مدير مكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة: القادة الدينيون يلعبون دورا حاسما في ترسيخ القيم السلمية
نقل د. جيهانكير خان مدير مكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة تحيات وكيل الأمين العام لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، السيد فلاديمير فورونكوف، إلى فضيلة الدكتور شوقي علام -مفتي جمهورية مصر العربية ورئيس المجلس الأعلى للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم- وللحكومة المصرية على دعوتهم الكريمة لهذا الحدث المهم، والتنظيم الممتاز، والترحيب الحار وكرم الضيافة.
جاء ذلك خلال كلمة له ألقاها في مؤتمر "التطرف الديني: المنطلقات الفكرية، وإستراتيجيات المواجهة" الذي نظمه مركز سلام التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم مشيرًا لتقديم المباركة لدار الإفتاء المصرية إطلاقها مركز سلام لدراسات التطرف، وثنائه على رؤيتها للمركز وجهدها المبذول لمنع التطرف العنيف ومكافحته، وتعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب، وتشجيع تبادل الممارسات الدولية الجيدة في منع الإرهاب ومكافحته.
وأشار خان إلى العلاقة الجيدة الطويلة الأمد لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب مع جمهورية مصر العربية وإلقاء الضوء على الدَّور الهام الذي لعبته مصر في توجيه الاهتمام الدولي والعمل على مكافحة الخطاب الإرهابي بشكل استباقي.
كما تقدَّم خان بتهنئة مصر لمساهمتها ودَورها الرائد في تطوير الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب، التي اعتمدها وزراء الداخلية العرب بالتوافق في 2 مارس 2022، وهي الاستراتيجية التي تم تطويرها بدعم فني من مركز مكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة، والتي تعد إنجازًا هامًّا للدول العربية يظهر من خلالها ريادة المنطقة، وخصوصًا دَور جمهورية مصر العربية الهام ومساهمتها الفعالة في منع ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف في جميع أنحاء العالم.
وأضاف خان أن إطلاق مركز سلام الذي نشهده اليوم يأتي في توقيت دقيق حيث يتواصل التهديد الذي يشكله تنظيم داعش والجماعات التابعة له للسلم والأمن الدوليين.
وأردف قائلًا: ويعتبر التفاعل بين الإرهاب والنزاع المسلح وخطر الانتشار الإقليمي بمثابة تحدٍّ إستراتيجي، بينما يظلُّ التطرف الإرهابي عبر الإنترنت وعمليات التجنيد والهجمات المستوحاة من داعش مصدرَ قلقٍ رئيسيًّا.
وشدَّد خان على أن تنظيم داعش والجماعات التابعة له بالإضافة إلى جماعات إرهابية أخرى تواصل جهودها لتفعيل حملات التواصل، مستغلةً الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية والمظالم والتوترات السياسية، التي غالبًا ما قد تفاقمت بسبب جائحة COVID-19، هذا وقد تضاعفت المخاوف بشأن الاستغلال الإرهابي لوسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك المنصات المصاحبة للألعاب الترفيهية، في الوقت الحاضر.
وعن منهج الأمم المتحدة تجاه مكافحة ومنع التطرف العنيف قال خان: إنه استجابةً للطبيعة الديناميكية لهذا التهديد المتطور، فإن الأمم المتحدة تعزِّز وتدعم العمل متعدد الجوانب، حيث قامت ببناء هيكل استراتيجي لضمان تماسك وتفاعل برامج مكافحة الإرهاب، ففي عام 2006، تم اعتماد استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب (A / RES / 60/288) بالإجماع، وكذلك من خلال التعديلات اللاحقة، لم تقتصر الاستراتيجية على إرسال رسالة واضحة مفادها أن الإرهاب غير مقبول بجميع أشكاله ومظاهره فحسب، بل إنها تقوم بتوجيهنا أيضًا إلى الخطوات العملية التي يتعيَّن علينا اتخاذها سواء بشكل فردي أو جماعي من أجل منع ومكافحة الإرهاب، والأهم من ذلك أن الاستراتيجية تعترف بالحاجة إلى أن ترتكز هذه التدابير على سيادة القانون وحقوق الإنسان.
وأضاف: وفي مراجعتها السابعة لتلك الاستراتيجية، شدَّدت الجمعية العامة على أنه عندما تتجاهل جهود مكافحة الإرهاب سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي وتنتهك القانون الدولي بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، قانون المساعدات الدولية الإنسانية والقانون الدولي للاجئين وحقوق الإنسان والحريات الأساسية.
ولفت خان النظرَ إلى أنه علاوة على ذلك، يجب أن نعترف أيضًا بالتحول الكبير في التركيز الاستراتيجي الذي تمكن الأمين العام من قيادته من خلال خطة عمل لمنع التطرف العنيف ومكافحته.
وشدَّد خان على أن القادة الدينيين يلعبون دورًا حاسمًا في ترسيخ القيم السلمية والإنسانية المتأصلة في معتقداتهم الدينية مباشرة في المجتمعات التي قد تتلقى في الوقت نفسه روايات معكوسة عن الكراهية والانقسام من الإرهابيين والمتطرفين العنيفين.
وأضاف خان أن مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب -الذي يتولى رئاسته- يركِّز على بناء القدرات العالمية لمواجهة هذه التهديدات، وأن مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب لديها برنامج عالمي لمنع التطرف العنيف ومكافحته، والذي يسهم في مساعدة الحكومات والمنظمات الإقليمية والمجتمع المدني على بناء المرونة والقدرة التقنية للحد من مخاطر الإرهاب والتطرف العنيف.
وحول مكافحة الخطاب المتطرف قال خان: تُعد السياسات التنازلية في غاية الأهمية في منع التطرف العنيف ومكافحته، ولكن ما يتبقى هو تحدٍ أساسي: كيف نخوض "المعركة الأيديولوجية" من أجل كشف زيف الخطاب المتطرف والإرهابي، ومواجهة الخطاب البديل عن المرونة والتماسك.
واختتم خان كلمته قائلًا: إن افتتاح مركز سلام اليوم يعد جزءًا هامًّا آخر من جهد الرواية المضادة العالمية الذي تتصدره مصر مرة أخرى، وأن مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب على استعداد لبَدء حوار حول كيفية زيادة تأثيرنا الجماعي ضد روايات الإرهابيين والمتطرفين العنيفين، وأن الافتتاح اليوم هو الخطوة الأولى فيما أعرف أنه سيكون علاقة هامة ومفيدة للطرفين بين مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ومركز سلام، إنها علاقة ستتجاوز المشاركة في منع التطرف وسيكون لها صلة وتأثير عبر مجموعة من قضايا مكافحة الإرهاب.