الصومال يتطلع للاستقرار مع تنصيب الرئيس رقم 10.. غياب أهم منصب في الحكومة.. ووفود عربية ودولية تشارك في الحدث اليوم
قبل ساعات من تنصيب الرئيس الصومالي الجديد حسن شيخ محمود، اليوم الخميس، يبدو الفريق الرئاسي مكتملا إلى حد بعيد إلا من منصب واحد هو رئيس الوزراء لعدم تسميته.
ووسط تشديدات أمنية مكثفة يستعد الصومال، لتنصيب الرئيس الجديد، في حدث تشارك فيه وفود عربية ودولية، متطلعا إلى الاستقرار المفتقد.
ومن المقرر تنظيم حفل التنصيب في قاعدة القوات الجوية الصومالية داخل مطار مقديشو بحضور دولي وعربي، فيما وصلت وفود من دولة الإمارات العربية المتحدة وجيبوتي، وإثيوبيا، وكينيا وجنوب السودان وجامعة الدول العربية للمشاركة.
إعلان المرشح بعد حفل التنصيب
ومنذ انتخابه رئيسا في 15 مايو الماضي يترقب الشارع الصومالي إعلان حسن شيخ محمود مرشحه لمنصب رئيس الوزراء في إدارته الرئاسية، لكن ساكن القصر الجديد يتجه إلى السير على نهج السياسة الصومالية، وإعلان المرشح بعد حفل التنصيب.
وفي الصومال، جرت العادة أن يعين الرئيس رئيس الوزراء خلال 30 يوما تبدأ من يوم انتخابه، على أن يشكل الأخير مجلس الوزراء في مدة تبلغ ثلاثين يوما من يوم تعيينه.
ويعتبر هذا تقليدا سياسيا متينا في الصومال وليس قانونا متبعا.
وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء هو أبرز المعينين في الفريق الرئاسي، إلا أن هناك تعيينات أخرى لا يمكن التقليل من شأنها، خاصة فريق المستشارين.
الرئيس الجديد
ما أن تنظر إلى سيرته الذاتية حتى تشعر بأن الرجل خاض حياة مهنية متنوعة أكسبته خبرات واسعة، إذ تنقل من التدريس إلى الإدارة ثم السياسة.
إنه حسن شيخ محمود رئيس الصومال المنتخب، الذي ينتظر تنصيبا على المَقْعَد الصعب، في وقت لاحق اليوم الخميس، وملفات عدة تتزاحم على مكتبه انتظارا للحسم.
ومنتصف الشهر الماضي، كسر حسن شيخ محمود عرفا انتخابيا دام 62 عاما في التاريخ السياسي للصومال، بعد أن فاز بالانتخابات الرئاسية بعد خروجه من السلطة في فترة سابقة.
ولم يسبق أن فاز رئيس سابق بولاية ثانية في الصومال، لكن الرئيس حسن شيخ محمود فعلها بعد أن فاز على منافسه الرئيس المنتهية ولايته محمد عبدالله فرماجو.
مسيرة مهنية
وحسن شيخ محمود هو ثامن رؤساء الصومال (2012-2017) وعاشر رؤسائها (2022-2026)، ولد في مدينة جللقسي وسط الصومال عام 1955.
وتلقى تعليمه المدرسي في جللقسي، ثم انتقل إلى العاصمة مقديشو عام 1978، قبل أن يحصل في عام 1981 على شهادة جامعية في التربية من الجامعة الوطنية.
وفي عام 1988، حصل شيخ محمود على درجة الماجستير في إحدى الجامعات الهندية، ثم عمل أستاذا في جامعة حكومية حتى انهيار الحكومة المركزية بالصومال في عام 1990.
وبعد انهيار الحكومة، لم يغادر شيخ محمود البلاد، وفضل العمل في عدد من المنظمات الدولية العاملة بالصومال.
وفي عام 1993، عاد السياسي البارز إلى ملف التعليم ولكن من الجانب الإداري، ووجه جهوده لتأسيس "جامعة سيمد" إحدى الجامعات الأهلية المرموقة في البلاد.
رئاسة ومعارضة
ومن الباب الكبير، دخل حسن شيخ محمود السياسة فعليا في 2012، حيث انتخب نائبا في البرلمان الصومالي وترشح لمنصب الرئاسة التي وصل إليها بشكل مفاجئ، وخدم كرئيس للبلاد من سبتمبر 2012 وحتى فبراير 2017.
واتسمت فترة رئاسة شيخ محمود الأولى، بالاستقرار السياسي وبناء علاقات قوية مع الداخل والخارج واتباع سياسة "تصفير الأزمات" وتعزيز نظام الحكم في الصومال المبني على الفيدرالية، إضافة إلى محاربة حركة الشباب الإرهابية، حيث حرر مدنا كبرى جنوب ووسط البلاد.
ومن القصر الرئاسي إلى مقعد المعارضة، لم يتوان شيخ محمود عن لعب دور كبير في جهود المعارضة ضد نظام الرئيس المنتهية ولايته فرماجو، عبر حزبه اتحاد السلام والتنمية المعارض، وساهم في جهود إفشال سياساته التخريبية التي ضربت استقرار الصومال.
وقبل خوضه انتخابات الرئاسة مجددا الشهر الماضي، كانت فرص السياسي البارز مرتفعة، إذ حظيت حملته الانتخابية بدعم النخبة السياسية، واستغل خير استغلال عثرات فرماجو وسياساته العنيفة، وهو ما تم ترجمته في فوزه بالاقتراع الرئاسي مجددا.
ووسط تشديدات أمنية مكثفة، يستعد الصومال الخميس، لتنصيب الرئيس الجديد، في حدث تشارك فيه وفود عربية ودولية.
ومن المقرر تنظيم حفل التنصيب في قاعدة القوات الجوية الصومالية داخل مطار مقديشو بحضور دولي وعربي، فيما وصلت وفود من جيبوتي، وإثيوبيا، وكينيا جنوب السودان وجامعة الدول العربية للمشاركة.
تحديات جمة
وبعد حفل التنصيب، ينتظر شيخ محمود في العهد الجديد، أجندة مثقلة يتصدرها تضميد الجروح التي تركها فرماجو في الملفات السياسية والأمنية والاجتماعية وفي القضايا الدولية والمحلية.
وسيكون على الرئيس حسن محمود العمل على إيصال البلاد إلى انتخابات رئاسية مباشرة، واستكمال دستور البلاد (المؤقت الحالي) وعرضه على التصويت الشعبي لتحويله دستورا رسميا.
ومن الملفات الرئيسية الأخرى تعزيز الأمن والاستقرار ومواجهة حركة الشباب الإرهابية المرتبطة بتنظيم "القاعدة" وهزيمتها، حيث ازدادت الحركة قوة خلال السنوات الخمس الماضية وفق تقارير محلية وغربية، وإعادة بناء الجيش الصومالي وإبعاده عن السياسة.
ومن الملفات العالقة أيضا العمل على تحسين العلاقات بين الولايات والحكومة الفيدرالية التي تدهورت بشكل كبير خلال الفترة الماضية بسبب سياسيات فرماجو، وتعزيز العلاقة بين البرلمان والحكومة من أجل الوصول إلى جو توافقي ومستقر لتعزيز العمل الحكومي ورفع جودة الخدمات.
ونتناول في هذا التقرير المستشارين الذين عينهم الرئيس حسن شيخ محمود في فريقه الرئاسي، منذ انتخابه قبل ثلاثة أسابيع.
وإجمالا، عين الرئيس الصومالي حتى الآن 6 مستشارين في مجالات مهمة مثل الأمن، والاقتصاد، والقانون، والدستور، والفيدرالية والبرلمان.
الأمن القومي
وفي المجال الأمني عين رئيس الصومال حسين شيخ علي مستشارا للأمن القومي، وهو من أسس معهد هيرال للدراسات الأمنية في العاصمة مقديشو.
كما خدم حسين شيخ علي كمستشار للأمن القومي خلال ولاية الرئيس الحالي الأولى بين عامي (٢٠١٢-٢٠١٧).
وفي الأشهر الأولى من رئاسة الرئيس السابق محمد عبدالله فرماجو، وبالتحديد في عام 2017، خدم حسين شيخ علي كمستشار للأمن القومي، لكنه تنحى عن منصبه، وأصبح معارضا شرسا للنظام خلال السنوات الخمس الماضية.
وحسين شيخ علي حائز على بكالوريوس في التاريخ وماجستير في الاستخبارات والدراسات الأمنية، وهو خبير وأكاديمي بارز عمل في المجال الأمني خلال الـ13 عاما الماضية.
وعلى مدار السنوات الماضية كان الرجل قريبا من القصر الرئاسي والأجهزة الأمنية لفترات طويلة، وكان مهتما بمجال رصد تمويل الإرهاب ومكافحة القراصنة.
خبير بارز
وفي الجانب الاقتصادي، عين الرئيس حسن شيخ محمود الدكتور حسن آدم هوسو مستشارا اقتصاديا في الفريق الرئاسي الجديد.
وآدم كان معارضا شرسا لنظام فرماجو السابق، وهو أكاديمي بارز وناشط سياسي وخبير في الاقتصاد، يحمل مسيرة مهنية كبيرة في هذا المجال.
وبدأ آدم حياته الجامعية في مصر، خاصة جامعة الأزهر، ثم سافر إلى كندا، حيث حصل على بكالوريوس اقتصاد، ثم الماجستير والدكتوراه في نفس التخصص من جامعات أمريكية.
وقبل عودته للبلاد، عمل كخبير اقتصادي بوزارة البترول في مقاطعة ألبيرتا بكندا، ثم عاد إلى الصومال عام 2019، وعمل منذ ذلك الحين مستشارا في الاقتصاد في مكتب بعثة الأمم المتحدة.
"خصم فرماجو"
وبالإضافة إلى ذلك، عين رئيس الصومال إيدلي سليمان مستشارا قانونيا، وهو ليس بغريب عن حسن شيخ محمود.
وكان سليمان رئيسا للمحكمة العليا في الصومال بقرار من شيخ محمود، في الفترة من مايو 2016 وحتى مايو 2018، قبل أن يعزله فرماجو من منصبه.
ويعد سليمان خبيرا قانونيا عمل في مجال القضاء بمنطقة أرض الصومال قبل تجربته في رئاسة المحكمة العليا.
كما نشط سياسيا منذ عزله على يد فرماجو، قبل أن يتولى منصب المستشار القانوني قبل أيام.
ويتمتع الرجل بسمعة طيبة لدى الأوساط السياسية والقانونية، إذ لم يحدث في فترته تسييسا للقضاء وأفشل محاولات فرماجو في هذا الصدد، ما أدى في النهاية إلى عزله.
ومن القانون إلى الدستور، حيث عين الرئيس حسن شيخ محمود الدكتور عبدالرحمن باديو المولود عام 1954، مستشارا دستوريا.
ويملك باديو مسيرة مهنية متشعبة، إذ يعد أكاديميا وضابطا سابقا في الجيش وداعية ومهندسا وناشطا سياسيا، ويتمتع بسمعة طيبة وساهم في صياغة الدستور الصومالي المؤقت الحالي.
كما أن باديو من أبرز قيادات المجتمع المدني في الصومال، وله دراسات في مجالات بناء الدولة والمصالحة والدستور.
وخلال الفترة الماضية، أشادت الأوساط السياسية والقانونية بتعيين باديو في هذا المنصب، ويرى المتابعون أنه "خيار موفق".
فيدرالية وبرلمان
ومن أجل تعزيز العلاقات بين الحكومة الصومالية والولايات، عين الرئيس الصومالي أحمد عباس أحمد مستشارا للشؤون الفيدرالية.
وأحمد هو خبير في الاقتصاد والقانون، وساهم في جهود صياغة ودستور الصومال، كما ساهم في بناء الدولة خلال العقود الثلاثة الماضية.
وفي الفترة الماضية، عمل أحمد ناشطا وباحثا في مركز فكري مقره بولاية بونتلاند الصومالية، وكان من مؤسسيه، ويدعو المركز إلى تعزيز الفيدرالية كنظام حكم مثالي في الصومال.
ومن الولايات إلى البرلمان، إذ عين حسن شيخ محمود زكريا غاشان مستشارا في شؤون البرلمان، وهو نائب سابق كان عضوا في حزب اتحاد السلام والتنمية الذي أسسه الرئيس الصومالي الحالي.
وكان غاشان معارضا شرسا لنظام فرماجو، فما كان من الأخير إلا أن دفع باتجاه خسارة الرجل مقعده النيابي، لكنه عاد من بوابة القصر الرئاسي كمستشار لشؤون البرلمان.