شاب نحيل ولم نسمع عنه من قبل.. سعيد سنبل يروي أول لقاء جمعه بعبد الحليم حافظ
في مجلة آخر ساعة عام 1995 كتب الصحفى الكبير سعيد سنبل مقالا عن العندليب الأسمرعبد الحليم حافظ ـ ولد فى مثل هذا اليوم عام 1929 ـ قال فيه:دعانا الصديق كامل الشناوي الى قضاء سهرة في فندق هليوبوليس بالاس بمصر الجديدة أواخر عام 1952 وكان وقتها رئيسا لتحرير الاخبار وكنت قد التحقت للعمل بها.
كان كامل الشناوى شاعرا مرهفا وكاتبا لامعا وأديبا يعرف كيف يختار الكلمات والألفاظ التي تنبض بالحس والحياة، وفى نفس الوقت كان صحفيا كبيرا وشهيرا، إلا أنه كانت صفته المميزة كانت اكتشاف المواهب الشابة واحتضانها وتوجيهها حتى إن الصحفى أنيس منصور ـ وكان واحدا ممن احتضنهم ـ اطلق وصفه بقاعدة لإطلاق الصواريخ.
كان كامل يسهر وسط شلته من الكتاب والصحفيين والفنانيم طوال الليل في أمكنة مختلفة وتتحول الجلسة إلى صالون ثقافى حتى الساعة الأولى من الصباح، وفى أواخر عام 1952 دعانا كامل فندق هليوبوليس لقضاء سهرتنا هناك،وجاءت مجموعة وجوه شابة من بينها شاب نحيل وقدمه لنا كامل الشناوى قائلا: هذا عبد الحليم حافظ صوت جديد أتوقع له ان يصبح شيئا مهما ولم يكن أحد بيننا يعرفه أو سمع عنه.
سأله كامل عن نشاطه، فقال انه انتهى من حفظ اغنية عنوانها “ على قد الشوق ” لحنها شاب جديد اسمه كمال الطويل ويستعد حاليا لغنائها، فطلب منه كامل ان يغنى جزء منها، وراح يغنى بصوت خافت، وكان صوته جميلا وطربنا لصوته، ولم يكن أي منا يتوقع ان يحقق هذا الشاب الصغير كل هذا النجاح.
قلوب الملايين
ومنذ هذا الوقت عرفت عبد الحليم حافظ وعايشته وهو يخطو خطواته الأولى في عالم الشهرة والفن، تابعته وهو يتربع على قلوب الملايين من المعجبين والمهووسين به في مصر والعالم العربى، راقبته وهو يعيش أصعب الأزمات والمعارك وخرج فائزا من معظمها وانهزم في بعضها الى ان هزمه الموت وهو في قمة مجده.
طريق الشهرة
عبد الحليم حافظ ظاهرة يصعب وربما يندر أن تتكرر فما زال صوته مسموعا رغم رحيله منذ أكثر من عشرين عاما، نجاحه لم يتحقق من فراغ.. لقد تعب ومشى فوق الحجارة والشوك من أجل أن يصل إلى ما وصل إليه خاصة أنه استفاد من الفنان العملاق محمد عبد الوهاب وتعلم منه كيف يستثمر ذكاءه في شق طريق الشهرة واجتذاب الأضواء.
ولا شك ان عبد الحليم حافظ استفاد من وجود مواهب شابة من الكتاب ومن الملحنين، ففي زمن ظهوره ظهرت مجموعة من الفنانين الملحنين الكبار على رأسهم كمال الطويل ومحمد الموجى وبليغ حمدى، هؤلاء لحنوا له وانتشر صوته من خلال ألحانهم.
اللحن الجميل
وفى زمن حليم كان هناك شعراء صاغوا اجمل الكلمات التي تغنى بها أمثال مأمون الشناوى ومرسى جميل عزيز ومحمد حمزة واحمد شفيق كامل وعبد الرحمن الأبنودى وصلاح جاهين..زمن عبد الحليم حافظ هو زمن اللحن الجميل والكلمة الراقية.