هاني توفيق: تعرض مصر للإفلاس مستحيل.. وأعارض رفع أسعار الفائدة | حوار
مصر أكثر دولة فى العالم تأثرت سلبًا بالحرب الروسية الأوكرانية
طبيعة التضخم فى مصر تستلزم خفض سعر الفائدة وليس رفعه
تخصيص الأرض بدلا من بيعها يعنى أن هناك من يستمع لحديثنا
تحقيق الشمول المالى يضيع على الدولة 700 مليار جنيه سنويا
عند بيع شركة أو خصخصتها يجب تزويد رأس مالها 30%
نحن أكبر بلد فى العالم مع اليابان لدينا أكثر عدد ضرائب.. 25 ضريبة
إذا وجد الفلاح سعرا عادلا للقمح كنا سنجد مساحات أكبر منه
لن أرتاح إلا حينما أرى المريض يدخل عيادة الدكتور ويأخذ فاتورة
نحتاج إلى حكومة ذات هوية اقتصادية
الغلاء مستورد لأننا نستورد بما يقارب 70 مليار دولار فى السنة
قيمه الجنيه المصرى لن تزيد أمام الدولار إلا عن طريقين
يوجد 8 معوقات للاستثمار المباشر معروفة أولها سعر الأرض المبالغ فيه
نتمنى أن تضع وزارة المالية جدولا زمنيا بمواعيد وضوابط تطبيق الشمول المالى
مصر البلد الوحيد بالعالم التى تدعم الطاقة فى البيوت وليس المصانع التى تفتح البيوت
يحتل الخبير الاقتصادي هاني توفيق مكانة رفيعة بين الخبراء الاقتصاديين؛ بما يمتلكه من رؤى ثاقبة، وما يطرحه من حلول جادة؛ فضلًا عن أن أفكاره وآراءه تنطلق من أرضية وطنية راسخة.
ولأن الفترة الحالية شهدت الكثير من المتغيرات الاقتصادية والتحديات الجسيمة التي غيرت المشهد الاقتصادي بالكامل..استضافت “فيتو” الخبير الاقتصادي هاني توفيق الذي تحدث باستفاضة عن أداء حكومة الدكتور مصطفى مدبولي ومجموعته الوزارية الاقتصادية ومدى قدرتها على مواجهة هذه المتغيرات والتعامل معها، كما تطرق الحديث إلى سياسات البنك المركزي..وكثير من المحاور ذات الصلة.. فإلى نص الحوار:
*بداية من هو عقل الحكومة الذى يفكر ويضع لها سياساتها الاقتصادية؟
من المفترض أن الحكومة لا تضع سياسات، ومن الخطأ أن يضع كل وزير سياسة وزاراته، وهو من ينفذها، ولكن المفروض من يضع السياسات دائما فى أي ديمقراطية فى العالم هو مطبخ الحزب الحاكم، وهذا المطبخ يضع سياسات بالمناقشة مع الوزراء المعنيين، ويتم الاتفاق عليها، وتكون وثيقة على الوزير، ويحكم على استمرار الوزير من عدمه فى ضوء ومدى تنفيذه للسياسة التى وضعها الحزب.
ولكن نحن ليس لدينا حياة حزبية «زى ما الكتاب ما بيقول»، إنما يكون فى مجالس قومية متخصصة يكون فى لجنة استشارية عالية تتبع رئيس الجمهورية، ويكون بها الخبراء، وتضع السياسات والوزير دائما يكون مشتركا فى وضع السياسة، إنما لا يكون هو من يضع السياسة وينفذها، لأنه قد يأتى وزير بعده ويلغى السياسة القديمة ويضع أخرى، وبالتالى هذه سياسات مهمة، فالحكومة لا تضع سياسات ولكن تنفذ سياسات وضعها متخصصون.
*ولماذا وصلنا إلى هذا الحد من الديون المحلية والخارجية؟
نسبة الدين ليست المشكلة فى حد ذاتها ولكن المشكلة فى مدى قدرتك على السداد، فأمريكا واليابان والصين كان لديهما 300% ديونا، ولكن هذه دول منتجة وتقترض كى تفتح مصانع وتنتج وتصدر وتسدد الديون المطلوبة.
*كيف يتم صرف القروض فى مصر، وهل يتم استغلالها بالشكل الأمثل؟
هذا الأمر يعود بنا إلى أهمية وجود لجنة عليا ومجالس قومية متخصصة ومطبخ حزبى يضع أولويات الدولة، وينظر إلى الموارد المحلية المتوفرة لدينا، وماذا نحتاج لأن نقترض من أجله، أما إذا تم توجيه كل الاقتراض إلى البنية التحتية والعاصمة الإدارية وغيرها فهذه كلها أصول غير مدرة للدخل على المدى القصير، ولكن من المفترض خلق توازن فى الاقتراض؛ بغرض الإنتاج والتصدير وسداد ما علينا من قروض وبين ما ننفقه على البنية التحتية أو الفوقية التى يتأخر العائد منها.
وأزعم أننا فى مصر تناسينا مسألة أننا نقترض لكى نبنى مصانع ونصدر للخارج بجانب توفير العمالة التى تُعد مسألة أمن قومى؛ لأن آخر شيء أتمنى أن أراه أن يفقد عامل وظيفته ويجلس فى المنزل بلا عمل، ويصبح قنبلة موقوتة من الممكن أن يكون إرهابيا أو بلطجيا أو إخوانيا، لهذا أرى أنه كان يجب توجيه جزء كبير من الاقتراض إلى الإنتاج والتصدير.
*كيف ترى ترديد البعض احتمالية تعرض مصر للإفلاس؟
مقولة تعرض مصر للإفلاس خاطئة بنسبة 100% لأن الإفلاس يعنى العجز عن سداد مستحقات الدول الأخرى أو الدائنين بطريقة نهائية، وهذا يعنى الفشل وعدم وجود أي موارد تستطيع من خلالها السداد، ونحن قد يكون عندنا بعض التضخم، وقد نعيد جدولة بعض الديون وطرح سندات جديدة لكى ندفع بها السندات المستحقة، ويتم تأخير استحقاقها إلى أعوام قادمة، كما أن مصر غنية جدا بالموارد الطبيعية والبشرية، ولدينا مصادر دخل لا نهائية.
وبالتالى من المستحيل أن نقول: إن مصر ستفلس أو معرضه للإفلاس على الأقل الـ50 سنة القادمة، ولكن من الممكن أن نتعسر بعض الشيء فى السداد، وهذا سبب تغيير النظرة المستقبلية لدينها إلى سلبية، لأن الدين ذهب إلى مشروعات ليست مدرة لعائد على المدى القصير.
*رأيك فى تصنيف البعض الحكومة الحالية على أنها حكومة جباية وفرض ضرائب؟
مجبر أخاك لا بطل؛ لأن هذه مشكلة كل وزير مالية منذ ثمانينيات القرن الماضى، بالتحديد منذ زمن الوزير محمد الرزاز رحمه الله ؛ لأن الوزير يكون عليه مصروفات كثيرة ويضطر لفرض الرسوم كل فترة.
*يتساءل البعض لماذا يتم بيع الشركات الحكومية الناجحة التى تدر دخلا للبلد؟
الحكومة كانت فى حاجة للحصول على أموال بالعملة الصعبة، وهنا ضع نفسك مكان المستثمر، لماذا أذهب لشراء شركة فاشلة، فهنا اضطرت الحكومة للبيع من الشركات الناجحة.
*هذا يأخذنا إلى السؤال عن ظاهرة بيع المصانع وإحياء فكرة الخصخصة؟
لدى رؤية مختلفة بعض الشيء وهى أن الخصخصة مطلوبة، ولكن لن تكون مثل ما كان يحدث فى الماضى، وهو شراء المستثمر أسهما فى البورصة، وهذا يعنى نقل الملكية من يد إلى يد دون زيادة فى الإنتاج أو التصدير، وبالتالى أطالب أن تكون الخصخصة فى الفترة المقبلة عبارة عن زيادات فى رءوس الأموال.
ويجب عند بيع شركة أو خصخصتها سواء كانت أبو قير للأسمدة أو مجموعة فنادق أو غيرها من ممتلكات الدولة تزويد رأس المال 30% على سبيل المثال، وهذه الزيادة هى التى يتم طرحها للبيع على المستثمرين العرب أو الأجانب بحيث الأموال الجديدة القادمة تدخل فى توسعات فى التشغيل والإنتاج والتصدير وهذا ليس حقى فقط، بل حق الأجيال القادمة، ولكن عندما يتم بيع الشركة بنفس الأسهم المتواجدة فيها دون زيادة لن يحدث أي تطوير فى الإنتاج أو التشغيل أو التصدير.
*كيف ترى ظاهرة الغلاء وسبل الحكومة فى التعامل معها؟
الغلاء مستورد؛ لأننا نستورد بما يقارب 70 مليار دولار فى السنة، وبالتالى مع ارتفاع وتوقف بعض المصانع عن العمل بصفة كلية وتباطؤ السلع الواردة وحدوث التضخم، فبالتالى ارتفعت الأسعار، وطيلة تواجد الحرب يجب أن نتوقع استمرار الغلاء وزيادته.
ورأينا ما حدث فى معارض السيارات وسيتم تكرارها فى سلع أخرى، لأن البعض حجز السلع بثمن، ولكن عند استلامها وجد السعر مرتفعا.
كما أشعر بالقلق من قطع الغيار ومستلزمات الإنتاج فى المصانع التى من الممكن أن تؤثر على الإنتاج بصفة كبيرة، لذلك أناشد الدولة متمثلة فى وزارة المالية بإعادة النظر فى أولوية السلع المستوردة.
*هل تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد المصرى طبيعية أم مبالغ فيها؟
الاقتصاد العالمى كله متأثر بالحرب الروسية الأوكرانية، ولكن مصر هى أكثر الدول فى العالم تأثرا سلبًا بالحرب، نتيجة أن مصر أكبر مستورد للقمح فى العالم ونستورد من الدولتين بالتحديد، كما أن السياحة الروسية الأوكرانية تراجعت نتيجة الحرب التى لا يعلم أحد موعد انتهاءها.
وتوجد بعض الدول التي تأثرت إيجابيا بالصراع بين روسيا وأوكرانية مثل الأرجنتين التى ارتفعت صادراتها بعد الحرب، ولكن المواطن فى أوروبا يعانى معاناة شديدة أيضًا نتيجة الحرب، وأدعى أنه سينشأ نظام سياسى اقتصادى عالمى جديد عقب انتهاء الحرب.
*وهل هذا يعنى ضعف الاقتصاد الوطنى؟
الاقتصاد المصرى هش؛ لأنه اقتصاد ريعى من الدرجة الأولى كوننا نعتمد من الدرجة الأولى على تحويلات المصريين العاملين فى الخارج، بجانب إيرادات قناة السويس والسياحة، ولكن قاعدة صناعية إنتاجية تشغيلية تصديرية غيره متوفرة، وبالتالى نحن لا ننتج.
الاقتصاد ليس بحجمه، ولكن العبرة بنصيب الفرد منه، فعند قسمة الاقتصاد المصرى الذى يُعد ثانى أكبر اقتصاد عربى من حيث الحجم على عدد السكان نتراجع لنكون رقم 7 أو 8 على الدول العربية، لذلك نحتاج نظرة من الحكومة.
*ما تقييمك للحكومة الحالية، وهل هى المناسبة للفترة المقبلة؟
آن أوان تكوين حكومة ذات هوية اقتصادية؛ لأن مرحلة الحكومة الهندسية والتى تهتم بالإنشاءات والمبانى انتهت من عملها الذى أنجزته بطريقة تُشكر عليها، ولكننا نريد الآن حكومة ذات هوية جديدة اقتصادية، بها ترتيب أولويات ودراسات جدوى وأماكن الصرف لكى يتم الالتزام بسداد الديون.
*ما رأيك فى قرارات البنك المركزى برفع سعر الفائدة؟
أنا من المعارضين جدا لرفع سعر الفائدة فى مصر؛ فليس كل تضخم يرفع له سعر الفائدة، حيث إن التضخم الموجود حاليا فى أمريكا نشأ عن زيادة أرقام العمالة والتشغيل والطلب، وبالتالى يوجد سيولة فى يد الناس، والطبيعى أن البنك المركزى يرفع سعر الفائدة لكى يجمع السيولة من أيدى الناس ويضعها فى البنوك، وهذا هو التضخم الكلاسيكى الذى يتم خلاله رفع الفائدة، أما عن البلاد التى تشبه مصر فالأمر ليس كذلك، لأن ارتفاع التضخم حدث نتيجة ارتفاع تكلفة المنتجات، وبالتالى هذا النوع من التضخم يخفض له سعر الفائدة ولا يرتفع.
*هل توجد دول خفضت سعر الفائدة فى الفترة الأخيرة نتيجة التضخم؟
نعم، روسيا والصين وتركيا خفضت سعر الفائدة؛ نتيجة إدراكهم أن هذا الوقت يفضل فيه تخفيض سعر الفائدة، لكى يشجع على الاستثمار والتشغيل والإنتاج والأموال تكون فى المجتمع.
*كيف ترى رفع وزارة المالية للدولار الجمركى؟
الدولار الجمركى أحد الأدوات التى تم استخدامها بطريقة عكسية، وكان يجب على الحكومة أن يكون أكبر هدف لها أن توجد سيولة أيدى المواطنين؛ لكى تزيد الاستهلاك، وبالتالى زيادة الإنتاج وتشغيل المصانع وزيادة العمالة وينتج عن ذلك دوران عجلة الإنتاج.
ولكن عند زيادة الدولار الجمركى حدث بالفعل زيادة إيرادات الدولة ولكن قللت السيولة فى أيدى الناس لأنها ستنعكس على الزيادة فى سعر السلع التى زاد سعرها بالفعل نتيجة التضخم.
وأنا أتعاطف إلى حد كبير مع وزير المالية لزيادة الحصيلة الخاصة بالوزارة، وقد يكون هذا مقصودا به مثلما حدث مع البنك المركزى عندما تم تعقيد إجراءات الاستيراد، وحول مسألة مستندات الشحن إلى الاعتمادات المستندية، وهذا أثر سلبا فى ضخ السلع على مصر لتقليل الطلب على الدولار لأننا نحتاج إلى العملة الصعبة.
وأرى أنه إلى حين زيادة الاستثمارات الأجنبية أو الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى وزيارة الحصيلة من الدولار سنظل نُفاجأ بمثل هذه القرارات التى لن ينتج عنها إلا تحجيم التضخم فى السلع المستوردة.
*ماذا عن مستقبل الدولار أمام الجنيه؟
الدولار علاقته بالجنيه عبارة عن عرض وطلب، وما دمنا نستهلك أكثر مما ننتج ونستورد أكثر مما نصدر سينتج عجز فى الميزان التجارى وميزان المدفوعات، وبالتالى سينخفض سعر الجنيه.
*وماذا عن جذب الأموال الساخنة لدعم الجنيه أمام الدولار؟
يمكن تجميع بعض الأموال الساخنة مثلما فعلنا السنوات الماضية، وهو ما ساعد فى تقوية العملة المحلية، ولكن مثلما دخلت هذه الأموال سريعًا ممكن أن تخرج سريعًا، وهو ما حدث، وبالتالى إذا لم يكن هناك بديل وسائل لزيادة الإيرادات من الدولار أو العملات الأجنبية سيظل حينها تراجع الجنيه أمام الدولار بصورة تدريجية لحين ضبط الأوضاع.
*ما أسباب خروج الأموال الساخنة من مصر وكيف نحافظ على ما تبقى منها؟
معظم الأموال الساخنة خرجت بالفعل بعد رفع الفيدرالى الأمريكى سعر الفائدة بجانب أن تحول التصنيف الائتمانى من المستقر فى المستقبل إلى سلبى سيزيد من المخاوف لأن المستثمر من الممكن أن يدخل ويتمكن من حصد من 12 إلى 14% عائدا، لكن يخشى عند خروجه من مصر أن تقل قيمة العملة مثلما حدث العام الماضى عند دخول المستثمر مصر بسعر الدولار 15 جنيها و80 قرشا، ولكن عند خروجه أصبح سعر الصرف 18 جنيها ونصف، وهذا تسبب فى خسارته الأرباح التى حصل عليها.
وأعتقد أن الأموال الساخنة يجب أن يقل الاعتماد عليها فى الفترة المقبلة وأتوقع أنها لن تأتي لمصر فى المستقبل القريب لأن سعر الفائدة فى أمريكا بدأ يرتفع بجانب تحول مصر من مستقر إلى سلبى كنظرة مستقبليه سيزيد من المخاوف.
*إذن ما الحل المناسب لزيادة دخلنا من الدولار وتغيير النظرة إلى مستقرة؟
قيمه الجنيه المصرى لن تزيد إلا عن طريقين الأول هو زيادة الاستثمار الأجنبى المباشر، والثانى التصدير لأن مصادر مصر من العملات الأجنبية الآن هى قناة السويس وتحويلات العاملين في الخارج أو من السياحة ولكن هذه الأموال محدودة النمو فيها، والاستثمار الأجنبى المباشر لن يأتى إلا بحل مشكلات الاستثمار المحلى المتوفر بالفعل.
*ما هى معوقات الاستثمار فى مصر؟
يوجد 7 أو 8 معوقات للاستثمار المباشر معروفة، ونطالب بحلها منذ فترة طويلة، أولها: سعر الأرض المبالغ فيه، وأنا سعيد بما حدث الفترة الماضية أن الحكومة بدأت تتحدث عن تخصيص الأرض بدلا من بيعها، وهذا يعنى وجود من يستمع لحديثنا.
*وماذا عن المعوقات الأخرى وكيفية حلها؟
سعر الطاقة مبالغ فيه، فنحن البلد الوحيد، فى العالم التى تدعم البيوت وليس المصانع التى تفتح المنازل وتشغل العمالة وتنتج وتصدر، وبالتالى يجب أن ننظر فى سعر الطاقة الذى يذهب إلى المصانع.
كما يجب إعادة النظر فى السياسات المالية وأولها الضرائب، فنحن أكبر بلد فى العالم مع اليابان لدينا أكثر عدد ضرائب 25 ضريبة، مثل ضريبة أرباح تجارية وأخرى عقارية بجانب كسب العمل وغيرها من أنواع الضرائب المعروفة وعند توزيعات الأرباح على الضرائب يصل الناتج من 50 إلى60% صافى الضرائب على أي شخص يعمل، بجانب إعادة النظر فى السياسات النقدية ما بين سعر الفائدة وسعر الصرف.
ويجب سرعة الفصل فى قضايا الاستثمار، فليس من الطبيعى أن يأتى مستثمر جديد ولديه صديق لديه موضوعات شائكة منذ 5 أو 6 سنوات ولم تنتهِ، وأنا سعيد بما يسمى الآن الرخصة الذهبية التى تحل مشكلات المستثمر كلها وتتعامل معه جهة واحدة، كما يجب القضاء على الفساد لأنه يوجد الكثير من الجهات التى تتعامل مع المستثمر والتى يجب دمجها فى جهة واحدة.
آخر نقطة فى معوقات الاستثمار هى تزاحم الدولة فى مشروعات القطاع الخاص والتى بدأ حلها عن طريق وثيقة سياسة ملكية الدولة وإعلان التخارج من بعض المشروعات، لأن الدولة يجب أن يظل دورها رقيبا ومنظما ومنميا ومنشطا للاستثمار، بالإضافة إلى الدخول فى المشروعات التى يحجم القطاع الخاص عن الدخول فيها لأن الأرباح بها طويلة الأجل مثل البنيه التحتية وغيرها، بالإضافة إلى الأنشطة الإستراتيجية ما بين إنتاج أسلحة أو غيره.
*إذن هل وثيقة ملكية الدولة كافية لتلبى مطالب المستثمرين؟
أقول دائمًا: العبرة بالنتائج، فالخطوة هنا إشارة جيدة جدا لأننا كدولة المزاحمة التى كنا محل شك بها بدأنا نخرج منها لكن هذه الوثيقة كبيرة جدا، فمثلا لم يظهر كيفية تخارج الدولة من المشروعات المتواجدة فيها.
*ولماذا فشلت الحكومة فى السيطرة على الاقتصاد غير الرسمى والأموال المهدرة فيه؟
هناك تباطؤ غير مبرر فى موضوع الشمول المالى، فعلى سبيل المثال فى تنزانيا يتم تقديم الفاتورة حتى فى المقاهى الشعبية، كما أن الصين لا يوجد بها دفع الأموال نقدًا ولكن عن طريق تطبيق إلكترونى.
وعلى الرغم من كل ما تم من زيادة حصيلة الضرائب إلا أن الحكومة أخفقت فى تحقيق الشمول المالى الذى يضيع على الدولة ما يقرب من 700 مليار جنيه سنويا.
والحسبة هنا بسيطة للغاية لأن الضرائب تقدر بـ25% من الناتج المحلى الإجمالى فى الدول النامية، والناتج المحلى يصل إلى 6 تريليونات جنيه فيجب أن نحصل على تريليون و500 مليار جنيه ضرائب، ولكن نحن نحصل على 800 مليار فقط والباقى يضيع ما بين دكاترة ومحاسبين وسماسرة شقق وغيره لم يدفعو.
وأرى أن موضوع الفاتورة الإلكترونية جيد جدًا ولكن لن أرتاح إلا حينما أرى أن المريض يدخل العيادة للدكتور ويأخذ بها فاتورة، وكل ما يتم إنفاقه على أي خدمة تكون مقابل فاتورة، بجانب تغليظ العقوبة على المخالفين، وإذا حدث هذا لن تكون حكومة جباية، ولكن سيكون هناك بعض التوازن فى جلب الضرائب.
*كيف يستطيع «المستريح» جمع الأموال وإنفاقها بعيدًا عن الجهاز المصرفى للدولة؟
فى البداية أنا لا أتعاطف مع أي شخص وضع أمواله مع أحد «المستريحين»، وكان فى الماضى نقول إنهم لا يعرفون، ويتم خداعهم، ولكن الآن بمعدل شهرى يتم القبض على مستريح جديد وإذاعة هذه الأخبار فى وسائل الإعلام، ولكن هناك طمع عند البعض فى كسب مزيد من الأرباح وهؤلاء هم من يقعون فى شباك المستريحين.
وأتساءل كيف استطاع رجل أن يجمع 4 مليارات جنيه فى مركز إدفو بأسوان، وهى منطقة صغيرة، وما يساعده على هذا هو عدم وجود شمول مالى، فإذا كان يوجد شمول مالى لم نكن نشاهد مثل هذا الحدث وهذه الظاهرة.
*كيف نقضى على ظاهرة المستريحين؟
نقضى عليهم من خلال تطبيق الشمول المالى الذى ينتهى دائمًا عند تغيير شكل العملة، فحينها تخرج جميع الأموال المخبأة وتدخل البنوك، لأنها لن تكون لها قيمة إلا إذا دخلت البنك، فأول استفادة هنا هو جمع هذه الأموال ووضعها داخل النظام المصرفى، ولكن لا يحصل مودعها على نقود جديدة فى المقابل، ولكن يحصل على تطبيق إلكترونى أو دفتر شيكات أو كريدت كارد، وبالتالى وجود شخص لديه مليارات الجنيهات نقدا لن تكون متوفرة، كما سيجرم التعامل النقدى إلا من خلال النظام المصرفى.
ونتمنى خروج مسئول من وزارة المالية ليضع جدولا زمنيا به مواعيد وضوابط تطبيق الشمول المالى، ولكن إذا لم يحدث هذا سيظل «المستريحين» يعملون كما يعملون الآن.
*لماذا نحن أكبر دولة مستوردة للقمح فى العالم رغم كوننا نستطيع زراعته؟
القمح المستورد أرخص من القمح المحلى، وبالتالى الحكومة كانت لا تحصل على جميع القمح المزروع من الفلاحين وكانت تفضل الاستيراد من بلاد رخيصة مثل روسيا وأوكرانيا.
وإذا وجد الفلاح سعرا عادلا للقمح كنا سنجد مساحات قمح أكبر من هذه، ولكن الدولة الآن بدأت تتجه لزيادة الرقعة الزراعية من القمح فى مصر لكى يتم الاكتفاء الذاتى من السلع الإستراتيجية.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"