رئيس التحرير
عصام كامل

علي جمعة: انتشار سوء الخلق والخصام والنفاق والشرك يرجع لاختيار مطاعمنا

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

طالب الدكتور علي جمعة، المفتي السابق للجمهورية، بان نختار مطاعمنا فقال "علينا أن نتخير مطاعمنا"، حيث أرجع كثير من العلماء سوء الخلق الذي يسري بين الناس فيؤدي إلى التنازع والخصام، وإلى سوء الأخلاق والنفاق، ثم بعد ذلك إلى الشرك إلى سوء المطعم.
وقال علي جمعة عندما تخلينا عن الطعام الطيب، وأكلنا كل شئٍ في الطرقات من غير تحرٍ، لسد الجوع ولملء البطن؛ تنازع الناس، وأضاف قائلًا " رأينا سوء الخُلق ينتشر فيهم، لأن الذي لا يتحرى في طعامه ومأكله إنما هو دنئ، وماذا تنتظر من الدنئ إلا سوء الخلق والنزاع والخصام بين الناس"

سبب الأخلاق السيئة

وكتب علي جمعة تدوينة على الفيس بوك: "سيدنا النبي المصطفى والحبيب المجتبى ﷺ أرشدنا من طرفٍ خفي وأرشدنا بالصريح من حديثه أننا ينبغي علينا أن نتخير مطاعمنا، وأرجع كثير من العلماء سوء الخلق الذي يسري بين الناس فيؤدي إلى التنازع والخصام، وإلى سوء الأخلاق، ثم إلى النفاق، ثم بعد ذلك إلى الشرك والكفر بالله والعياذ بالله تعالى؛ إلى سوء المطعم على مستوياته كلها سواء أكان الطعام من حرام وإن كان حلالًا في ذاته–ما جاء من الرشوة والسرقة-، أو كان الطعام حرامًا قد حرمه الله علينا كالخمر والخنزير والميتة، ولكن من جملة الطعام الذي يدخل ليُكوّن لحمك ودمك له علاقة بتقواك لله رب العالمين."
وقال علي جمعة: "هذا المعنى يقول فيه سيدنا رسول الله ﷺ: "أطب مطعمك تكن مستجاب الدعاء" فتحري الطعام الطيب في نفسه بأن يكون ممن أباحه الله، وكذلك يكون طعمه طيب، ويكون قد وصل إلى الناس من طريق حلال -الكسب المشروع-،  يقول النبي ﷺ: "الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ثُمَّ يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِّىَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ» 

طيب الطعام

وتابع قائلًا: "نعم من طيب الطعام أن يكون من حلال، ولكن حتى الطيبات أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نأخذ منها أطيبها، وكلما حرر الإنسان، وخاصة المسلم،  في طيب الطعام يتلذذ ويتذوق طعمه ولا يكون همّه ملء بطنه فإنه يترقى في استجابة الدعاء مع الله. وقال الحسن البصري رضي الله تعالى عنه: «كانت بلية أبيكم آدم أكله، وهي بليتكم إلى يوم القيامة».
وأضاف "يقول سيدنا النبي ﷺ: «بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاَتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ». فأنت تتخير القليل ولكنه له كفاءة عالية، والكفاءة لا تتأتى بغلو الأثمان؛ إنما تتأتـى بأن الإنسان لا يكون همه بطنه ولا أن يملأ بطنه كيفما بل عليه أن يتأنى، وكان رسول الله ﷺ إذا مضغ أحسن المضغ، يقول في أيام التشريق: "أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ"، فجمع بين الأكل والشرب وبين ذكر الله."

واستطرد على جمعة قائلًا: "يقول سبحانه وتعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا ويشترك معهم الكافرون والمشركون والمنافقون على مائدة الرحمن سبحانه وتعالى، وهو الكون الفسيح العظيم، ولكنها خالصة لأولئك المؤمنين يوم القيامة."

التنازع والنفاق

وقال "الله سبحانه وتعالى يحب الجمال ويحب من الطعام أطيبه، وهذا الطيب عندما تخلينا عنه وأكلنا كل شئٍ في الطرقات من غير تحرٍ إنما هو لسد الجوعة ولملء البطن؛ تنازع الناس ورأينا سوء الخُلق ينتشر فيهم، لأن الذي لا يتحرى في طعامه ومأكله إنما هو دنئ، وماذا تنتظر من الدنئ إلا سوء الخلق والنزاع والخصام بين الناس!"
وأضاف "وعندما أفاق أولياء الله الصالحون أهل الكهف من غفوتهم التي منّ الله عليهم بها قالوا ﴿فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ﴾ ﴿أَزْكَى﴾ ولم يقولوا (فليأتنا بطعام) فنحن منذ ثلاثة مائة سنةٍ أو يزيد في جوعة لا يعلمها إلا الله فليبادر وليأتنا بأي شئ، أبدًا قال ﴿فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا﴾."
وقال علي جمعة: "ربط النبي ﷺ بين الأكل والشرب وبين الفكر، وربط الله هذه الحالة التي ارتضاها لأهل الكهف_ وهم أهل الله_ بالأزكى من الطعام، وكان آباؤنا وأجدادنا يهتمون بطيب الطعام، وانظر إلى هذه الآية التي تكلم الله فيها مع بني إسرائيل ﴿وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ ولم يقل (كلوا طيبات) و﴿مِن﴾ للتبعيض يعني كلوا بعض طيبات ما رزقناكم."


واختتم علي جمعة تدوينته قائلًا: "فينبغي على الإنسان أن يتحرى الجمال في الأكل، والحلال في الأكل، والإقلال في الأكل فلا يسرف، ولا يملأ بطنه بل يتخير."
 

الجريدة الرسمية