عبدالرحمن صلاح يكتب: لماذا لا تنتهي التريندات؟
لماذا لا تنتهي التريندات؟.. أهي ابتلاء العصر؟!!.. سؤال ظهر في وجداني أثناء استغراقي في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي ومشاهدة انتهاء تريند وظهور آخر جديد بعدها بأيام بل وحتي ساعات.. إذن فمن المسئول؟ ومن المتحكم في ظهورها؟
و"التريند" هو مصطلح جديد ظهر مع اعتماد الناس على استعمال مواقع التواصل الاجتماعي، وهو كلمة أو عدة كلمات يتم تداولها بكثرة عبر الشبكة العنكبوتية، فتقوم خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي برصدها ووضعها تحت بند "popular now - رائج الآن".
كما أن التريند ليس قاصرا على القضايا والمواضيع الاجتماعية التي يناقشها رواد تلك المواقع عبر شبكاتها، فمن الممكن أن تتحول أغنية أو فيلم أو مقطع فيديو أو صورة أو حتى شخص إلى "تريند".
هل الصحافة مسئولة عن التريند؟
الصحافة قادرة علي تدشين تريند، ولكن لم تعد "صاحبة الجلالة" بتلك القوة التي يظنها البعض، فيوما بعد يوم ومع انتشار السوشيال ميديا وصفحاتها ومنصاتها المختلفة التي تمتلك الآلاف بل والملايين من المتابعين داخل النطاق الجغرافي وخارجه، أصبح بإمكان المواطن العادي القيام بعمل الصحفي، كذلك انتشار كاميرات الهواتف، فمن النادر أن تجد شخص ما في هذا الزمن لا يمتلك كاميرا قادرة علي التسجيل في هاتفه المحمول الذي أصبح لا يفارق أحدا منا، بالإضافة إلى خاصية البث الحي التي تكفلها مواقع التواصل الاجتماعي لجميع روادها.. لذلك نستطيع الآن أن نقول بكل ثقة أن مخاطبة الرأي العام وتوجيهه لم تعد قاصرة علي الوسائل الإعلامية التقليدية.
وبكل صراحة، نستطيع القول ايضا إن الصحافة في الآونة الأخيرة أصبحت تابعا لمواقع التواصل الاجتماعي، فبعد ظهور التريند تبدأ الجرائد في التسابق علي نشر المحتويات المختلفة عنه دون اكتراث أو اهتمام بنوعية القضية المطروحة أو مدي فائدتها للقارئ، وذلك تلبيةً لتقارير محركات البحث علي شبكة الانترنت، والتي تحرص جميع الجرائد بلا استثناء علي متابعتها بشكل دوري، خوفا من دخول قائمة "جوجل" السوداء والوصول إلى "منطقة المهمشين والراكدون تحت التراب علي الشبكة العنكبوتية" ليعفو عليها الزمان فيما بعد، كما عفا عن جرائد أخرى كثيرة لم يعد أحد يسمع عنها شيئا خاصة من قرب انقراض الجرائد الورقية واعتماد القراء على الإنترنت، بالإضافة إلي إنعاش مواقعها بعدد لا بأس به من زيارات القراء الباحثين عن تلك القضية في محاولة بائسة منها لتأمين مصدر للدخل، بعد أن عصفت التكنولوجيا بجميع مصادرها التقليدية.
وللأسف أصبح التريند غاية الجميع في الآونة الأخيرة، إذ لم تعد تقتصر هذه الرغبة علي الفنانيين أو المغنيين أو المشاهير الباحثين عن تحقيق النجاحات والتربع بأعمالهم علي عرش محركات البحث ليستمروا تحت الأضواء لأطول فترة ممكنة... فمن في هذا الزمان لا يبحث عن الشهرة، فالشهرة أصبحت أسهل وسيلة لكسب العلاقات والأموال، ولكن للأسف لا يعلم الكثيرون شيئا عن ضرائبها، ولن يخبرك من وصلوا إليها شيئا عن كواليس معاناتهم وآلامهم والضرائب التي يدفعونها ثمنا لها.
وبالرغم من كل ذلك إلا أنه من الممكن أن يساهم "التريند" في رقي المجتمع، ولكن ذلك سيأتي عندما يتحد الرأي العام ويتوحد الوعي الجمعي علي القضايا الأخلاقية أو المجتمعية الهادفة، وليست تلك المواضيع التافهة التي تعج مواقع التواصل الاجتماعي بـ "لايكات وكومنتات ومشاركات" روادها، حينها فقط نستطيع أن نقول أهلا بـ "التريند".