أزمة المرجعية في قانون الأحوال الشخصية!
حدّد الأزهر الشريف في مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد ٧ حالات لا يجوز زواجها
منها ما جاء بالمادة رقم ١٥ وفيها "أن أهلية الرجل والمرأة للزواج بتمام ثمانى عشرة سنة ميلادية والزواج قبل بلوغ هذه السن لا يكون إلا بإذن القاضى للولي أو الوصي في حالات الضرورة تحقيقًا لمصلحة الصغير والصغيرة"! بينما تقدمت بعض مشاريع لذات القانون إلي مجلس النواب منها مثلا مشروع النائبة نشوي الديب حيث تتناول فيه موضوع سن الزواج أيضا حيث تقول الفقرة الأولي من المادة ٥ "أنه لا يجوز تزويج مَن لم يبلغ من الجنسين ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة"!
ثم يحدد نص المشروع السابق عقوبة لمن يخالف المادة المشار اليها فيقول "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة كل من تسبب أو عقد أو وافق أو وثق أو شهد على عقد زواج قاصر دون السن المذكورة في هذه المادة ما لم يكن ذلك بأمر القاضي المختص ولا يجوز التنازل عن العقوبة وفقا لأي قانون آخر"!
الفقه والشريعة
ورغم إننا لا نفهم معني "ما لم يكن بأمر القاضي" واتساقها مع باقي المادة في النص "ولا يجوز التنازل عن العقوبة وفقا لأي قانون آخر" لكن تبدو القضية أعقد من ذلك.. فطبقا لمشروع الأزهر يجوز التغاضي عن السن في حالات محددة -دون النص عليها حصرا- إذا رأي القاضي ذلك.. ووفقا لقانون نشوى الديب يجوز التغاضي عن العقوبة إذا رأى القاضي ذلك.. وعند الرجوع للدستور نجد النص علي أن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع للقوانين وهنا يمكن لأي محام تفريغ محتويات النصوص القانونية السابقة من محتواها تماما..
مثلا الشيخ صالح المنجد -كمثال علي رأي العلماء- يقول في بوابته الالكترونية حرفيا: "ثمة أمران يتعلقان بهذه المسألة عند أهل السنَّة خلط بينهما الروافض وأعداء الإسلام فجعلوهما أمرًا واحدًا وهما: الزواج بالصغيرة والدخول بها. أما المسألة الأولى: وهي الزواج بالصغيرة: فإن عامَّة العلماء على جواز هذا الأمر وأنه ليس في الشرع سن معينة لنكاح الأنثى بحيث يمنع الزواج بها قبله"! ثم يكمل الشيخ المنجد وينقل صورا مما أسماه الاجماع فيقول "فقد قال ابن عبد البر – رحمه الله: "أجمع العلماء على أن للأب أن يزوِّج ابنته الصغيرة ولا يشاورها"! أي في أي سن يشاء!
وعند الخلط بين الفقه والشريعة مع تعدد التفاسير يمكن بسهولة تجاوز كل القوانين بما فيها قانون الأزهر وعدم الاعتداد بها والاعتداد فقط بما سيراه البعض يتفق مع الشريعة.. فما بالنا وقد فتحنا أبواب لرؤية القاضي؟!
سنعود بذلك إلي دوامة التقاضي والجدل المصطنع عن مشروعية الالتزام بالقانون الوضعي في ظل مرجعية الشريعة في الدستور رغم عدم التعارض في المقاصد!
ولذلك تبقي خطوة تسبق كل ذلك وهي تحديد حق ولي الأمر شرعا - نكرر.. شرعا- في تحديد ما يراه في مصلحة المجتمع وحدود ذلك إسوة بما جري علي يد الخلفاء الراشدين وهو ما يحتاج إلي مقال مستقل!