أحمد الشربيني يكتب: بوتين ووضع الشوكة في قدم الحصان
(قديمًا قالوا إنك عندما تضع الشوكة في قدم الحصان فإنه لا يستطيع الوقوف ولا يستطيع الجري ولكنه يخر واقعًا)، ولا أتحدث هنا عن صحة قرار الرئيس الروسي بوتين بالحرب على أوكرانيا من عدمه، ولكن أتحدث عن فرض الإرادة على العالم في هذا الأمر وكيفية إدارته للأمر، ودعونا من هذه النقطة ننطلق إلى الوراء قليلا ونتذكر
تسلم بوتين دولة روسيا بعد انهيار الاتحاد السوڤيتي كالأسد العجوز بلا أنياب ولا قوه، أمة منهكة اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا فكان الوضع الزراعي سيئ والصناعي أسوأ والعسكري أكثر سوءًا.
في خلال ٢٠ عامًا تحولت روسيا لدولة عظمي.
١- استطاع بوتين عمل نهضة زراعية وحقق الاكتفاء الذاتي من الحبوب وكثيرًا من دول العالم بما فيها الدول الغربية تعتمد علي روسيا في غذائها.
٢-استطاع بوتين إنجاز ثورة في الطاقة باستكتشاف البترول والغاز الطبيعي وحقق الاكتفاء الذاتي بل وأغلب الدول الأوربية تعتمد علي الغاز الروسي.
٣- استطاع بوتين بناء كيان صناعي كبير ونجح في تطوير كافة الصناعات بما في ذلك الصناعات العسكرية فأصبح لديه جيشًا مجهزًا بأحدث الأسلحة وأكثرها تطورًا والمصنعة لدي دولته.
ولذلك عندما اتخذ قرارًا بالحرب لم تستطع دولة الدخول معه في مواجهة مباشرة لما له من ثقل في الأمن الغذائي العالمي وكذلك ثقله في مجال إمداد الدول الأوربية بالغاز الطبيعي وبالطبع ثقل وقوة الجيش الروسي.
فأصبحت هذه الدول بين نارين:-
أولًا:- إذا دخلت في حرب مع روسيا فإن الخسائر ستكون كبرى على الجانبين، وربما تشتعل حرب عالمية جديدة لا أحد يريد لها أن تشتعل فيكفي ما نعانيه بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا، وكذلك قد تخسر أوربا إمدادات الغاز الروسي فتتوقف الحياة عندها ومن ثم فإن خيار الحرب مع روسيا مباشرة غير مطروح.
ثانيًا:- الوقوف في موضع المتفرج وفرض عقوبات اقتصادية ولكن رغم قوتها فإن تأثيرها المباشر على روسيا لم يكن كبيرا حتى الأن، خاصة وإنها دولة لديها اكتفاء ذاتي( زراعي- صناعي- عسكري- مصادر الطاقة) بل فوجئ العالم بأن الروبل الروسي قد ارتفع أمام الدولار بنسبة كبيرة نتيجة القرار الروسي المفاجئ بفرض دفع مستحقات الغاز الروسي المصدر للدول الأوروبية بالروبل الروسي.
هكذا استطاع بوتين وضع الشوكة في قدم الحصانـ بتخطيط مسبق وسياسات واضحة أسفرت عن نتائج مقبولة بالنسبة للنوايا الروسية تجاه أوكرانيا والعالم.