إنجي الحسيني تكتب: "ديزني" من المتعة والترفيه إلى قتل القيم وبراءة الأطفال
صرح "كيري يورك" رئيس المحتوي الترفيهي لشركة ديزني، بأن هناك نية لتحويل وإنتاج نحو 50% من الشخصيات الكرتونية التي تظهر بأفلام ومسلسلات "ديزني" بنهاية عام 2022 إلى شخصيات مثلية الجنس، كمحاولة لدعم مجتمع المثليين والعابرين والمتحولين جنسيا ومزدوجي الهوية الجنسية، الأمر الذي قوبل بتخوف كبير من قبل الأسر التي مازالت تتمسك بمكارم الأخلاق.
"فلا تستوردوا بضاعتهم" وذلك حق المجتمع علينا وواجب المسئولية الاجتماعية حفاظا على قيم أخلاقية وإنسانية ودينية يتم تهديدها بكل الطرق بداية من ترويض عقول الأطفال لتقبل تلك الأمور بشكل عادي، مرورا بما تقدمه القوة الناعمة من رسائل سامة ومدسوسة.. من هنا جاء اعتذار الفنان "إياد نصار" حتميا عن فيلم "أصحاب ولا أعز"، وأعتقد أن وجهة نظر المعترضين على هذا العمل قد وضحت، وتم استيعابها أخيرا.
حتمية القبول
فدائما ما يئن المجتمع بمشاكله، وعادة ما يكون الفن جريء في طرحه بأفكاره وممثليه، ولو راجعنا تاريخ كل الأزمنة، سنجد أن هناك أفلامًا تستوجب النسف، ولكن الاختلاف يكمن في طرح المشكلة وطرق المعالجة، فالأفلام الأقدم قدمت مشاهد "الشاذ جنسيا" بشكل أكثر جرأة وأكثر تقززا، بل لنقل أنها نقلت تلك المشاهد بطريقة مثيرة للاشمئزاز، أما الآن فقد صار المؤلف والمخرج يقدمان نفس الفكرة تحت حتمية وواجب القبول، كما حدث بفيلم "أصحاب ولا أعز".. ومن هنا أتى الهجوم على هذا العمل لأن الاعتراض له مبررات قوية، فهو يرفض تناول المحرمات والكبائر بشكل فيه تبرير فني أو قبول إنساني.
كان من الغريب أن يحدث صدام بين صانع الأفلام وبين المستهلك ( الزبون) بحيث يدخل الصانع في صدام مع المتلقي، وصار بينهما ما يشبه الاحتكاك والجذب والشد لدرجة أن يصف صناع الأعمال الفنية كل من يعترض على ما يقدمونه بكونهم "متخلفين"، وساعد على زيادة حالة الاحتقان والعداء؛ هو وجود القنوات الفضائية ووسائل التواصل التي أعطت صناع الفن رخصة بالحجر على حرية تعبير المتلقي بحجة أن حرية الابداع فوق كل شئ.. فهل يخاطب الفنان المتفقين على أعماله فقط؟!! بل وصار شعار (من لا يعجبه عمل فليغير القناة) ماركة مسجلة.
فعندما يكون المجتمع غارقا في الكثير من الوحل والجرائم، فهو يستجدي الحل عن طريق القوة الناعمة بإبراز كل ما هو ايجابي كصورة صحيحة مناقضة وصائبة، وأغلب منتقدي الأعمال الجريئة يتشبثون بمبدأ عدم طرح أفكار غربية بشكل يحمل التقبل، حتى لا يكون الفن المقدم للجماهير العربية هو ثقافة غربية دخيلة، ولسان حال المنتقد يقول "احنا مش ناقصين، وكفاية اللي فينا".
الأمن الاجتماعي
لقد صار أن تثور الأسر المصرية من أجل الحفاظ على سلامة أطفالها وشبابها، فهذه هي الثورة الحقيقية التي تتطلب وعيًا أسريًا ويقظة ورقابة، كما يجب أن تقوم الدور الرقابية بمنع تلك الأفلام من العرض، وأن تتضافر كل المؤسسات الدينية والثقافية والفنية والإعلامية والتعليمية باستخدام كل أدوات المواجهة وإعلان الحرب على كل ما يحاول أن ينال من الأمن الاجتماعي وهو أحد أفرع الأمن القومي، وعلى الإعلام أن يقوم بحملة توعوية مستمرة وفتح الباب لمناقشة الحلال والحرام على يد علماء الاجتماع ورجال الدين والأطباء النفسيين والتربويين، بدون خوف من ارهاب المتحررين الجدد.. ولكن يبقى السؤال: متى ننتج أفلامًا جاذبة للطفل تحترم عقليته وتوجهه حسب تقاليد مجتمعه هو؟ ولكي نحقق ذلك أعاود التساؤل: (متى نتميز في تلك الصناعة التوعوية والترفيهية ما يمكننا من صناعة فيلم كرتوني على مستوى هوليوود؟ هل ذلك ممكن أم مستحيل؟ فإذا كنا لا نقدر، فتلك مصيبة، لأننا ببساطة لا ندرك أهم أسرع وسيلة تأثيرية في العالم وهو ما أدركه القائمون على صناعة اللعبة منذ سنوات عدة، وكل ما فعلناه أن جلسنا في مقاعد المشاهدين مدهوشين نتعجب كيف فعلوا ذلك؟ وكيف مرروا الرسائل وكيف زيفوا حقائق ؟ وكيف أخطأوا بحق الطفولة؟
إلى متى سنظل جالسين في مقاعدنا ؟ ومتى سنتحرك وننتج ما يواكب التطور والتكنولوجيا ويليق بمجتمعاتنا في نفس الوقت ؟