المغرب.. رئيس الوزراء الإخواني يستغل الخلاف مع الجزائر لحصد التعاطف
مرتديًا جبة الداعية والواعظ الإسلامي، اختار عبد الإله بن كيران، الركوب على التوتر المغربي الجزائري لحصد مزيد من التعاطف.
القيادي الإخواني، اختار مدينة وجدة الحدودية مع الجارة الشرقية للمملكة، لدعوة النظام الجزائري إلى "الرجوع إلى الله"، و"الكف عن اتخاذ المغرب عدوًا".
لعب على حبل التوترات
خطوة بن كيران، تأتي في وقت ينحدر التنظيم إلى الهاوية، بعد السقطة المدوية في الانتخابات الأخيرة، التي حصل فيها الحزب على تصويت عقابي، بعد عشر سنوات من التدبير الكارثي للشأن الحكومي.
وعوض الانكباب على معالجة المشاكل الداخلية للحزب، اختار بن كيران اللعب على وتر التوترات لاستمالة العواطف، لترقيع شعبيته المفقودة.
وفي المؤتمر الجهوي لحزبه، بمدينة وجدة، قال بن كيران: إن "هذا الوقت ليس للتفكير في انتزاع جزء من المغرب، وإحداث دولة مائة أو مائتي ألف شخص به للمرور عبرها إلى المحيط الأطلسي".
وأضاف أنه "يجب عليكم التفكير في كيفية تقوية وحدة المغرب العربي، والتفكير في مجموعة من القضايا على أننا دولة واحدة حتى-على الأقل-يهابنا خصومنا"، متسائلا: "كيف تتوفّر الجزائر على كل هذه المساحة من الصحراء والمغرب لا يملكها؟ هل يمكن شرح هذا الأمر؟".
وعاد المتحدث الإخواني للقاموس الديني، مُخاطبًا حُكام الجزائر بالقول: "الرجوع إلى الله، كلكم عجزة، وستذهبون للقاء الله".
شرعية مفقودة
الحزب يبحث عن شرعية مفقودة، وبطولات من ورق، حسبما يقول المحلل السياسي حسن بلوان، تعقيبا على تصريحات بن كيران.
بلوان، شدد على أن بن كيران، الذي "قدم نفسه في المؤتمر الأخير للحزب المنقذ الذي سيُعيده إلى الواجهة، بغض الطرف عن المشاكل الجمة التي يُعاني منها الحزب على المستوى الداخلي، ويمضي نحو الركوب على مواضيع معينة لترقيع ما مزقته سنوات التدبير الكارثي للشأن الحكومي".
تصدير المشاكل الداخلية للحزب، وسياسة الهروب إلى الأمام، يُمارسها لرسم صورة تُداري حقيقة الحزب، يقول المتحدث. لأن القيادة الحالية للتنظيم، أو حتى السابقة، لا تملك الجرأة لمواجهة الانتقادات الداخلية، وموجات الاستقالات المتتالية.
ولفت المتحدث، إلى أن "شيوخ الحزب، لو ركزوا في المشاكل الداخلية، ووجدوا لها حلولًا عبر الاستماع إلى القواعد من المناضلين، لما حازوا على تلك النتيجة المتدنية جدًا خلال الاستحقاقات الأخيرة".
وأشار إلى أن "الذي جر الحزب إلى هذا الوضع، هو جنون العظمة الذي رافق قياداته منذ أول أيامه في الحكومة الأولى التي قادها بن كيران، واستمر ذلك بعد انتخابات 2016، ورغبته ومن معه، في التحكم بباقي أحزاب المشهد السياسي".
تصدير للأزمات
بلوان، أكد أن سياسة تصدير الأزمات، لا ينهجها الحزب مع القضايا الدولية فقط، والتدخل في الشؤون الدبلوماسية التي حسم الدستور المغربي والقوانين المغربية المؤسسات المتخصصة فيها. بل تتم حتى عبر التدخل في الشؤون الداخلية لعدد من الأحزاب الأخرى في الساحة السياسية.
وضرب المتحدث مثالًا للتدخل الدائم لبن كيران ومن معه في الشؤون الداخلية لحزب التجمع الوطني للأحرار، وقبلها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ومهاجمته الكبيرة لقيادته.
وقبلهما، الحرب الضروس التي قادها ضد تحالف الاتحاد الدستوري مع التجمع الوطني للأحرار، وأيضًا العداوة التي كانت له مع حميد شباط، الأمين العام السابق لحزب الاستقلال، والتي أدت إلى انشقاق داخل الحكومة الأولى للعدالة والتنمية.
وبالتالي، يقول بلوان، فسياسة التدخل في شؤون الغير، هي مبدأ متأصل لدى هذا التنظيم، بغرض الركوب على الأمواج، وصنع بطولات وهمية، للتغطية على فشله المتكرر.
تدخل مستمر
وسبق أن سجل بن كيران، تدخلا في شؤون الجوار، برسالة وجهها في يناير الماضي، إلى زعيم حركة النهضة الإخوانية بتونس راشد الغنوشي.
وحينها عبّر عن ما قال إنه "تضامن" مع الإخواني التونسي نور الدين البحيري، المحتجز بتهم تتعلق بمحاولة إتلاف ملفات تثبت علاقة حزب النهضة بالاغتيالات السياسية.
الحزب الإخواني المغربي، عبر في رسالته عن انشغاله بالأحداث في تونس، إلا أنه تجاوز حدوده بالتدخل في شؤون الدول الأخرى، مع إبداء الرأي والتدخل في ملفات لم يحسم القضاء فيها بعد.
بلوان أوضح أن الذي يدرس مسارات التنظيمات الإخوانية في العالم أجمع، يجد تشابها في السلوك، وذلك من خلال اعتماد سياسات "تصدير الأزمات" و"الهروب إلى الأمام".
ورأى المحلل السياسي أن حزب العدالة والتنمية يمضي في محاولة منه لخلق بطولات من ورق للتغطية على فشله المستمر، وتشتيت انتباه مُريديه عن الفساد الذي ينخر هذه التنظيمات.
سلوكٌ إخواني وصفه بلوان بأنه تجاوز للحدود، وعدم احترام للخُصوصيات التي تتمتع بها الدول بشكل عام والصديقة على وجه الخصوص.