انقسام سياسي حول الدستور التونسي.. وقيس سعيد يعلنها ثورة تصحيح حتى النهاية
تعيش تونس حالة من الانقسام السياسي بعد اعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عن الدستور الجديد والذي اكد من خلاله على استكمال ثورة التصحيح حتى النهاية بعد ان لفظ الشارع نظام الاخوان في تونس ما ترتب عليه اصلاحات سياسية بدأت بحل البرلمان التونسي.
تونس
وعلى ضوء ما عاشته تونس من تجربة تعيسة مع نظام الإخوان الذي تمكن رجاله من فرض السيطرة على زمام البلاد عن طريق حكم البرلمان بحسب الدستور التونسي، استجاب قيس سعيد لنداء الشارع واستكمال ثورة التصحيح حتى النهاية باستفتاء على دستور جديد طرح بنوده امس الخميس ما أشعل الأجواء في تونس.
وكانت الفصول المتعلقة بصلاحيات رئيس الجمهورية، ودور البرلمان، الأكثر إثارة للغط بين مؤيديها ورافضيها
وسيمنح الدستور الجديد، إذا مر في الاستفتاء المرتقب في الـ25 يوليو الجاري، الرئيس صلاحيات واسعة مقابل تهميش البرلمان، الذي سيكون من جسمين تشريعيين ومقرهما تونس العاصمة.
ونص المشروع على أن ”رئيس الجمهورية يمارس الوظيفة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة“ يعينه الرئيس“.
وستكون هذه الحكومة -وفق النص- ”مسؤولة عن تصرفاتها أمام رئيس الجمهورية“، وليست ”بحاجة لأن تحصل على ثقة البرلمان لتزاول مهامها“.
كما يمكن للرئيس أن ”ينهي مهام الحكومة أو مهام أي عضو منها تلقائيا“، ما يعني أن البلاد ستنتقل إذا ما أقر هذا المشروع من النظام البرلماني الحالي، إلى نظام رئاسي.
التحول من نظام برلماني لنظام رئاسي
وقال الناطق الرسمي باسم اتحاد الشغل التونسي سامي الطاهري، اليوم الجمعة، إن المكتب التنفيذي للاتحاد يجتمع اليوم، مع عدد من الخبراء في القانون الدستوري والقضاء من أجل بلورة الأفكار حول مشروع الدستور المعروض من رئاسة الجمهورية“.
وأضاف الطاهري أن ”هيئة ادارية وطنية لاتحاد الشغل ستجتمع غدا السبت لإعلان موقفها إزاء المشروع“.
وأكد في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية التونسية، أن ”المنظمة النقابية ليس لها أي موقف مسبق قبل انعقاد اجتماع الهيئة الإدارية المرتقب بعد ساعات من نشر مشروع الدستور، الذي يتضمن 142 فصلًا ستعرض على الاستفتاء الشعبي المنتظر“.
حركة نداء تونس
من جهته، قال القيادي في حركة نداء تونس منجي الحرباوي، إن ”هذا الدستور كان متوقعا وهو دستور قيس سعيّد وليس دستورا حوله توافق بين التونسيين“.
واعتبر الحرباوي، أن ”الدستور مشبع بقيس سعيّد وبالقانون والضوابط القانونية“.
وأوضح أنه ”في دستور 1959 كان هناك روح النضال والزعيم الحبيب بورقيبة وفي حرية المرأة والنظام الجمهوري بعد النظام الملكي والتعليم الإجباري والمجاني“.
وتابع: ”دستور 2014 نفس الشيء كان إفرازا لنضالات رغم هناته، وكان مركزا على موضوع معين هو الحريات والديمقراطية، ولكن هذا الدستور هو دستور فيه روح رئاسوية وسلطة فردية للرئيس ومركزية السلطة بيديه“.
واعتبر أنه من ”المستحيل أن تعود تونس إلى الاستبداد، فقد وصلنا إلى مستوى من الحريات لا بأس به ولن نتخلى عنه، لا خوف على الحريات لأن الضمانة لدى الشعب التونسي، لكن الخوف من مركز السلطة في شخص واحد وهو الرئيس“.
حزب العمال والإنجاز
محاكاة بدوره، قال القيادي في حزب العمل والإنجاز (حديث النشأة الذي انضم بسرعة إلى جبهة المعارضة) زبير الشهودي إنها ”لا توجد مفاجآت في هذا الدستور“.
وأضاف الشهودي أن ”الدستور ضمّنه قيس سعيد أفكاره وسفه في الوقت نفسه كل من تحدثوا باسمه، خاصة لجنة الصياغة ولجنة الشؤون الاجتماعية“.
وأشار إلى أن ”كل كلام أعضاء هذه اللجان لم نجد له أثرا في الدستور، وهو دستور قيس سعيد بامتياز“.
وتابع: ”قيس سعيد صاغ الدستور حتى يحوز على كل السلطات فكيف سنتعامل كحزب مع هذا الموقف؟ أكيد سنكون صلب القوة الوطنية التي لها موقف واضح تجاه الدستور والاستفتاء من أصله“.
وأكد الشهودي أن ”المسار برمته محل اعتراض وهناك مؤشرات سلبية جدا حيث تم غلق الباب أمام المعارضة لشرح موقفها من الاستفتاء ومقاطعته“.
ورأى أن هذا ”مؤشر على غلق كل المنافذ أمامنا للتأثير على الرأي العام، وهذه خطوات إلى الوراء في تاريخ تونس“.
ورجح أن ”يأخذ هذا الدستور زمانه ثم يتم طي صفحته كأي دستور، لكن هناك مخاوف على الديمقراطية بعد إنهاء دور الأحزاب وتهميش دور البرلمان نهائيا ومركزة السلطة بيد الرئيس“.
حزب التحالف من اجل تونس
في المقابل، اعتبر رئيس حزب التحالف من أجل تونس، سرحان الناصري، أن ”هذا الدستور سيمر بنعم في 25 يوليو الجاري، لأنه سيقطع جمهورية الفساد والفشل ويفتح الباب أمام جمهورية جديدة“.
وأكد الناصري أن ”نجاح الدستور والاستفتاء سيكون نجاحا للجمهورية التونسية وليس لقيس سعيّد“.
وأضاف أن ”الشعب التونسي أمام مسؤولية تاريخية لإنجاح الاستفتاء“، مبينًا أن ”حزب التحالف من أجل تونس فخور بقبول كل مقترحاته في عملية صياغة الدستور الجديد للجمهورية التونسية“.
حزب التيار الشعبي
لكن الأمين العام لحزب التيار الشعبي الموالي لرئيس الجمهورية، زهير حمدي، لم يبد موافقته المطلقة على مشروع الدستور.
وأكد حمدي بحسب "إرم" أن المكتب السياسي للحزب سيجتمع عشية اليوم الجمعة لبحث موقفه النهائي من الدستور الجديد.
وكان حمدي، قد قال في ساعة متأخرة من مساء يوم أمس الخميس، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي ”فيسبوك“: ”الليلة كانت ليلة سقوط اللوبي الصهيو-فرنكفوني في تونس“.
من جهتها، اعتبرت العضو في اللجنة المكلفة بصياغة الدستور فاطمة المسدي، أن المسودة التي قدمت من اللجنة تم تعديلها في إشارة إلى الدستور الجديد.
وذكر عميد المحامين إبراهيم بودربالة، الذي ترأس أحد اللجان الفرعية للهيئة المكلفة بصياغة الدستور، أن ”الدستور الذي نشر في الجريدة الرسمية ليل الخميس لا يتطابق مع المسودة التي قدمتها اللجنة“.
وأشار بودربالة في تصريحات أوردتها وسائل إعلام محلية، إلى أن ”رئيس الدولة هو صاحب المشروع ونحن لجنة استشارية“ وفق تعبيره.
ليبقى الجواب النهائي عند الشعب التونسي وحده ليحدد مصيره في استفتاء شعبي منتظر على مسودة الدستور الجديد بعد فترة حالكة من الفساد والتردي لم تنتهي الا بالهدم الكامل للمؤسسات التي تملكها نظام الاخوان في تونس ما تسبب في حالة من الفتنة والتحفز داخل الشارع التونسي.