات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية.


عدد النائب ضياء الدين داود خلال حوار لـ«فيتو» أبرز أسباب رفضه للموازنة العامة للدولة، وأرجعها إلى التوسع فى القروض وما يترتب عليها من التهام خدمة الدين وفوائد القروض لأغلب موارد الدولة، والتى بلغت فى موازنة 2022/2023، نحو 690.1 مليار جنيه بواقع 33.3% من المصروفات.


وبشأن الفوائد والأقساط معًا، أوضح داود أن فى موازنة 2010/2011 بلغت 167.3 مليار جنيه، تمثل 34% من الاستخدامات، قائلا: "شعب مصر كله يعمل تحت إيد الديان"، وإلى نص الحوار:

 

*ما أبرز الإشكاليات فى الموازنة العامة للدولة والتى وافق عليها مجلس النواب؟

أبرز الملاحظات وأكثرها خطورة للأسف الشديد أن مصر وقعت فى فخ المديونية الداخلية والخارجية ووصلت لمرحلة المزيد من الاقتراض لسداد الفوائد والأقساط.

 

*وما أبرز مخاطر التوسع فى الاقتراض؟

فى قرض صندوق النقد الدولى 2016 تعهدت الحكومة بتخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار والاستمرار فى الخصخصة وبيع الأصول والتحول من ضرائب المبيعات إلى ضريبة القيمة المضافة وتعديل تشريعات الخدمة المدنية والتأمينات الاجتماعية، وقانون العمل، وانسحاب الحكومة من الأنشطة الاقتصادية ومنح حصة أوسع للقطاع الخاص، والتوسع فى المزايا والإعفاءات للمستثمرين، وفرض سياسة للحماية الاجتماعية لحماية من يسقطون تحت خط الفقر بعد تنفيذ روشتة الصندوق.

 

*إذن فإن خطورة القرض لا تتعلق بقيمته؟

بالفعل الأمر لا يتعلق بقيمة القرض إن كان 3 مليارات أو 12 مليارا، ولكن المشكلة فى الشروط والمتطلبات التى يحتاجها الصندوق وانعكاساتها على الفقراء ومحدودى الدخل.

 

*وكم تمثل قيمة القروض فى حجم الموازنة العامة للدولة؟

تعتمد الموازنة فى تدبير ما يقرب من نصف مواردها على القروض المحلية والخارجية، حيث يتم استخدام الاقتراض وإصدار الأوراق المالية "أذون الخزانة" والتى يتم استخدامها لتغطية العجز ونقص الإيرادات الحقيقية المحصلة.

 

*وبعد الموافقة على موازنة العام المالى الجديد الذى يبدأ بعد أيام.. كم بلغت فوائد الدين؟

ارتفعت قيمة فوائد القروض المسددة من 85.1 مليار جنيه وتمثل 21.2% من المصروفات فى موازنة 2010/ 2011، إلى 690.1 مليار جنيه والتى تمثل 33.3% من مصروفات الموازنة للعام المالى 2022/ 2023.

 

*أشرت إلى أنه يتم سداد الفوائد والأقساط بقروض أخرى؟

بالطبع، لا يتوقف الأمر عند سداد الأقساط والفوائد التى تلتهم أكثر من نصف استخدامات الموازنة، بل يمتد الأمر إلى الإيرادات التى لا تكفى لتغطية الاستخدامات، فيتم اللجوء إلى الحصول على قرض جديدة لتغطية فجوة الموارد المحلية، بدلا من البحث عن حلول لزيادة الإيرادات لتغطية الاستخدامات.

 

*فى ظل ضعف الموارد كما ذكرت.. أليست القروض الطريق الوحيد لتمويل المشروعات التنموية التى تقوم بها الدولة؟

الكارثة فى أن هذه الديون لا تذهب لتمويل مشروعات إنتاجية تدر عائدا يضمن سداد الفوائد والأقساط، ويحقق قيمة اقتصادية مضافة، ولكن للأسف يوجه الجانب الأكبر من هذه القروض لتمويل مشروعات بنية أساسية بعضها لم يكن ضروريا وملحا فى ظل ضعف الإنتاج الزراعى والصناعى وضعف الإيرادات الضريبية.

 

*لديك ملاحظة أيضًا على بند الأجور فى الموازنة العامة للدولة والتى بلغت 400 مليار جنيه فى الموازنة الجديدة بزيادة 38.9 مليار جنيه عن العام المالى الحالى؟

باب الأجور وتعويضات العاملين فى الموازنة العامة للدولة يقتصر على أجور العاملين فى الجهاز الإدارى للدولة والمحليات والهيئات العامة الخدمية فقط، بينما أجور العاملين فى الهيئات الاقتصادية وشركات القطاع العام لا تظهر فى بيانات الموازنة، ولكن توجد موازنات مستقلة للهيئات العامة الاقتصادية وللشركات القابضة.

 

*وماذا عن الأرقام المرصودة فى الموازنة الجديدة؟

عند الحديث عن مخصصات الأجور فى الموازنة العامة للدولة لا يجب أن ننظر إلى القيمة النقدية لهذه المخصصات.

 

*لماذا؟

لأنها متغيرة بتغير عدد العاملين ومعدلات التضخم وارتفاع الأسعار.

 

*وبناء عليه؟

علينا أن ننظر إلى أهمية الأجور الحكومية وإلى إجمالى مصروفات الموازنة وإجمالى استخدامات الموازنة والناتج المحلى الإجمالى، وكذلك علينا النظر أيضًا إلى الوظائف الدائمة وحجم الأجور المتغيرة وأهميتها، ثم مقارنة الإنفاق المخصص فى المشروع الحالى ومقارنته بالسنوات الأربع الماضية، كى نقيس ونقيم الأرقام بشكل دقيق.

 

*وما أبرز دلالات الأرقام فيما يتعلق بأجور بعض الفئات؟

على سبيل المثال هناك عجز كبير فى أعداد المعلمين بواقع يمثل نحو 320 ألف معلم، إضافة إلى ما بين 25 لـ30 ألف معلم يجب دخولهم الخدمة سنويا لسد العجز وتعويض المحالين إلى المعاش، وكذلك الأمر بالنسبة للأطباء والصيادلة، والذى يصل لنحو 67% من الأطباء، لا سيما أن أغلبهم يعمل بالخارج أو يحصل على إجازة للعمل الخاص بسبب تدنى الأجور وزيادة ساعات العمل وغياب الراحات، لذلك علينا أن نقول: أيهما أفضل للتنمية والمستقبل بناء أكبر مسجد وأكبر كنيسة وأعلى برج وأسرع قطار كهربائى أم جودة التعليم والصحة؟

 

*هل هذه كل الملاحظات بشأن الموازنة العامة للدولة؟

بالطبع لا، يوجد هناك العديد من الملاحظات والتى أوردها تقرير لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب بواقع ٥٢ توصية، تضمنت العديد من الملفات وارتكزت فى الأساس على زيادة الإيرادات والحد من الاعتماد على القروض، إلا أن الإشكالية الأهم هى القروض وما تسببه من إرهاق لموازنة الدولة.

 

*إذن برأيك.. كيف يمكن الخروج من فخ عجز الموازنة العامة للدولة؟

الأمر يحتاج لسياسات مالية ونقدية مختلفة، مع ترتيب الأولويات بالنسبة للمشروعات، والتوسع فى تمويل الاستثمار فى قطاعات الزراعة والصناعة وكافة القطاعات التى تحقق قيمة مضافة وعوائد حقيقية، وكذلك العمل على توفير السلع التى يحتاجها المواطنون وتقليل الفجوة الغذائية وتوفير فرص عمل حقيقية دائمة وليس موسمية.

 

*بمناسبة الحوار الوطنى.. هل هناك مقترحات أبعد من الخوض فى الملفات السياسية فقط؟

نحن فعلا فى حاجة لحوار وطنى حول أولوية المشروعات فى المرحلة الراهنة، وبحث سبل النهوض بقطاعات الزراعة والصناعة بما يساهم فى زيادة موارد الدولة وزيادة الصادرات والحد من الواردات، وبما يساهم بشكل كبير فى الحد من زيادة العجز فى الموازنة العامة للدولة.

 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"…

الجريدة الرسمية