دراسة للبحوث الزراعية: لبن الإبل الأقرب للبن الأم في الفوائد.. والحليب بأنواعه يحفز الجسم ضد فيروس كورونا
أصبح اللبن مؤخرا مادة خصبة للدراسة بين خبراء التغذية العلاجية وكمال الأجسام حول حقيقة فوائده للجسم وإن كان له أضرار على الرياضيين وأصحاب بعض الأمراض.
وكشفت دراسة علمية حديثة صادرة معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية التابع لمركز البحوث الزراعية، عن فوائد اللبن ودوره في تحفيز الجهاز المناعي وحماية الجسم من الأمراض المختلفة.
وأوضحت الدراسة التي أعدها الدكتور محمود إبراهيم السيد، الباحث بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية، والدكتورة وفاء محمود سلامة، رئيس البحوث بقسم بحوث تكنولوجيا الألبان، أن اللبن ينفرد بكونه أقرب الاغذية لنموذج الغذاء الكامل ويرجع ذلك لاحتوائه على المركبات الغذائية الضرورية مثل الدهن، البروتين، الكربوهيدرات، والأملاح المعدنية، بالإضافة إلي الفيتامينات، الانزيمات، عوامل النمو، الصبغات، المواد الأزوتية غير البروتينية.
وأضافت الدراسة أن اتباع السلوك الغذائي غير المتزن من أخطر العوامل الضارة المؤثرة على الجسم بصفة عامة وعلى الجهاز المناعي بصفة خاصة، حيث أن تناول بعض الأغذية التي تحفز الجهاز المناعي فقط مع عدم الإهتمام بالنمط الغذائي المتوازن سوف يؤثر سلبًا على الصحة العامة للإنسان لذلك فمن الضروري إضافة الأغذية التي تقوي جهاز المناعة للوجبات المتوازنة للتأكد من حصول الجسم علي احتياجاته من جميع العناصر الغذائية علي مدار اليوم.
وأوضحت الدراسة التي أعلن عنها مركز البحوث الزراعية اليوم أن اللبن من أكثر الأغذية المتوازنة على وجه الأرض، حيث ينفرد باحتوائه على المركبات الغذائية الضرورية مثل الدهن، البروتين، الكربوهيدرات، والأملاح المعدنية، بالإضافة إلي الفيتامينات، الانزيمات، عوامل النمو، الصبغات، المواد الازوتية غير البروتينية. لذلك جعله الله سبحانه وتعالى أول غذاء يستمد منه الرضيع كل إحتياجاته الغذائية فى بدء حياته وفى أقصى مراحل نموه.
وأكدت الدراسة أن اللاكتوفيرين وهو بروتين متعدد الوظائف موجود في العديد من الإفرازات الخارجية للجسم مثل اللعاب والدموع واللبن وإفرازات الأنف، كما يتواجد في إفرازات الشعب الهوائية وسوائل الجهاز الهضمي واللاكتوفيرين هو جليكوبروتين طبيعي مرتبط بالحديد وموجود طبيعيا في اللبن وبعض منتجاته ويتم إنتاج اللاكتوفيرين حاليا كمكمل غذائي علي نطاق تجاري.
ويتفاوت محتوى اللبن من اللاكتوفيرين تبعا لنوع اللبن ومصدره وفترة الحليب، حيث يعتبر لبن الأم من المصادر الغنية باللاكتوفيرين، يليه لبن الإبل أما بالنسبة للبن الأبقار فإنه يحتوى على نسبة لا بأس بها من هذا البروتين. وقد أثبتت الدراسات العديدة السابقة الدور القوي للاكتوفيرين كمضاد للبكتريا الممرضة مثل السالمونيلا والإيشريشيا كولاي وغيرها والفيروسات مثل Semliki Forestvirus و مجموعة فيروسات الهربس والروتا Rotavirus وفيروس الإيدز، علاوة علي دوره المميز جدا كمضاد للأكسدة Antioxidant وهذا يقلل من معدل تكون الأصول الحرة وغيرها من المواد المسببة للإصابة بالسرطانات المختلفة.
أما عن دوره الفريد في مقاومة الإصابة بفيروس كورونا فقد ذكرت الدراسات المنشورة مؤخرا أن اللاكتوفيرين يمنع فيروس كورونا من الارتباط بمادة بروتوجليكان كبريتات الهيباران، وهي المستقبل الرئيسي للفيروس علي سطح خلايا العائل وبالتالي يمنع دخول الفيروس إلي الخلايا، بالإضافة إلي دور اللاكتوفيرين في تنشيط الجهاز المناعي والذى يساعد في الوقاية ومقاومة الفيروس، فقد ذكرت إحدي الدراسات أن تركيز 1 مجم/ مل من اللاكتوفيرين قد منع تكاثر الفيروس علي النطاق المعملي. وفي السياق نفسه، ذكرت دراسة أسبانية أن تناول المرضي المصابين بفيروس كورونا لبروتوكول علاجي يتكون من 32 مجم لاكتوفيرين، 12 مجم فيتامين ج، و10 مجم زنك بجرعة قدرها 4 – 6 مرات يوميا قد تسببت في علاج معظم الحالات.
وأرجعت الدراسة هذه النتيجة إلى الدور القوي لللاكتوفيرين كمضاد للفيروسات والتي منها فيروس كورونا، حيث أن دوره الوقائي يشمل منع الفيروس من الإرتباط بأحد مستقبلاته علي جدر خلايا العائل وهو الإنزيم المحول للأنجيوتنسين Angiotensin-converting enzyme 2(ACE2) . ويحصل الإنسان علي اللاكتوفيرين بمعدل 8.2 مجم / 100 مل من اللبن البقري، 6.6 مجم/ 100 مل من اللبن الجاموسي و13.7 مجم / 100مل من لبن الإبل. وبالتالي وطبقا لما ذكر في الدراسات السابقة فإن تناول كوب من اللبن (200 مل) صباحا ومساءا قد يكون له تأثير كبير في وقاية الجسم من الإصابة بفيروس كورونا علاوة على تعزيز الجهاز المناعي وتحسين الحالة الصحية للجسم.
من كل ما سبق يتضح ان اللاكتوفيرين يلعب عدة أدوار مهمة بالنسبة لجسم الإنسان ومنها:
1- المساعدة علي زيادة كفاءة الجهاز المناعى للجسم.
2- الحد من نشاط الميكروبات الممرضة مثل البكتريا والفيروسات والفطريات.
البروتينات المناعية في اللبن «لبن المسمار»
ولفتت الدراسة أن جلوبيولينات المناعة وتسمي أيضًا بالأجسام المضادة وهي تتواجد في الدم وفي السوائل النسيجية، كما تتواجد في العديد من الإفرازات مثل لبن السرسوب واللبن الطبيعي. والوظيفة البيولوجية للجلوبيولينات المناعية الموجودة في اللبن هي إعطاء الرضيع حماية مناعية ضد الميكروبات الممرضة، علاوة علي حماية الخلايا المفرزة للبن من الملوثات أو مسببات الأمراض. وتشكل الجلوبيولينات المناعية ( الإيمينوجلوبيولين)، إلى جانب اللاكتوفيرين واللاكتوبروكسيديز والليسوزيم، نظامًا مهمًا جدًا مضادًا للميكروبات في لبن الثدييات.
وتعرف الجلوبيولينات بأنها الأجسام المضادة التي تقوم الثدييات بإنتاجها كاستجابة مناعية لبعض الأجسام الغريبة التي تدخل إلي الجسم مثل البكتريا والفيروسات وبعض المركبات الكيماوية،وغيرها. ويقوم اللبن خاصة لبن السرسوب والذي يطلق عليه بعض الناس في الأماكن الريفية لبن المسمار (وهواللبن المفرزبعد الولادة مباشرة ويستمر في المتوسط لفترة 3- 7 أيام) بمنح مناعة للمولود خلال مرحلة نموه الأولي. ويشكل النوع IgG حوالي 80- 90% من الجلوبيولينات المناعية الكلية في لبن السرسوب والتي تبلغ 50 جم / لتر.
وتختلف تركيزات جلوبيولينات المناعة فى اللبن تبعًا لعوامل عديدة منها نوع الحيوان ( أبقار، جاموس، أغنام، ماعز، إبل)، وفصل الحليب ( الشتاء، الصيف، الربيع، الخريف ) ومرحلة الحليب ( فترة السرسوب أو اللبن الطبيعي، وبداية ونهاية موسم الحليب) والتغذية وصحة الحيوان.
وأظهرت الكثير من الدراسات القدرة التثبيطية لجلوبيولينات المناعة ضد العديد من أنواع البكتريا الممرضة مثل البكتريا العقدية المسببة لتسوس الأسنان، والإيشريشيا كولاي E. coli، بكتريا هيليكوباكتربيلوري (H. pylori) والتي اعتاد الناس علي تسميتها بالميكروب الحلزوني وهي تستوطن المعدة وتحدث القرح بها وقد تؤدي مع مرور الوقت وتطور الحالة المرضية التي لا يتم علاجها بشكل صحيح إلي إحداث ثقب في المعدة مما يسبب الوفاة، كذلك تعمل جلوبيولينات المناعة على تثبيط بعض سلالات الشيجيلا، كما ثبت علميآ أن بروتينيات المناعة خاصة IgA وIgG لهما دور قوي وفعال في الوقاية من الإصابة بفيروس الإنفلونزا وفيروس الروتا (المسبب للإسهال عند الأطفال)، وكذلك الفيروس المسبب للإلتهاب الرئوي في الأبقار Bovine rhinotracheitis (IBR) virus، علاوة علي دوره في تنشيط الجهاز المناعي في الإنسان مما يساعد في مقاومة الإصابة بفيروس كورونا.
الفيتامينات والمعادن في اللبن
كما سبق وذكرنا فإن الأغذية المتوازنة مثل اللبن ومنتجاته تعتبر من أهم عوامل حماية الجسم ضد الأمراض ومن الأمور الحيوية التي قد تمارسها هذه الأطعمة هو دورها كمضادات للإلتهابات والأكسدة ومحفزات للجهاز المناعي. ويرجع هذا التأثير المحتمل إلي إحتوائها علي عدد من العناصر الغذائية الهامة مثل فيتامين (ج) وفيتامين (د) والزنك وبعض المركبات المضادة للأكسدة والمضادة للتجلط أو التخثر، والتي تمتلك قدرة على تخفيف الأعراض الحادة للمرض.
ويعتبر اللبن ومنتجاته من أحد مصادر فيتامين (د) وفيتامين (ج ) والزنك، وفيما يلي سوف نستعرض الدور المحتمل لكلا من فيتامين (ج) وفيتامين (د) والزنك في الوقاية وعلاج أعراض فيروس كوروناالمستجدCovid-19.
1- فيتامين "ج": يتميز فيتامين ج بدوره القوي والمميز كمضاد للأكسدة، وأما عن دوره العلاجي المحتمل ضد فيروس SARS-Covid2 أوما يسمي كورونا المستجد Covid-19 فمن المعروف حتي الآن أن الالتهابات الفيروسية تسبب عاصفة السيتوكين والتي تؤدي إلى تهيجات وارتشاح في الرئة وزيادة في الإجهاد التأكسدي مما يسبب مشكلات حادة في الرئة ومنها صعوبة التنفس ثم فشل في التنفس ومع تطور المشكلة تحدث الوفاة.
ففي تقرير علمي منشور شمل 29 مريضا يعانون من الالتهاب الرئوي بسببCOVID-19، أظهرت النتائج أن 27 مريضا (93 ٪) منهم قد حدث لديهم زيادة في اختبار البروتين التفاعلى عالى الحساسية (hs-CRP) وهودليل على الالتهاب الحاد والإجهاد التأكسدي.
علي الجانب الآخر هناك عامل يسمي (Nuclear related factor2 (Nrf2 هوعامل منظم ورئيسي لعملية الاستجابة المضادة للأكسدة والتي تقلل من الإجهاد التأكسدي، وهنا يأتي دور فيتامين (ج) حيث يعمل علي تنشيط عامل Nrf2مما يساهم في حماية الخلايا والأنسجة من المشكلات التي يسببها زيادة الإجهاد التأكسدي في الرئتين.
2- أما بالنسبة لفيتامين"د" فإن إحدى وظائفه الهامة هي المساعدة على تنشيط الخلايا التائية T-cells المعروفة باسم "الخلايا القاتلة الطبيعية Natural Killer (NK) Cells " الموجودة فى الجسم، ويطلق عليها هذه الصفة لأنها تكتشف مسببات الأمراض التي تدخل الجسم مثل الفيروسات وتدمرها. وهذه الوظيفة تجعل فيتامين (د) مهمآ بشكل خاص للحفاظ على نظام مناعى فعال قادر على مقاومة مسببات الأمراض الفيروسية مثل فيروس كورونا وغيره.
3- الزنك: من المعروف أن الزنك (Zn) يمتلك مجموعة متنوعة من الخصائص المضادة للفيروسات سواء بطريقة مباشرة أو غيرمباشرة والتي يمكن أن تتحقق من خلال آليات مختلفة، فمثلا تناول الزنك كمكمل غذائي من المحتمل أن يقوم بتعزيز نظم المناعة المضادة للفيروسات، واستعادة كفاءة الخلايا المناعية المستنفذة أو تحسين وظائف وكفاءة الخلايا المناعية الطبيعية ولاسيما في المرضى الذين يعانون من نقص المناعة أو المسنين.
أيضا يعمل الزنك على حماية وتدعيم قدرة جدار الخلية علي منع مرور الفيروس من خلاله وذلك عن طريق إغلاق المعابر الموجودة في جدار الخلية والتي يمر من خلالها الفيروس إلي داخل الخلية.
كما ثبت أن الزنك يقوم بدور حيوي في منع تكاثر الفيروس من خلال تعطيل ميكانيكية تضاعف الحمض النووي له.
وقد ثبت هذا التأثير بعدد من الدراسات والتي تمت على فيروسات الأنف Rhinoviruses (المسبب الرئيسي للزكام) وفيروس الكبد الوبائي C، بالإضافة إلي فيروسات الأنفلونزا، كما يقلل من معدلات تخليق الحمض النووي RNA لفيروسات Nidoviruses والتي يتبعها فيروس كورونا المستجد وهذا ما أكدته الدراسات الحديثة عن الدور المحتمل الذي يقوم به الزنك في الوقاية أو العلاج من SARS-CoV-2.