الخروج الآمن.. 3 أبعاد أساسية تراعيها الحكومة قبل الانسحاب من بعض الاستثمارات
قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، أن هناك 3 أبعاد رئيسية ستتم مراعاتها في عملية تخارج الدولة من القطاعات خلال الفترة المقبلة، الأول هو أن يتم التخارج بصورة تدريجية، ووضعنا تصورًا مع بعض الخبراء بالقطاعات التي يمكن التخارج منها بصورة سريعة، والقطاعات التي تحتاج لفترة أطول.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن البعد الثاني هو مراعاة الأبعاد الإستراتيجية والأمنية لبعض الأنشطة الاقتصادية، مشيرًا إلى أن هناك بعض الأنشطة تحتاج الدولة أن تتواجد فيها ولو بصورة جزئية، والبعد الثالث، هو أنه عند التخارج بالبيع أو التصفية هناك أبعاد يجب أخذها في الاعتبار، وكيفية التعامل معها، وهي كلها معطيات يجب مراعاتها الفترة المقبلة.
وأوضح مدبولي أنه من خلال الوثيقة بعد مراجعتها من قبل الخبراء وإبداء مقترحاتهم وآرائهم سيتم ترجمتها إلى إطار تنفيذي واضح، ووضع برنامج زمني وتقييم مدى نجاح الدولة في تنفيذ هذه الوثيقة، موضحا أن الوثيقة ستمكننا من وضع برنامج زمني واضح ودقيق حول القطاعات والأصول لبدء العمل عليها.
ودشن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، جلسة حوار مجتمعي بشأن وثيقة "سياسة ملكية الدولة"، التي أعلنت عنها الحكومة مؤخرا، وذلك بحضور العديد من خبراء الاقتصاد والمتخصصين، وممثلين عن مجلسي النواب والشيوخ، والقطاع الخاص، والمجتمع الأكاديمي، واتحاد الصناعات المصرية، والاتحاد العام للغرف التجارية.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن آليات الحوار مع الخبراء تتضمن: إطلاق منصة إلكترونية حوارية، وعقد ورش عمل، وتدشين تطبيق للهاتف المحمول.
وأوضح رئيس الوزراء أن مستهدفات الحوار مع الخبراء تتضمن التوافق بشأن الأنشطة التي سيتم التخارج منها والفترات الزمنية للتخارج، ومطالب واحتياجات القطاع الخاص لتعزيز تواجده في القطاعات المتخارج منها، وتحديد رسائل إيجابية لطمأنة القطاع الخاص، والإسراع من حركته في الفترة القادمة.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أن إصدار هذه الوثيقة يأتي استكمالًا للإصلاحات الحكومية التي تتبناها الدولة المصرية، والتي تستهدف تنفيذ المرحلة الثانية لبرنامج الإصلاحات الهيكلية 2021، وبرنامج تسييل أصول بقيمة 10 مليارات دولار سنويًا، وإطلاق حزمة من الحوافز الاستثمارية، وخصوصًا "الحوافز الخضراء"، وتطوير منظومة الحصول على الأراضي للمشروعات الصناعية، وتحسين مناخ المنافسة ودعم الحياد التنافسي.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، إن البعض يعتقد أن وثيقة ملكية الدولة ظهرت كرد فعل على الأحداث خلال الفترة الأخيرة، ولكن فعليًا تم بدء العمل على إعداد هذه الوثيقة منذ أكثر من 6 أشهر، وتحديدًا في نوفمبر الماضي.
وأضاف مدبولي: جاء هذا القرار في مرحلة كانت ترى فيها الدولة بمعطيات حركة الاقتصاد، أن هناك حاجة واضحة بوضع رؤيتنا وتوجهاتنا للخمس سنوات المقبلة على الأقل، وتحديد الأنشطة التي ستتواجد الدولة بها والأنشطة التي يجب أن تتخارج منها لإعطاء مجال أكبر لوجود القطاع الخاص بها.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن فترة إعداد وثيقة ملكية الدولة شهدت تشكيل مجموعات عمل تشمل الوزارات بالتعاون مع الجهات الأخرى، وبالتالي شارك بها خبراء ومختصون وممثلون بالقطاع الخاص.
وتابع مدبولي: "بذيع دا لأول مرة أنا كنت بقعد فيها لوحدي مع الزملاء حتى بعيدًا عن زملائي الوزراء، عشان ميبقاش في أي نوع من الضغط في توجه معين بحيث إنها تطلع وثيقة مستقلة ومحايدة قدر الإمكان".
وحول منهجية تحديد الأصول المملوكة للدولة، قال الدكتور مصطفى مدبولي إنه كان هناك فريقان، فريق من وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية بحكم أنها معنية بموضوع الاقتصاد، ومجموعة مشكلة من الخبراء بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار وبهم بعض الزملاء من الأجهزة الحكومية ومعهم خبراء اقتصاديون.
وأضاف أن المجموعتين خرجتا بنفس المجموعة من المعايير التي ستحكم كيفية اختيار الأنشطة الاقتصادية والقطاعات الاقتصادية التي تخرج منها الدولة أو تستمر فيها وهما 6 معايير.
وأوضح أول تلك المعايير ارتباط السلعة أو الخدمة أو النشاط نفسه بموضوع الأمن القومي، وهناك عوامل كثيرة جدا في هذا الصدد يمكن مناقشتها، مشيرا إلى أن المعيار الثاني هو أن النشاط في حد ذاته ممكن لا يكون غير جاذب للقطاع الخاص وبالتالي للاستثمار نتيجة لطبيعته أنه غير مدر لعائد وبالتالي ليس من المتوقع أن يدخل القطاع في هذا النشاط.
ولفت مدبولي إلى أن المعيار الثالث أن رؤية الدولة تتخارج من الصناعات الاستهلاكية لأننا متواجدون في بعض هذه الصناعات ونرى أن الدولة يجب أن تخرج منها، موضحا أن المعيار الرابع هو دخول الدولة كمنظم وممول وداعم لصناعات مستقبلية تكنولوجية لها صلة بالثورة الصناعية الرابعة، مضيفا أنه ليس هناك الكثير من القطاع الخاص متخصص في هذا المجال ومن الوارد كدولة لمرحلة ما أن ندخل في هذا الموضوع وعمل بنية تحتية له ومع الأنشطة الجديدة التي ستكون مرتبطة به سيأخذ القطاع الخاص دوره.
وأضاف أن المعيار الخامس هو أن دخول الدولة لا يؤثر سلبا على استثمارات القطاع الخاص، مشيرًا إلى أن المعيار السادس والأخير هو "أن الدولة المصرية لا تجيد إدارة الاستثمارات الموجودة حاليا في بعض هذه القطاعات ومن الأفضل منحها للقطاع الخاص لأنه أفضل في إدارتها وتشغيلها خلال المرحلة القادمة".
وأضاف أن هناك قطاعات سيتم التخارج منها بشكل كامل على مدار 3 سنوات وهناك قطاعات سيتم الإبقاء على تواجد الدولة وتخفيض تدريجيا الاستثمارات الموجودة فيها، لافتا إلى أن هناك قطاعات يجب الاستمرار فيها، ورفع الاستثمارات الحكومية فيها بحكم أن القطاع الخاص ليس موجودا في هذه القطاعات.
وقال رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي حول تخارج الدولة من النشاط الاقتصادي، إن البعض فهم معنى التخارج أنه بيع لأصول الدولة والقيام بخصخصة كاملة، مشيرا إلى أنه على مستوى العالم هناك مجموعة من الآليات والتي تسمى بآليات تخارج الدولة من النشاط الاقتصادي سواء كلية أو جزئية وعددها سبع آليات، بعضها يقوم بالفعل على البيع سواء الكلي أو الجزئي من خلال إدخال مستثمر أو طرح نسبة من هذه الأصول والشركات في البورصة للمصريين لتوسيع قاعدة الملكية للمواطنين وهو ما يتم عن طريق آليات محددة.
وأوضح أن هناك آليات أخرى للتخارج وذلك من خلال احتفاظ الدولة بالأصول من خلال ملكيتها لها، وتعطي فقط الإدارة والتشغيل بالكامل للقطاع الخاص.
وحول إعادة الهيكلة، قال مدبولي، إن حجم تواجد الدولة في عدد كبير من الشركات التي أنشئت على مدار عقود كثيرة نجد أن بعض هذه الكيانات تتداخل وتكرر عملها مع بعضها البعض، وبالتالي في حال الرغبة بعمل إعادة هيكلة حقيقية من الوارد أن يكون هناك اندماج ما بين هذه الكيانات وعقب الاندماج أن يكون هناك نوع من الطرح للاستفادة من القيمة الحقيقية لها.
وأشار إلى أن الدولة المصرية لم يكن لديها حصر كامل ودقيق لكافة أصول الدولة وأن عدد من هذه الأصول كان مقيم "دفتريا"، لافتا إلى أن هذا ما تم العمل عليه خلال الفترة الماضية بقوة لحصر أصول الدولة، مؤكدا أن الأهم خلال الفترة الحالية هو التقييم الصحيح لهذه الأصول.
وقال "نقوم حاليا بجهد من خلال عملية إعادة الهيكلة لدمج وتقييم حقيقي للأصول، وسنظل نعمل على ذلك حتى نصبح على دارية كاملة بالقيمة الحقيقية لأصول الدولة"، مشيرا إلى أن تجربة إنشاء الصناديق السيادية ووضع الأصول بها أعطت خبرة كبيرة في ذلك.
وأضاف أن هناك ثلاثة أبعاد رئيسية سيتم مراعاتها في عملية التخارج، وهي أن يتم التخارج بصورة تدريجية وعلى مراحل، مراعاة الأبعاد الاستراتيجية والأمنية للأنشطة الاقتصادية، تحديد منهجية التعامل بعد التخارج لتجنب التداعيات غير المواتية "العمالة والإيرادات".
وحول المبادئ الحاكمة لتواجد الدولة في هذه الوثيقة، قال مدبولي: "إننا استرشدنا بالمعايير والمبادئ الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية"، مضيفا "أن الحياد التنافسي يعد جزءا مهما في الوثيقة وهدفنا تنافس متكافئ وأسس تنظيمية بدون أي تمييز، ورؤيتنا الواضحة هي تفعيل استراتيجية حماية المنافسة ومراجعة وتقييم كافة الإجراءات لضمان وجود الحياد التنافسي وتعزيز دور وفعالية جهاز حماية المنافسة وإقرار التعديلات القانونية لإعطاء دور أكبر لجهاز حماية المنافسة خلال الفترة القادمة".
وفيما يخص الإطار التنفيذي لسياسة ملكية الدولة، قال مدبولي: "إنه من خلال هذه الوثيقة والقطاعات التي بداخلها ستمكننا من وضع البرنامج الزمني التفصيلي الدقيق لتقييم الأصول والعمل عليها".
وأوضح أن هناك ممثلين لمجلسي النواب والشيوخ للقطاع الخاص والمجتمع الأكاديمي واتحاد الصناعات والغرف التجارية للإدلاء بآرائهم في هذه الوثيقة.
وتابع: "سوف نطلق منصة حوارية للاستعانة بآراء الخبراء، حيث ستكون هناك ورش عمل متخصصة تضم المتخصصين والخبراء، علاوة على تطبيق على الهاتف المحمول لتوسيع مشاركة المتخصصين والمواطن الذي لديه اهتمام فيما يخص هذه المجالات، مبينا أن هذه المنصة الحوارية، ستحوي كل المنشورات والوثائق المرتبطة بهذه الوثيقة، كما سيتم عمل ورش إلكترونية.
وأوضح أن الهدف من اللقاء والحوار هو أن يكون هناك توافق بشأن الأنشطة التي سيتم التخارج منها والمدد الزمنية المناسبة للتخارج وهي نقطة مهمة جدا، والنقطة الثانية ما هي مطالب واحتياجات القطاع الخاص لتعزيز تواجده في القطاعات التي سيتم التخارج منها والنقطة الثالثة ما هي الخطوات والرسائل الإيجابية التي يجب أن تقوم بها الدولة خلال الفترة القادمة لطمأنة القطاع الخاص والإسراع من حركته في خلال الفترة القادمة.
وأعرب رئيس الوزراء عن أمله في الانتهاء من الوثيقة خلال 3 شهور بحيث تخرج بصورة رسمية للدولة، وستكون بمثابة دستور اقتصادي للدولة المصرية في خلال الفترة القادمة.
وأشار مدبولي إلى أن هذه الوثيقة جزء من الإصلاحات الحكومية التي تتبناها الدولة ونحن في المرحلة الثانية من الإصلاح الاقتصادي التي تركز على الإصلاحات الهيكلية.
حيث أعلن تدشين "منصة حوار الخبراء لوثيقة ملكية الدولة"، كمنصة إلكترونية لخلق حوار بناء بين نخبة من الخبراء والمتخصصين والحكومة المصرية، تتيح كافة المنشورات والوثائق حول الوثيقة، وأبرزها ملامح وثيقة ملكية الدولة، ودور صندوق مصر السيادي، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، كما تسمح بعقد ورش وحوارات إلكترونية في غرف نقاشية، وكذا استطلاع آراء الخبراء وذوي الشأن والمختصين.
ويمكن الدخول عليها من خلال هذا الرابط
وهناك فيديو حول المنصة، التي يأتي إطلاقها بهدف تعزيز آليات التواصل بين الحكومة والقطاع الخاص، وتمكين القطاع الخاص بمشاركته في صنع السياسات الاقتصادية، وتوعيته بإصلاحات بيئة الأعمال، وكذلك توثيق جميع الأنشطة والفعاليات الخاصة بالوثيقة.
وتتضمن المنصة مجموعة من دوائر الحوار لتمكين مجموعة من الخبراء والمتخصصين من مشاركة آرائهم ومقترحاتهم حول محاور عمل الوثيقة، من خلال الدخول على المنصة، كما سيكون بإمكان الخبراء أيضًا المشاركة في الحوار في العديد من القطاعات كالتعليم، والصحة، والزراعة، والاتصالات، وغيرهم.
ويمكن للمواطنين كذلك من خلال المنصة، متابعة مستجدات وتوصيات الحوار على المنصة، كما تتيح المنصة أيضًا مركزًا للمعرفة، يشمل جميع الوثائق والإصدارات المستخدمة في إعداد وثيقة ملكية الدولة، كما تتضمن المنصة كل الأنشطة والفعاليات ذات الصلة بالوثيقة وبحوار الخبراء، للخروج بتوصيات ونتائج تنشر على المنصة.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه سيتم عقد ورش عمل مع اتحاد الصناعات، والغرف التجارية، ومراكز الفكر المحلية، وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ، وسيتم الإعلان عن مواعيد ورش العمل عبر المنصة، حيث ستتضمن عقد ورشة عمل بشأن القطاعات، وعقد ورشة عمل بشأن الصناعات المختلفة.
وأضاف أنه يتم إطلاق تطبيق للهاتف المحمول باسم "شارك"، يتيح كافة المنشورات والوثائق حول الوثيقة، ومعلومات وأخبار دورية حول أنشطة الدولة في الملف، واستطلاع الآراء والاستفسارات.
ويمكن تحميل تطبيق " شارك" من خلال هذا الرابط