"كالينينجراد" شعلة الحرب القادمة بين موسكو وأوروبا.. وروسيا تهدد ليتوانيا برد خطير
ذكرت صحيفة ”واشنطن بوست“ الأمريكية، أن المعقل الروسي في كالينينجراد، على بعد مئات الأميال غرب بقية البلاد، أصبح أحدث نقطة توتر بين موسكو وبقية أوروبا، حيث ترددت أصداء حرب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خارج أوكرانيا.
يأتي ذلك بعدما أعلنت ليتوانيا منتصف يونيو الجاري، أنها ستمنع عبور السلع التي تخضع للعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي إلى كالينينجراد عبر أراضيها، بما في ذلك الفحم والمعادن ومواد البناء. ووصف الكرملين الخطوة بأنها ”غير مسبوقة وغير قانونية“، وقال نيكولاي باتروشيف، سكرتير مجلس الأمن الروسي، إن الرد سيكون له تأثير ”خطير“ على الشعب الليتواني.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن منطقة كالينينجراد تقع بين ليتوانيا وبولندا – وكلاهما عضو في الاتحاد الأوروبي و“الناتو“ – على الساحل الجنوبي لبحر البلطيق، وتتلقى الكثير من إمداداتها عبر طرق تمر بين ليتوانيا وبيلاروسيا.
وعن قيمة كالينينجراد لروسيا، أوضحت الصحيفة في تحليل لها، أن المدينة الصغيرة تعتبر ذات أهمية إستراتيجية وعسكرية خاصة لموسكو، حيث تعتبرها الأخيرة ”حاملة طائرات غير قابلة للإغراق“ على بحر البلطيق، ويمكن وضع الأسلحة على مسافة قريبة من أوروبا الغربية.
وأشارت إلى أن المقر الرئيس لأسطول بحر البلطيق الروسي يقع في كالينينغراد، وقد وضع الكرملين أسلحة نووية هناك، وفقًا لليتوانيا. كما أعلنت موسكو في الربيع أنها نفذت عمليات إطلاق محاكاة لمنظومة صواريخ ”إسكندر“ ذات القدرة النووية هناك.
وفي حديثها مع ”واشنطن بوست“، قالت هيئة السكك الحديدية الليتوانية إنها لن تسمح بعد الآن بمرور البضائع الروسية التي يعاقب عليها الاتحاد الأوروبي عبر الأراضي الليتوانية، مشيرة إلى أن العبور البري بين كالينينجراد والأراضي الروسية الأخرى ”لم يتم تعليقه أو حظره“ لأن تدفقات الركاب والبضائع التي لا تخضع لعقوبات الاتحاد الأوروبي ستستمر.
وفي سياق متصل، وصفت صحيفة ”التايمز“ البريطانية القرار الليتواني بـ“الخطير“ الذي يهدد سكان مدينة كالينيجراد، البالغ عددهم نحو مليون نسمة، حيث لا يستطيعون العيش بـ“الذخيرة وحدها“، قائلة إنهم بحاجة إلى الأسمنت والحديد والبذور والبيض والوقود والأدوات، وكلها يجب أن يتم استيرادها، غالبًا من روسيا القارية.
وتحت عنوان ”ما خيارات بوتين؟“، أضافت الصحيفة أن الزعيم الروسي لا يمتلك الكثير، سوى خيارات قليلة لـ“يثني“ بها ذراع ليتوانيا، التي تخلصت بالفعل من جانب واحد من جميع وارداتها تقريبًا من النفط والغاز الروسي؛ ما حرم بوتين من أقوى سلاح نفوذي قد يستغله.
وأوضحت أن أحد الخيارات أمام بوتين هو الذهاب إلى ”شبكة الكهرباء“، وقالت ”مثل لاتفيا وإستونيا المجاورتين، لا تزال ليتوانيا تستورد بعضًا من قوتها عبر شبكة سوفيتية قديمة تمتد عبر بيلاروسيا وغرب روسيا. وعلى الأثر، قامت ليتوانيا بالفعل ببناء اتصال طارئ بباقي دول الاتحاد الأوروبي مع وضع مثل هذا السيناريو في الاعتبار“.
وفي السياق ذاته، ذكرت صحيفة ”فاينانشال تايمز“ أنه لطالما شعر المسؤولون الليتوانيون بالقلق بشأن قدرة روسيا المحتملة على عزل دول البلطيق عن بقية أوروبا من خلال استغلال الحدود القصيرة بين كالينينجراد وبيلاروسيا، والمعروفة باسم ”فجوة سوالكي“.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمني في منطقة البلطيق قوله، إن التدريبات العسكرية الروسية الأخيرة تضمنت التدرب على إغلاق ”فجوة سوالكي“ وغزو ليتوانيا.
وقال مارجيريس أبوكيفيتشيوس، نائب وزير دفاع ليتوانيا، للصحيفة إن هيمنة روسيا على بيلاروسيا في الشؤون العسكرية، إلى جانب كالينينجراد، خلقت تحديات إستراتيجية جديدة لـ“الناتو“، في إشارة منه إلى احتمال إغلاق ”فجوة سوالكي“.
وأضاف ”هي قضية معقدة من شأنها أن تؤثر بشكل خطير على قدرة حلفاء الناتو في حالة الأزمة.“
وأشارت ”فاينانشال تايمز“ إلى أنه على عكس إستونيا ولاتفيا، لا يوجد في ليتوانيا عدد كبير من المتحدثين باللغة الروسية يمكن أن تحاول موسكو استغلاله، لكن المسؤولين في فيلنيوس (عاصمة ليتوانيا) يدركون جيدًا مخاطر التواجد بالقرب من كالينينجراد.