فتحية العسال.. ثائرة ضحت بالزوج من أجل الحرية.. وسجن القناطر فجر طاقتها الإبداعية
من أشهر الكاتبات المصريات بل والعربيات، كانت حياتها هي سر نجاحها الكبير في عالم الكتابة والأدب، حيث تأثرت بالكثير من الأحداث في نشأتها ساهمت في تكوين شخصيتها كختانها ورؤيتها لخيانة أبيها لأمها وحرمانها من التعليم وتسلط أشقائها عليها هي الثائرة المتمردة المبدعة فتحية العسال التي رحلت في مثل هذا اليوم 15 يونيو عام 2014.
ولدت عام 1933، وتحكى فتحية العسال عن نشأتها في كتابها “سيرة في حضن العمر ”وتقول: ولدت بعطفة مندور حى السيدة زينب وتربيت بين السيدة والقلعة وهى أعرق أحياء القاهرة، كنا سبعة إخوة، وكان والدى ضد تعليم البنات، أخرجنى من المدرسة بصفتى بنت، ولم يساعد أحد على تعليمى، لكنى استطعت الاعتماد على نفسى في تعليمى القراءة والكتابة وعندما تأكد أبى أنى أقرأ وأكتب بدأ يشجعنى على القراءة.
رسائل الغرام
وبدأت الكتابة الأدبية في عام 1957 واهتمت بالقضايا الاجتماعية وقضايا المرأة بشكل خاص، تقول فتحية العسال:كتبت أول قصة ضمن رسالة غرامية لزوجي الأديب الراحل عبد الله الطوخي، وأول كتاب قرأته كان "عقلي وعقلك" لسلامة موسى، وهذ الكتاب هو الذي وجهني لما أنا فيه، ثم جاءت كتابات جبران خليل جبران قرأتها مع عبد الله الطوخي وابتدأت الحكاية.
لحظة صدق
وكتبت فتحية العسال، 57 مسلسلًا منهم: "مسلسل رمانة الميزان، وسيناريو مسلسل شمس منتصف الليل، وحبال من حرير، وبدر البدور، وهى والمستحيل، وحتى لا يختنق الحب، وحبنا الكبير، ولحظة اختيار، ولحظة صدق الحاصل على جائزة أفضل مسلسل مصري لعام 1975.
سجن النساء
أما قصتها "سجن النساء " تتناول فيها ظروف السجينات وتحكى فيها قصة اعتقالها شخصيا عام 1982 بسبب مواقفها السياسية حيث تكرر اعتقالها ثلاث مرات منها بسبب موقفها الرافض لاتفاقية السلام مع إسرائيل – كامب ديفيد – وحول تلك الواقعة قالت: عندما تشكلت لجنة الدفاع عن الثقافة القومية لمواجهة التطبيع في المجال الثقافي وأنا كنت جزءا منها وكانت معي لطيفة الزيات وعواطف عبد الرحمن وأمينة رشيد ورضوى عاشور وعبد العظيم أنيس ومحمود أمين العالم ونبيل الهلالي وجمال الغيطاني ويوسف القعيد.. وفي معرض الكتاب عام 1979 تم تخصيص جناح لإسرائيل فخرجنا جميعا وحرقنا العلم الإسرائيلي وتظاهرنا، وأثناء الليل قبضوا علي ووجدوا في بيتي المطبوعات والمنشورات التي تخص اللجنة، وأودعت سجن القناطر وهذه الفترة مهمة جدا في حياتي حيث كتبت أثنائها مسرحية "سجن النساء".. تحولت بعد رحيلها إلى مسلسل تليفزيوني.
بعد اعتقال فتحية العسال صدر قرار بمنع جميع أعمالها من التليفزيون والمسرح والسينما فكتبت إبداعاتها فى هذه الفترة بتوقيع نجيبة العسال وهو اسم شقيقتها الكبرى.
بدأت فتحية العسال مشوارها بالمسرح فى مسرحية "المرجيحة" عام 1969 وتبعتها مسرحية الباسبور، وفى الثمانينيات قدمت مسرحيات "نساء بلا أقنعة" بعد أن حذفت الرقابة كلمة نساء وأبقت الاسم "بلا أقنعة"، ومسرحية البين بين، ليلة الحنة، من غير كلام.
وكانت فتحية العسال عضو مجلس إدارة اتحاد الكتاب ورئيس جمعية الكاتبات المصريات وأمين عام اتحاد النساء التقدمى، وصفها المخرج خالد جلال بأنها ام لكل الناس، ووصفتها الفنانة سميحة أيوب بأنها عالم متفرد في حب الناس،مشوارها النضالى أكسبها حب الناس
بعد سنوات قليلة انفصلت عن زوجها الأديب عبدالله الطوخى وقالت فى مذكراتها: أنا طلبت الطلاق رغم الحب الكبير بسبب كلمة واحدة اسمها الحرية، كنت عاوزة أعرف أنا مين، عروسة بدوبارة واللاعب بيلعبها وبيلعب بيها.. اللاعب ده كان القديم اللى عايش جوايا منذ سنين، كنت عاوزة أعرف أنا حرة بصحيح أم بدعى الحرية تمردت على زوجى وطلبت الطلاق.
اللغم الأكبر
وفى المقابل كتب عبد الله الطوخى يقول فى سيرته "دراما الحب والثورة": الآن أعترف من الأعماق أن القضية بينى وبين فتحية هى قضية الحرية، بالتحدديد حريتها فى مواجهة حريتى، فقد تعاملت معها طوال حياتنا على أننى أنا الراعى المسئول عنها وكان هذا هو اللغم الأكبر.
استمر الطلاق سنوات قليلة ثم عاد الزوجان وبقيا معا أكثر من 25 عاما حتى رحيل الكاتب عبد الله الطوخى.
المبدعة ترشح نفسها
وعندما فازت فتحية العسال بجائزة الدولة للتفوق عن مشوارها أهدت الجائزة الى روح زوجها الراحل عبد الله الطوخى الذى تنبأ لها بنيل الجائزة قبل وفاته، والغريبة ان فتحية العسال لم ترشحها اى جهة للجائزة بل هي التي قامت بترشيح نفسها للجائزة لثقتها في نفسها فكانت اول سيدة ترشح نفسها للجائزة وقدرها 50 الف جنيه.
فيلما تسجيليا
وأنتجت الإدارة العامة للثقافة النسائية فيلما تسجيليا عن فتحية العسال مدته نصف ساعة بتكلفة 26 الف جنيه اخراج كريم سمير عزب اعداد على عفيفى يتناول دور العسال في اعتصام المثقفين بوزارة الثقافة والذى كان مقدمة لثورة 30 يونيو وتضمن الفيلم شهادات مختلفة من الفنانين والمبدعين