أطفال مصر في رحاب القرآن الكريم.. نصف مليون طلب لحفظ كتاب الله.. و3 آلاف محفظ للمرحلة الأولى
حالة من الاحتفاء شهدتها مواقع التواصل الاجتماعى خلال الأيام الماضية، بعد إعلان الجامع الأزهر عن تلقيه أكثر من نصف مليون طلب من أجل الالتحاق فى الدراسة برواق الطفل الأزهرى لحفظ القرآن الكريم وعلومه، والذى أعلنت عنه المشيخة بعد توجيهات من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والمفارقة فى الأمر أن هذا الإعلان تزامن مع خروج بعض الدعوات التى تستنكر تحفيظ الطلاب والنشء للقرآن الكريم، وهو الأمر الذى اعتبره البعض ردا عمليا وشهادة ثقة من قبل المصريين وثقتهم الكبيرة فى المؤسسة الأزهرية وعلومها.
"فيتو" بدورها فتحت نقاشا مطولا مع القائمين على الأروقة الأزهرية من أجل الحديث عن تفاصيل المشروع الجديد والهدف منه والخطة الزمنية الموضوعة للبرنامج والرد على الأصوات التى استنكرت اقتحام الأزهر الشريف هذا المجال.
الرواق الأزهري
فى البداية أكد المشرف على الأروقة الأزهرية الدكتور عبد المنعم فؤاد، أن فكرة رواق تحفيظ القرآن الكريم، موجودة فى قلب كل مسلم يحب دينه ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وكتاب الله لأن الهدوء النفسى لا يكون إلا وكتاب الله فى قلب كل مسلم، ونحن رأينا أطفالنا يحتاجون إلى رعاية فكرية ونفسية وإلى اطمئنان قلبى، ولا سبيل إلى ذلك إلا فى كتاب الله تبارك وتعالى.
ولذلك وجه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، بفتح أروقة بأسلوب علمى جديد يكون فيه متابعة وتنظيم بوجه دائم، وقال لنا نصًا: "آن لى أن أرى أطفال مصر يحفظون كتاب الله، كما كان آباؤهم وأجدادهم"، ومن هنا بدأت هذه الفكرة التى تبناها الأزهر ودرست دراسة جيدة بتنظيم وطريقة خاصة من التعليم، ثم بدأ الإعلان عنها بعد عرض الخطة الكاملة على شيخ الأزهر، وتم اعتمادها من وكيل الأزهر، ثم خروج الأمر إلى النور، موضحا أن الدراسة فى الأروقة الأزهرية هى مجانية بالكامل ومفتوحة لكافة المصريين، وليس الأزهريين فقط، بمختلف مستوياتهم التعليمية وأمام البنين والبنات.
نصف مليون طلب
وأشار إلى أن بعد إعلان فتح الباب للاشتراك تم استقبال أكثر من 500 ألف طالب التحاق من سن الخامسة وحتى الثالثة عشرة، وهذا ما يريده الأزهر الشريف، أن يكون أطفال مصر تحت مظلة كتاب الله سبحانه وتعالى حتى يعرفوا الفرق بين سماحة الإسلام والأفكار الواردة علينا المتغولة على عقول أبنائنا حتى تستنير قلوبهم وأفئدتهم بكتاب الله، خاصة أن هناك من يريد لأطفالنا عدم حفظ كتاب الله تبارك وتعالى، فنرى أن البعض خرج ويقول إن تعليم الأطفال للقرآن الكريم فى الصغر يختطف طفولتهم بحجة أن الطفل لا يمكنه أن يفهم المعانى الكثيرة من القرآن الكريم.
وللأسف هذه الكلام خرج عن بعض ممن يزعمون التنوير وأنهم أهل فكر وثقافة، ورددنا عليهم بسؤال آخر وهو لماذا تدعون إلى تعليم الأطفال للغات الأجنبية من صفوف رياض الأطفال وهم لا يعرفون هذه اللغات، أليس فى هذا اختطافا لطفولتهم أيضًا؟ ولماذا تعلمونهم الرياضيات المختلفة وندفع الأموال فى سبيل ذلك.
أليس هذا أيضًا اختطافا لطفولتهم؟ وفوجئنا أن الجميع يصمت ولا يتكلم، مؤكدًا أن الأزهر الشريف من خلال مسئوليته، هو الذى يشرح تعاليم الإسلام إلى المجتمع وليس الأمر مفتوحا أن يتكلم كل شخص عن الإسلام وكتاب الله تبارك وتعالى، وأحب أن أقول لهم أيها السادة ادخلوا مساكنكم، وذلك لأن حفظ كتاب الله هو الطريق إلى الهداية.
وأضاف "فؤاد" فى تصريحات خاصة لـ"فيتو" أن رد أولياء الأمور على تلك الدعوات جاء بشكل عملى من خلال إقبالهم اللافت على أروقة الأزهر لحفظ القرآن الكريم، فنرى أن هناك أكثر من نصف مليون تلميذ يتقدمون، وخارج الإعلان الرسمى أكثر من مليون طلب، ونحن حاليا نرتب لهؤلاء الأطفال طريقة منهجية للدراسة ونقوم بتنظيم الدراسة على مستويات، الأول منها سيتم البدء فيه بسعة 90 ألف طالب وهذه من سن خمس إلى ست سنوات، ثم تأتي بعد ذلك المستويات التى لها منهج مقرر ومدروس وجعلنا فى كل محافظة مكتب خاص للرواق يضم 7 من المنتدبين من المعاهد الأزهرية لكى يتابعون سير الأروقة، ويرفعون التقارير اليومية والأسبوعية والشهرية إلى الجامع الأزهر والذى يوجد به غرفة عمليات من أجل متابعة عمل الأروقة فى كافة المحافظات.
مناهج الأزهر
واعتبر المشرف العام على الأروقة الأزهرية إقبال أولياء الأمور على الأروقة الأزهرية أنه رد عملى على من يزعمون أن الأزهر يخرج إرهابيين ومتطرفين، وغيرها من الشائعات التى كانت تقال، والناس يعملون أن الأزهر لا يخرج إلا علماء وأدباء ومفكرين وزعماء نهضة، ومن الذى قاد عملية النهضة التى أحدثها محمد على فى مصر أليسوا هم طلاب الأروقة والأزهر، ومن قاد الثروات ضد المحتلين إلى هم طلاب الأزهر.
بل إن طلاب الأروقة الأزهرية على مر العصور هم علامات مضيئة فى حياة المصريين وفى سيماء مصر العظيمة، من أمثلة عمر مكرم ورفاعة الطهطاوى، والشيخ محمد عبده والشيخ الشعراوى وأحمد عرابى ومصطفى كامل، فهؤلاء جميعًا استقوا وشربوا من مناهج الأزهر الشريف التى تقوم على كتاب الله وعلى سنة رسول الله ولا تعرف إلا السماحة فى هذه الدين العظيم.
وهذا أيضًا يعد رد عملي من المصريين أنهم يحبون الأزهر، ورد علمى على من يظن أن الدولة المصرية تحارب الدين كما يزعم البعض فالدولة تشجع على كل فكر سليم يدعم إلى اللحمة الوطنية وجعل المجتمع يعيش فى سلم وأمان.
وطمأن "فؤاد" أولياء الأمور على من سيقومون بعملية تحفيظ الأطفال للقرآن الكريم، مؤكدًا أنهم أشخاص يعملون فى الأزهر الشريف، من خلال المعاهد الأزهرية والوعظ، وتم مقابلتهم فى مسألة تحفيظ القرآن الكريم، من خلال لجنة مراجعة القرآن الكريم فى مجمع البحوث الإسلامية، وتم عمل مقابلة فكرية معهم من خلال لجنة ضمت 6 من علماء الأزهر واطمأنت اللجنة أن من سيقوم بهذه المهمة يتفق مع منهج الأزهر الشريف عقيدة وفكرًا ومنهجًا، ولم يقبل شخص وجدت عليه مجرد شبهة واحدة، وهذه المسالة فى مأمن كبير، وذلك لأن فضيلة الإمام أكد لنا أن الأستاذ الذى يدرس للأطفال قد يؤثر فى فكرهم على هذه تم المقابلة الفكرية مع المتقدمين لذلك من خلال مجموعة من علماء متخصصين فى جامعة الأزهر، ولم يقبل سوى من عرف استقامته الفكرية، ويتبع الأزهر منهجًا عقيدته وفكرًا، حيث إن منهج الأزهر هو نهج الإسلام الوطنى.
وبعث المشرف على الأروقة الأزهرية برسالة خاصة إلى أولياء الأمور المتقدمين للدراسة فى الأروقة الأزهرية قائلا: "أبناؤكم وعقولهم فى أيد أمينة، والمتابعة مستمرة وأن فضيلة الإمام الأكبر بنفسة يتابع أولا بأول، وكذلك الحال بالنسبة لوكيل الأزهر، وأننا نعلم أن هذه مسئولية أمام الله وأمام المجتمع وكل ما نطلبه من أولياء الأمور هو أن يدعوا لأبنائهم ولنا بالتوفيق فى هذه الرسالة التى نعتبرها رسالة وليست وظيفة وكل من تم اختياره لهذه المهمة حملناه هذه المسئولية.
وأكدنا على أن هذه رسالة من خلال تحفيظ الأطفال لكتاب الله وهؤلاء لا يمكن أن يحيدوا عن المنهج ونحن مستمرون فى عمل المتابعة والمراقبة على العملية بأكملها، ونحن نسير على أن هذه عمل لله، وذلك لأن فضيلة الإمام دائما يقول لنا اجعلوا أعمالكم دائما لله ورسوله، وذلك لأن رسولكم يقول: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه"، وأننا نريد أن نربى العقول على موائد القرآن الكريم.
ومن جانبه أكد الشيخ هانى عودة، مدير الجامع الأزهر، أن بدء العمل فى الأروقة الأزهرية سينطلق من خلال تحديد مستوى الأطفال المتقدمين ثم تبدأ بعد ذلك عملية الدراسة، على أن يكون البدء بسعة 90 ألف طالب خلال شهر يونيو الجارى، بمعدل 100 ألف طفل كل شهر بعد ذلك، مع تحديد منهج مخصص للمستوى الأول يشمل تعليم الحروف والكلمات، بالإضافة إلى حفظ جزء عم والعمل على تحسين خط الطلاب، وفى المستوى الثانى يتعلم الأطفال تكوين الكلمات والجمل وأخلاقيات من خلال سيرة النبى صلى الله عليه وسلم من خلال منهج محدد بجانب إتقان حفظ جزء عم وتبارك، مع التأكيد على ضرورة إتقان تحفيظ الأطفال من خلال القراءة الصحيحة للقرآن الكريم، من خلال توزيع كتيب خاص للمعلم والطالب حتى يكون دليل لهم.
وأوضح "عودة" أنه يجرى حاليًا عملية تأهيل المحافظين الذين سيشتغلون بالعمل فى المستويات اللاحقة فى الفترة المقبلة، حيث تم تجهيز 3 آلاف محفظ للمرحلة الأولى فقط، ويجرى حاليا إعداد ما يقرب من 700 محفظ آخرين من أجل استكمال مراحل البرنامج، وتم مراعاة البعد الجغرافى فى توزيع فروع الأروقة والتى تبلغ 507 أروقة على مستوى الجمهورية بحيث لا يزيد أقرب فرع عن الآخر 10 كيلومترات ولا يقل عن 5 كيلومترات، ويتم ذلك من خلال عدة لجان من شأنها أن تراقب وتتابع سير العمل فى الأروقة، حيث تم التأكيد على تسهيل عملية الالتحاق الطلاق بالفروع المختلفة للأروقة والتى تكون داخل المعاهد الأزهرية.
وأضاف "عودة" فى تصريح خاص لـ"فيتو" أن فكرة الأروقة الأزهرية بدا توجيه فضيلة الإمام الأكبر لها منذ عامين، وتم إعداد خطة متكاملة على التصور النهائى للمشروع منذ عام، ولكن ظروف فيروس كورونا هى التى أجلت انطلاقة، على أن يكون عمل تلك الأروقة طيلة العام وليس فى الصيف فقط كما اعتقد البعض، بل يكون برنامج متكامل لمدة خمس سنوات، بحيث يتم إجراء اختبار كل ستة أشهر للطالب من أجل ترقيته إلى المستوى الأعلى، ويكون هناك اختبار تتابعى كل ثلاثة شهور، بحيث يقيس مدى استجابة الطفل لعملية التحفيظ ومن الممكن أن ينزل إلى المستوى الأدنى عن الذى فيه فى حالة عدم استجابته.
نقلًا عن العدد الورقي…