رئيس التحرير
عصام كامل

تفاصيل حصار أنصار المعزول بمسجد الفتح.. قيادات اعتصام رابعة يخبرون الدكتور بأن النصر قادم.. السحور جبنة ورغيف خبز وصلاة الفجر بالتناوب.. الاتصال بقناة الجزيرة والادعاء كذبًا بوجود نساء وأطفال


كانت الساعة تشير إلى الواحدة صباحا، حينها كنت متواجدا بقلب ميدان رمسيس لمتابعة الأحداث الملتهبة بين أنصار الرئيس المعزول، وقوات الجيش والشرطة التي كانت تطلق الغاز المسيل للدموع بكثافة فاقت كل الحدود وبعض من أهالي المنطقة والباعة الجائلين الذين تصدوا للإخوان بصحبة بعض البلطجية، لدرجة أنني وصلت لمرحلة من الاختناق بسبب ذلك الغاز، ولجأت لمسجد الفتح المطل على الميدان للاحتماء به من الغاز ووضع بعض الخل على عيني للتغلب على تأثير الغاز.


وأثناء وجودي بالمسجد والتحدث مع الطبيب الذي يعالج المصابين، فوجئت بتدافع عدد كبير من أعضاء الجماعة يلهثون للاحتماء بالمسجد، وخلفهم عدد من الباعة يرفعون الأسلحة البيضاء، ليلجأ أعضاء الجماعة للمسجد ويغلقون الأبواب خلفهم وأتفاجأ بوجودي محاصرا وسط مؤيدي الرئيس المعزول والبلطجية خارج المسجد.

إشارات البلطجية الموجودين خلف النوافذ الزجاجية للمسجد كانت تثير الرعب بين المحاصرين، حيث قالوا وهم يحملون الأسلحة البيضاء والخرطوش للمحاصرين: "هندبحكم هنا".

على الفور قام إمام المسجد الشيخ عبد الحفيظ المسلمي الذي كان موجودا ومعه بعض أهالي المنطقة لأداء صلاة التهجد وقيام الليل بالدفاع عن المسجد، بجمع بعض من كبار السن الموجودين وبعض الشباب وعمل غرفة عمليات بغرفة إمام المسجد لبحث تأمين المسجد ضد هجوم البلطجية، واتفقوا على استخدام الأثاث الخشبي الموجود بالمسجد وبعض الكراسي من دار المناسبات لتأمين مداخل وأبواب المسجد، والاتفاق على تأسيس لجان تأمين لكل المداخل الموجود بالمسجد والتي تتعدى 5 أبواب، على أن يقوموا بحراسة المداخل بالتناوب مع الآخرين والراحة فيما بينهم.

فور الاطمئنان لتأمين المسجد، فتح أحد أعضاء الجماعة الموجود بالمسجد ويدعى الدكتور عصام، خطا ساخنا مع من سماهم قيادات الجماعة بمنصة رابعة العدوية التي تشهد اعتصام الإخوان المسلمين، وطمأن الدكتور كما يلقبه الجميع، بأن المسيرات ستنطلق من رابعة لفك حصارنا ونصرتنا وأن القيادات بالجماعة يخبروكم بأن النصر ثبات ساعة.

ومع حلول الساعة الثانية والنصف صباحا واقتراب موعد صلاة الفجر، بات الشغل الشاغل للموجودين هو كيفية تناول السحور من أجل تحمل مشقة صيام اليوم التالى، فأخذ كل من الموجودين يبحث في حقيبته عن الطعام، ويفاجأ عضوان من الجماعة الجميع بوجود بعض الخبز والجبن، والتي أحضروها معهم من "رابعة" تحسبا لإعلان الاعتصام في ميدان رمسيس، ووزعوها على الموجودين.

وعقب تناول السحور بدأ الجميع الاستعداد لأداء صلاة الفجر في ظل وجود دورة مياه واحدة بغرفة الإمام، خاصة أن دورات المياه بالمسجد موجودة بالخارج، وهو ما مثل مشكلة لوضوء 500 فرد في مكان واحد، وتم حل الأزمة بملء بعض الزجاجات والوضوء منها.

في هذه اللحظات اتصل أحد القيادات بالجماعة وطالب الموجودين بتجهيز أحد الحاضرين للتحدث لقناة الجزيرة، وتم تفويض إمام المسجد والطبيب الموجود للتحدث للقناة والاستغاثة من خلالها بأن المسجد محاصر وانصروا الإسلام ووجود العديد من المصابين والأطفال، بالإضافة لسيدتين.

كان هناك حالتان مصابتان تثيران رعب الجميع، حيث أصيب الأول بطلق خرطوش أسفل عينه اليمنى، فيما أصيب الثاني بطلق خرطوش في الصدر، مما دفع الطبيب المتواجد للبقاء بجانبهما بصفة مستمرة والاطمئنان على حالتهما، بالإسعافات الأولية من قطن وشاش ومطهر وهى تركته إحدى سيارات الإسعاف قبل حصار المسجد لعلاج المصابين.

وفور صلاة الفجر، والتي تمت على ثلاث مراحل من أجل حراسة وتأمين المسجد، ترددت أنباء بين المتواجدين بأن الجيش استطاع رد المسيرات القادمة من ميدان رابعة العدوية، وتفريقها من ميدان العباسية ليسود الحزن بين الموجودين، ويعلن "الدكتور" أن علينا البقاء للصباح للخروج في ضوء النهار وفي تواجد المارة بالشارع وهو ما يمثل أمانا لنا لدى خروجنا.

وفي الفترة ما بين صلاة الفجر وطلوع النهار، شهد المسجد مفاوضات بين الدكتور وإمام المسجد مع أحد المواطنين الموجودين بنافذة المسجد والتي طالب فيها بخروجنا وأنه سيحمي الموجودين بدمه وأنه أحد سكان المنطقة، ولكن الجميع رفض الخروج خوفا من أن يكون كمين من أحد البلطجية وطالبوا بضرورة الخروج تحت حماية رسمية من الجيش.

وتبادل المتواجدون الراحة والحراسة، وسط بعض المناوشات على النوافذ والأبواب من البلطجية، ويستمر الوضع لحين اقتراب الساعة من العاشرة والنصف، التي شهدت اجتماعا لقيادات المحاصرين، وخرجوا بخطة أعلنوها على المتواجدين بالمسجد تكمن في مخاطبة أهالي المنطقة والجيش عبر "ميكروفونات" المسجد لمناشدتهم إخراج المصلين من المسجد، وأنه سيتم فتح المسجد للمصلين بصلاة الظهر مع تفتيشهم قبل الدخول تحسبا لحملهم أسلحة.

استجاب أهالي المنطقة لدعوة إمام المسجد، ودخلوا لأداء صلاة الظهر وحماية المحاصرين بأعداد كبيرة، مع وجود العشرات من الأخوة الأقباط لحماية المحاصرين، وأدوا صلاة الظهر خلف الشيخ "المسلمي" الذي أبهر الموجودين أثناء دعائه لمصر وللمصريين وأبكى كل الموجودين بالمسجد.

ويخرج الجميع من المسجد عقب الصلاة مرددين هتافات: "الله أكبر.. الله أكبر"، "الدم المصري كله حرام".
الجريدة الرسمية