مصطفى رجب يكتب: أعيدوا الندوات التطبيقية
أثار قرار إلغاء ندوات المناقشة التى تعقد بعد عرض المسرحيات حالة من الحزن فى الأوساط المسرحية، وذلك لأن هذه الفعاليات مهمة فالنقد هو الوجه الآخر للإبداع، يدرس بفهم ويشخص بخبرة ويتكلم بحكمة ويقوّم بيد حانية، لذلك لابد من عودة هذه الندوات.
قرار استبعاد الندوات التطبيقية المصاحبة للعروض، جاء بحجة أنها تقام فى أوقات غير مناسبة، وتتسبب فى مشاكل بين صناع العروض والنقاد، لكن يمكن أن ندرك قيمة الندوات التطبيقية بسؤال أصحاب التاريخ الفارق وأصحاب التجارب الجادة، الذين تطورت أدواتهم وعروضهم عن طريق تلك الندوات التطبيقية للعروض، التى كان يقيمها المهرجان التجريبى خلال سنواته الأولى، والحقيقة أن أثر تلك المشكلة لا ينعكس فقط على صناع العروض، بل أيضًا على مستوى النقد والنقاد أنفسهم.
تثقيف الجمهور
الندوات تطور أدوات النقاد وتطور وعيهم بالنقد الشفاهى، وتضع يد صناع العرض على العناصر الفائقة فيه، ومشاكله الفنية وكيفية تطويرها فالندوات التطبيقية تعمل على تثقيف الجمهور، إذ تتحدث عن العرض المسرحى بشكل كامل، وتوضح طريقة صناعته ومدارسه وطبيعة الصورة المسرحية.. هذه الندوات تجعل المبدعين يعيدون تأمل عروضهم ومشاكلها، كما نستطيع من خلالها التعرف على الهدف من المنتج المسرحى الذى يجرى تقديمه.
وتظهر قيمة هذه الندوات فى عروض الثقافة الجماهيرية فى الأقاليم، لأننا نعانى بسبب عدم جاهزية العروض، وتسهم الندوات فى تطوير الأداء، إذ تساعد صناع العروض فى تطوير فكرتهم وتنفيذها، كما تثرى حركة النقد الشفاهى، ونحن نحتاجه بشدة فى ظل ندرة المساحات المخصصة للمتابعات المسرحية.
أبعاد العرض
في المجمل، الندوات التطبيقية مفيدة ومهمة جدًا، لأنها تحلل العرض المسرحى وتطرح سؤالًا حول جدواه، فيحدث إعمال للعقل وبحث عن أهداف النص والعرض، وتساعد الندوة المتلقى العادى فى أن يفهم أبعاد العرض الذى شاهده، وتمكن الجمهور من قراءة علامات العرض المسرحى.
وإذا كان اختفاء الندوات التطبيقية فى المهرجانات يعود إلى كثرة فعاليات المهرجان وضيق الوقت، فأقترح تقليل عدد الفعاليات فى اليوم الواحد أو إيجاد بديل مواكب للعصر، مثل البث على موقع «يوتيوب»، عبر تقديم الندوات أون لاين.
التكنولوجيا تجبرنا على التفكير بشكل مغاير، ولنتساءل: هل ما زال المسرح فنًا جاذبًا لصناعه أنفسهم وللجمهور؟ وما دور الوسائط الإعلامية والسوشيال ميديا فى استعادة هذا الجذب؟