المهندس إيهاب نصر يكتب: الأسباب الحقيقية للهزائم المتلاحقة
ليس بالغريب علينا أبدًا.. تلك الهزائم المتلاحقة التى تحيق بالكرة المصرية.. وبشكل أوسع الرياضة المصرية التى أصبحت فى تراجع فى الكثير من اللعبات، سواء الفردية أو الجماعية.. ولا عجب فى ذلك فنحن نلاحظ فى نفس الوقت تكرار نفس الوجوه المسئولة عن الهزائم بصورة عجيبة، سواء على مستوى المسئولين كروؤساء وأعضاء مجالس إدارات.. وأيضًا كفنيين ومسئولين عن اللعبات.
الهزيمة من إثيوبيا
آخر تلك الهزائم هى الهزيمة من إثيوبيا فى تصفيات كأس أمم أفريقيا والتى جرت فى عهد رئاسه السيد جمال علام.. الذى كان أيضًا رئيسًا سابقًا لاتحاد الكرة عام ٢٠١٣، وفشل منتخب مصر أيضًا فى عهده عن مجرد التأهل لنهائيات أمم أفريقيا بعد عدة هزائم متلاحقة، منها هزيمة مهينة من أفريقيا الوسطى على أرضنا فى القاهرة.
تبادل أدوار وأسماء
لماذا تتكرر الهزائم؟!.. ولماذا ندور فى نفس الفلك وتلك الحلقة المفرغة من الفشل، ونفس الأسماء التى وراء الفشل.. هو تبادل أدوار.. تبادل اسماء، لكنها نفس الوجوه التى تدير الكرة المصرية منذ عدة سنوات.. لماذا تحجم أسماء تستحق قيادة الكرة المصرية عن الترشح وخوض المسئولية؟
ولماذا لا تستطيع أسماء أخرى قادرة على النهوض بالكرة المصرية أو الرياضة المصرية عن مجرد ترشيح نفسها… الإجابة باختصار.. إنه العوار الواضح فى قانون الرياضة المصريه الذى تم إصداره فى عهد الوزير السابق خالد عبد العزيز منذ عدة سنوات.. والذى لم يراعِ الحيادية فى القانون والذى جعل مجالس إدارات الاتحادات القائمة هى من تحدد من يترشح؟.. ومن يتم قبول ترشحه.. ومن يتم رفضه… بناء على أهوائها ورغباتها الخاصة.. وبنظرة دقيقة على قانون الرياضة نجد العجب… وعلى سبيل المثال وليس الحصر:
١- أصبحت مجالس الإدارات الاتحاد القائمة هى التى تقوم بعمل اللائحة المتعلقة بكل لعبة والخاصة بشروط الترشح للانتخابات لأي فرد.. هكذا على هواها.. فأصبحت الاتحادات تصدر تلك اللائحة بالتفصيل على مقاس من تريده للترشح للرئاسة.. ولا أبالغ لو قلت لك إنها فى بعض الاتحادات تزيد فى شروط صعوبتها عن الترشح لمجلس النواب.. على سبيل المثال قرر مجلس إدارة اتحاد كرة القدم أن يكون الانتخاب بالقائمة المطلقة.. نعم المطلقة.. بمعنى أن تكون شلة أو مجموعة معينة يتم انتخابها بالكامل ولا يستطيع أى شخص بمفرده الترشح.. فلو قلنا قامة كبيرة مثل حسن شحاتة أو الخطيب أفضل لاعبى أفريقيا فهما لا يستطيعان ترشيح أنفسهما… وبالتالى فالمجموعة الحاكمة لكرة القدم هى من وجهت الترشيح لفئة وأشخاص معينين.
شروط "مغرضة"
٢- ليس هذا فحسب.. بل إن أحد الاتحادات اشترط أن يكون المترشح لا يزيد سنه عن ٧٠ سنة، إمعانًا فى منع شخص معين من الترشح للرئاسة.. واتحاد آخر قرر أن يكون من يترشح لم يعمل بالتدريب أو النشاط لعامين قبل الترشح لمنع آخرين.. واتحاد ثالث قرر أن يكون المترشح قد لعب على مستوى الفريق الأول والدورى العام لعدة سنوات ولا يكتفى بكونه لاعبا فى مراحل الناشئين… وهكذا من شروط مجحفة وبائنة ضيقت الفرصةعلى الجميع لمصلحة حفنة من الأفراد.
٣- تخلت الدولة، ممثلة فى وزارة الشباب واللجنة الأولمبية عن دورها القيادى المحايد الشفاف فى إصدار لائحة موحدة تعطى فرصًا متساويه وعادلة للجميع فى الترشح بشرط حسن السمعة، وحسن السير والسلوك لصالح اتحادات قائمة، بالفعل عملت لوائح لمصلحتها الخاصة دون النظر لمصلحة اللعبة.
الجمعيات العمومية
٤- بالطبع فالجمعيات العمومية للاتحادات الرياضية لا تكتمل فى كثير من الأحيان.. وأيضًا فإن تلك الجمعيات تضم الكثير من الأندية الفقيرة محدودة الموارد التى يتم استمالتها، وكسب ودها ببعض المزايا العينية للنادى كأدوات للعبة، وغيرها… وبعض تلك الاتحادات غازل أعضاء مجالس إدارات الأندية بوضع شرط أحقية أى عضو مجلس إدارة فى تلك الأندية فى الترشح لمجلس إدارة الاتحاد بغض النظر عن كونه ينتمى للعبة أو مارسها أصلًا أو يعرف كيف تلعب أو تدار… وبالتالى فتصويت الأندية فى الجمعية العمومية محسوم لصالحه.
٥- أما قمة المأساة بعينها فهى أن الشخص يتقدم بطلب للترشح إلى الاتحاد، وإذا تم رفضه واستبعاده بحجة عدم انطباق الشروط واستيفائه للأوراق يقوم نفس الشخص بتقديم تظلم إلى نفس ذات الاتحاد الذى قام برفضه؟؟ … فتكون النتيجة بالرفض أيضًا… أي أن الاتحاد يكون خصمًا وحكمًا فى ذات الوقت… فهل هذا يعقل؟ هل هذه عدالة؟ ولا يحق للفرد التظلم أو الطعن أمام أي جهة أخرى.
٦- أما قمة المأساة المخجلة فهي جعل مجالس إدارات الاتحادات الرياضية هى من تحدد الأندية التى لها حق التصويت فى الانتخابات وفقًا لإرادتها ولوائحها الخاصة بها، وبالتالى فيتم استبعاد الأندية التي لا تروق لمجالس إدارات الاتحادات من حق الانتخاب لعلمهم أن التصويت لن يكون فى صالحهم.
٧- أما نهاية المطاف فهى لجنة التسوية والتحكيم الخاصة بالطعون الرياضية، والتى جعل قانون الرياضة المختص بها هو اللجنة الأولمبية… وبرئاسة رئيس اللجنه الأولمبية والذى هو ايضًا رئيس أحد الاتحادات الرياضية؛ "اتحاد الفروسية"، وأعضاؤه هم رؤساء وممثلو الاتحادات التى تم انتخابها بهذا القانون المعيب… فكيف يكون هذا هو العدل ؟!!… ونتيجة تكرار تلك الدائرة المغلقة تختفي الكفاءات وتذوب وسط مجموعة ضيقة من الأفراد يتحكمون.
هذه أمثلة، وهناك الكثير أيضًا.