رئيس التحرير
عصام كامل

الاتحاد الأوربي يزلزل إسرائيل.. الاعتراف بأن الضفة الغربية والقدس الشرقية والجولان أراضٍ محتلة.. الإرشادات ترهن علاقة أوربا وتل أبيب بالموافقة.. ونتنياهو: لن نقبل بإملاءات خارجية بخصوص حدودنا


ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في عددها الصادر اليوم الأربعاء أن الاتحاد الأوربي طالب إسرائيل بان الضفة الغربية والقدس الشرقية ومرتفعات الجولان السورية هي اراضي محتلة كشرط لعقد أي اتفاقات مستقبلية معها وصف بأنه "زلزال دبلوماسي".

وقالت الصحيفة أن رسالة الاتحاد الأوربي بهذا الخصوص وصلت إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية قبل 10 أيام ولكن معظم الوزراء في الحكومة فوجئوا بها.. وفيما يأتي نص تقرير الصحيفة عن الموضوع:

"وصف مسئول إسرائيلي رفيع المستوى الارشادات الجديدة التي ترهن الاتفاقات المستقبلية مع الاتحاد الأوربي مع إسرائيل باعتراف الاخيرة بان الضفة الغربية والقدس الشرقية ومرتفعات الجولان هي اراضي محتلة بأنه "زلزال".

ويتوقع الإعلان رسميًا عن الارشادات التي وضعتها المفوضية الأوربية يوم الجمعة المقبل. وكانت "هآرتس" كشفت امس الثلاثاء أن الوثيقة وزعت على جميع مؤسسات الاتحاد الأوربي، وصناديق الاستثمارات ومنظمات المساعدات الأوربية قبل اسبوعين، وكذلك على جميع الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأوربي. ويبدأ سريان مفعولها في الأول من كانون الثاني (يناير).

وقال نتنياهو في ردفعل حاد: "لن نقبل باي املاءات خارجية بخصوص حدودنا". وقد فوجيء معظم أعضاء مجلس الوزراء. ووصف وزير الاقتصاد نفتالي بنيت القرار بأنه "هجوم إرهابي اقتصادي". ووصفه وزير المالية يائير لبيد بأنه "يؤسف له وخاطىء في توقيته"، مضيفًا أن "كل يوم لا تجري فيه إسرائيل محادثات يضر بمكانتها الدولية أكثر". وفي غضون ذلك، دعت زعيمة المعارضة شيلي ياكيموفيتش إلى استئناف فوري للمفاوضات.

وقال مسئول رفيع المستوى في وزارة الخارجية أن المعلومات عن خطط الاتحاد الأوربي لإصدار ارشادات جديدة وصلت إلى وزارة الخارجية قبل 10 ايام عندما اتصل مدير فرع الشرق الأوسط في خدمة العمل الخارجي في الاتحاد الأوربي كريستيان بيرغر بسفير إسرائيل لدى الاتحاد الأوربي ديفيد فالزر وابلغه بالخطوة واقترح إجراء محادثات بشأن المسألة قبل 19 تموز (يوليو) أي يوم الجمعة، وهو الموعد الذي ستنشر فيه الارشادات رسميًا.

وبعث فالزر بالنبأ إلى وزارة الخارجية واطلقت اتصالات دبلوماسية لمحاولة فهم أهمية الخطوة ودقائق الارشادات.

بعد نشر التقرير، حذر مسئول رفيع في الإدارة الأمريكية مشارك في المحاولات لاستئناف محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين من أنه إذا فشلت جهود وزير الخارجية جون كيري لتنشيط المحادثات، فان الاتحاد الأوربي سيتخذ إجراءات أضافية ضد المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

وقال المسئول مشترطا عدم الكشف عن هويته: "الأوربيون يعطوننا وقتا لاكمال الجهود الرامية إلى استئناف المفاوضات. ولكن إذا لم ننجح، فسيريدون الذهاب إلى اتجاهات أخرى واتخاذ إجراءات. الاسرائيليون يعرفون ذلك جيدًا".

وقال مصدر في وزارة الخارجية أن المعلومات الأولية من السفير لدى الاتحاد الأوربي تحدثت عن "بند اقليمي" (متعلق بالاراضي) في الاتفاقات التي ستلزم إسرائيل بالاعتراف بأنها ليست ذات سيادة في الاراضي الواقعة وراء الخط الأخضر. وأضاف المسئول: "ولكنهم قالوا ذلك من قبل، ولم نعرف بالضبط ما الذي عنوه".

لم تتضح خطورة الموقف للدبلوماسيين الاسرائيليين الا بعد أسبوع، ووصلت صباح الإثنين وثيقة أولية تجمل تفاصيل الارشادات الجديدة إلى طاولة نائب رئيس الوزراء زئيف ايلكن وتبين أن الارشادات مفصلة وذات أهمية عملية أكثر بكثير مما تم تقديره في باديء الأمر.

بعد قراءة الوثيقة، ارسلها ايكن إلى نتنياهو فورًا، وصدم نتنياهو، وفقًا للمسئول في وزارة الخارجية.

وقال المسئول: "قبل ثلاثة اسابيع فقط اجتمع مع المسئولة العليا عن السياسة الخارجية في الاتحاد الأوربي كاثرين آشتون، وهي لم تقل كلمة واحدة عن الخطوة. وبالنظر إلى الوراء، لا يتضح إلى أي مدى كانت آشتون نفسها تعلم بالمسألة".

وأضاف المسئول أن نتنياهو فوجيء بصورة خاصة لأن آشتون وافقت على طلب نتنياهو تجنب إصدار إعلان من جانب وزراء خارجية الاتحاد الأوربي إعلانًا في نهاية يونيو عن عملية السلام لئلا يعرض ذلك للخطر جهود كيري لاعادة تنشيط محادثات السلام.

واستطرد المسئول: "نعتقد أن هذه الخطوة (الارشادات) هي نتيجة عمل موظفي الاتحاد الأوربي قاموا به تحت رادار المسئولين الدبلوماسيين".

اجتماع طارىء

قام ايلكن بإبلاغ نتنياهو بأنه ينوي عقد اجتماع بشأن الموضوع صباح الأربعاء، ولكن بعدما ظهر تقرير "هآرتس" قرر نتنياهو عقد اجتماع طارىء، حضر الاجتماع خبراء من وزارة الخارجية، ووزارة الاقتصاد ووزارة العدل إضافة إلى الوزيرين بنيت وليفني، ونائب رئيس الوراء ايلكن.

وقال مسئولان رفيعا المستوى كانا حاضرين لـ"هآرتس" أن ممثلي وزراء قالوا خلال المناقشات أنه لا سبيل في هذه المرحلة نحو اعطاء تقييم دقيق للضرر الاقتصادي الذي قد تتكبده الدولة والشركات الإسرائيلية الخاصة. ومع ذلك، فان جميع المهنيين الذين حضروا الاجتماع قالوا أنه إذا وضعت الارشادات موضع التنفيذ، فان تأثيراتها يمكن أن تسفر عن اضرار قاسية على الاقتصاد، والدراسات الاكاديمية، والثقافة، والرياضة ومجالات أخرى كثيرة.

كانت المشكلة الرئيسة التي قدمت في الاجتماع هي قضية الصلات غير المباشرة بين شركات إسرائيلية، كالمصارف والشركات الكبرى، والمستوطنات، ويخشى من أن الاتحاد الأوربي سيوقف، عن طريق استخدام الارشادات، التعاون مع المصارف، والسوبر ماركيتس والشركات الكبرى في إسرائيل والتي لها فروع خارج الخط الأخضر أو التي تشارك في مشاريع في المستوطنات. ويمكن أن تعاني شركات البناء والبنى التحتية الإسرائيلية اشد الضرر.

وقف ايلكن وبنيت موقفا متشددًا للغاية ودعيا إلى رد فعل حاد تجاه الاتحاد الأوربي، واقترحا أن يقدم نتنياهو انذارًا إلى الاتحاد الأوربي: إذا طبقت الارشادات، فستوقف إسرائيل الاتحاد الأوربي عن العمل في الضفة الغربية، وستجمد مشاريعها في المنطقة "ج" ولن تدرجها في عملية السلام باي شكل.
وقالت ليفني خلال الاجتماع أن إسرائيل يجب الا تتخذ إجراءات متطرفة قد تخرب جهود كيري وان "الطريقة الوحيدة لتحييد هذه الإجراءات الأوربية هي استئناف عملية السلام". وعارض نتنياهو أيضًا التصعيد قائلًا أن المسألة يجب احتواؤها. وقال مخاطبا بنيت وايلكن: "لا تنسيا اننا نحتاج لأوربا في مسائل أمنية حساسة خصوصًا في ما يتعلق ببرنامج إيران النووي".

انتهى الاجتماع باتفاق على محاولة تأخير النشر الرسمي للارشادات. وقد تقرر أن يتصل نتنياهو هاتفيًا بآشتون ويطلب منها ارجاء تاريخ النشر من بعد غد الجمعة إلى تاريخ لاحق والبدء في محادثات دبلوماسية بشأن المسألة.
وقال مسئول رفيع المستوى في وزارة الخارجية أن نتنياهو يعتزم أن يشرح لآشتون أنه إذا نشرت الارشادات، فسيكون تحت ضغط سياسي من الداخل لكي لا يبدي أي لفتات تجاه الفلسطينيين، وهو ما سيضر بالجهود لاستئناف المحادثات".
الجريدة الرسمية