رئيس التحرير
عصام كامل

الحمار والبردعة في حوادث القتل والانتحار!

طالب يقتل زميلته في الشارع أمام المارة، وحالتان انتحار بعدها بعدة ساعات، ومنذ أسابيع انتحر زميل صحفي في الأهرام، وكلنا نتذكر حادثة الإسماعيلية، ثم جريمة قتل قسيس في الشارع بالإسكندرية، ومقتل أربعة شباب على يد شاب سكير، هذه الحوادث ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة، لأننا باختصار شديد لا نفعل شيئا لمحاصرة الخطر الذي يضرب جذور مستقبل مصر، هذه الجذور هم شباب مصر وحاضر وأمل مصر في المستقبل، الجميع مشغول بأى شىء إلا الانشغال بالقضايا المهمة الحقيقية.. 

 

لا أحد يقيم ويقدم الحلول، ولا أحد يضع كل حادث في حجمه الطبيعي دون الثرثرة وخلط الأوراق، وللأسف أصبح هناك شماعات جاهزة وكلمات معلبة نرددها بلا وعى ونحن لا ندرك إننا عندما نبتعد عن الحقيقة فإننا نشجع على تكرار الحوادث!

 

السؤال الأول الذي أطرحه على الجميع: ماذا تقدم الدولة إلى الشباب لكى يصبح قادرا على تحمل المسئولية وصنع المستقبل الباهر لمصر؟ وعندما أسأل عن دور الدولة ليس المقصود هنا دور وزارة الشباب، لآن الشباب المسئول عنه تقريبا كل الوزارات، وزارة التربية والتعليم التى أغلقت فصول مدارسها وتركت الطلبة إلى مراكز الدروس الخصوصية فقط، هذا يعني باختصار تخلى وزارة التربية والتعليم عن دورها في التربية وأيضا التعليم..

ماذا قدمنا للشباب؟

 

 في الزمن الماضى كان في كل مدرسة أخصائى اجتماعى، كان يراقب الطلبة ويقوم بحل مشاكلهم سواء التعليمية أو الشخصية والتعرف على حالات التلاميذ الفقراء أو أصحاب الحالات الخاصة..الخ لم يكن دور الاخصائى الاجتماعى هامشيا -مقصورا على تنظيم الرحلات أو الحفلات التى لم تعد أيضا موجودة- بل كان دورا في غاية الأهمية، أما وزارة التعليم العالى فماذا تقدم لإعداد شبابنا من خلال أنشطة جادة من خلال الأسر والجوالة والندوات الثقافية والسياسية والدينية والاجتماعية والرحلات للمتاحف والمواقع التاريخية المهمة مثل الآثار بانواعها الفرعونية والإسلامية والقبطية وبانوراما 6 اكتوبر مثلا؟ 

 

ماذا تقدم وزارة الصحة للشباب؟ كان هناك حملات منضبطة من وزارة الصحة للتطعيم أو الكشف الدورى مرة في فصل الصيف وأخرى فى الشتاء؟ أما وزارة الثقافة فهى الأخرى رفعت يدها عن رعاية الشباب، والذى أقصده ليس مطلقا عشرات الشباب الذين تجدهم في كل مواقع وزارة الثقافة في المجلس الأعلى أو أى موقع يتبع الوزارة، الذى أقصده للوزارة ما يقرب من ألف موقع بين قصر ثقافة أو مركز ثقافى أو مكتبة عامة، هذه الأماكن تبحث عن نشاط جاد من أجل الشباب، بعض هذه المواقع تحولت لمقار لتجمع الأصدقاء لسماع انتاجهم فقط بعيدا هموم الشارع والمواطن والشباب..

 

وبدلا من تحول هذه الأماكن إلى ورش في مجالات الإبداع للأطفال والشباب سكن فيها العنكبوت، فلم تعد تقدم أنشطة تؤثر في الشباب وتحسن من استغلال طاقاتهم وأوقات فراغهم، ووزارة الشباب لديها ما يقرب من 6 آلاف مركز شباب موزعين في مختلف القرى والمراكز في محافظات الجمهورية، فماذا تقدم هذه المراكز للشباب، فلو أن نصف هذه المواقع فتحت أبوابها أمام شباب مصر بموجب خطة مدروسة لاستغلال طاقاتهم فلن نجد حالات الانتحار أو القتل في الشارع؟ كل ذلك بشرط أن يكون لدينا إعلام واعي بقضايا الوطن وتحدياته، ودراما تعبر عن هموم الوطن وليس دراما تفسد فى المجتمع.

 

ثانيا: منذ زيارة الرئيس أنور السادات إلى القدس المشئومة خرج كل رجال الدين لتأييده، وتحت عباءة الدين كان السادات يفعل ما يريد، والبعض منا سيتذكر قانون الأحوال الشخصية في السبعينات الذي أطلق عليه قانون جيهان، ويومها استعانت الحكومة بآراء رجال الدين حتى تمرر ما تريد تحت رداء الدين، هذا الأمر لم تعرفه مصر قبل السبعينات، ومنذ هذه الحقبة أصبح البعض من رجال الدين مثل الترزية لإرضاء الحاكم، هذا مع إعلام فاقد الحد الأدنى من الوعي، لو حدث أن عطس أحد، يجرى الإعلام لسؤال رجال الدين: هل العطس فى نهار رمضان حلال أم حرام؟ وآخر يسأل: زوجتى كشرت في وجهي أعمل إيه؟ 

 

 

استغرقنا في الأسئلة حتى اختلط الحابل مع النابل من أسئلة لا قيمة لها وليس للدين رأى فيها ولكنها شهوة الكلام مع شهوة الإعلام في الإثارة، وفي قضايا الإنتحار الأخيرة أو القتل ما دخل الدين فيها؟ شاب قتل زميلته أو شاب ألقى بنفسه من برج القاهرة كلها حوادث لا علاقة للدين بها من قريب، حتى البشر لا يستطيعون الحكم على موقف هؤلاء أمام الرحمن الرحيم، ولكن الإعلام  يجرى وراء الإثارة بهدف الاثارة وليس للبحث عن الحقيقة، وهذا إفلاس! وللحديث بقية

الجريدة الرسمية