واسيني الأعرج: رحيل جابر عصفور خسارة قومية
أقام المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور هشام عزمي بالتعاون مع مؤسسة سلطان بن علي العويس، استكمالا لفعاليات اليوم الأول للملتقى الدولي "جابر عصفور الإنجاز والتنوير"، حيث جاءت الجلسة الثانية تحت عنوان "جابر عصفور وقضايا التنوير..
ملتقى جابر عصفور
وأدار الجلسة "حسن مدن" من البحرين، وبدأت بكلمة الروائي واسيني الأعرج الذي قال إن خسارة جابر عصفور خسارة قومية وليست مصرية فقط، ولكنه كما وصف لديه شيء من التفاؤل أن الخير في "الخلف" من جيل سوف يحمل تلك الأفكار والرؤى الثقافية ويدافع عنها.
وعن محنة التنوير قال إن هذا المصطلح خاص بعصفور، لأن مسلك التنوير مسلك صعب بحق، وأضاف أن كل من قرأ نصوص جابر والدراسات في هذا المصطلح أو دفاعًا عنه يجد أن هناك معينًا واضحًا بشدة، وهو فهم الحاضر من خلال الغوص في الماضي ومنجزه الإبداعي، وأشار الأعرج أن التنوير كرؤية ومصطلح ظهر في فترة شديدة القسوة تمتلئ بسلسلة من الخيبات والخسائر في المجتمعات العربية، فجاءت أسئلة عصفور كي تضع سـؤال: لماذا كل تلك الهزائم؟ وأسئلة وكتابات عصفور النقدية والفكرية غيرت كثيرًا من أسلوب وأسس الطرح لمعظم القضايا الثقافية والنقدية، منها كما قال، العلاقة مع الدين - استغلال التيارات المتطرفة التي كان أسهل ما تقوم به هو التكفير، وأضاف الأعرج أن عصفور لم ينجز في مشواره الثري أي رؤية متطرفة أو منغلقة، بل استطاع أن يخضع المفاهيم الأساسية لسيل من التساؤلات، وحاول أن يجيب عنها بطريقته - كذلك نجده في مسيرته منحازًا للأسئلة المجتمعية، كذلك أضاف عنصر الفن بأشكاله كمؤثر في الرؤية النقدية، وهو ما لم يفعلها أقرانه من نقاد الغرب.
وعن تلاميذ عصفور قال الأديب شعبان يوسف إن لعصفور أيادي بيضاء عليهم جميعًا، وبأنه سيبقي دومًا الحاضر الغائب، كذلك على المثقفين، فما من مثقف إلا وتقاطع معه، وعن التنوع عند عصفور قال شعبان إنه يرى أنه "ناقد أدبي" في الأساس، فنقطة التنوير الواسعة التي أسس لها كانت في النقد الأدبي، تلك المساحة التنويرية التي كانت بمثابة هبة للمثقفين في وجه التيارات المتخلفة، وعن الشعر قال شعبان إن عصفور استطاع أن يضع كثيرًا من الأفكار النقدية والرؤى الخاصة جدًّا في نقده، سواء الشعر القديم أو الحديث، وكان نتاجها عددًا من الكتب في هذا الشأن، وكانت تعد من أكثر الكتب تغلغلا لفكرة التنوير.
ثم تحدث شعبان عن تجربة عصفور النقدية مع صلاح عبد الصبور منذ بدايته وحتى نهايته وكيف رأى عبد الصبور من الوهلة الأولى رغم تنوع منجزه أنه شاعر من طراز فريد.
وعن منجز عصفور الفكري والنقدي تحدث الدكتور نبيل عبد الفتاح، حيث أثنى على منجزه النقدي الترجمي، والتأليفي، كما وصفه بأنه امتداد لتيار واسع بدأ مع رفاعة الطهطاوي، وسلامة موسى، ولطفي السيد محمود شلتوت - كتيار استطاع الانفتاح على العالم الغربي.
كذلك أشار إلى أن مركزية جابر عصفور تأثرت كثيرًا بطه حسين، لذا نجده تمكن من تطوير وظيفة الناقد ليصبح ناقدًا لمجتمعه كذلك، كذلك فقد طور من الأفكار حتى دراسته النفسية حول الأدب تركزت على المدارس أكثر من تركيزها على تاريخ تطور الأفكار.
وعن الإرث الثقافي لدى عصفور قال إنه لم يعتمد على المركزية الغربية، بل تأثر أيضًا بابن رشد وغيره، ففي الحضارة الإسلامية كان هناك أسماء لها شأنها في تجاربها النقدية.