دولة تضحي بالاتحاد الأوروبي وتبرم صفقة غاز مع روسيا
عززت صربيا علاقاتها بروسيا عبر اتفاقٍ لاستيراد الغاز منها، وذلك علي الرغم من سعي الأوروبيون لعزل موسكو والاستغناء عنها كمصدرٍ للطاقة.
وتقدمت بلجراد بترشحها لدخول الاتحاد الأوروبي منذ 10 سنوات، إلا أنها تحتفظ بعلاقات وثيقة مع الكرملين وترفض الالتزام بالعقوبات ضد موسكو على الرغم من أنها دانت العدوان الروسي على أوكرانيا في الأمم المتحدة.
وأعلن الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن بلاده وقعت على تمديد اتفاقية الحصول على شحنات غاز روسي بأسعار مخفضة لثلاث سنوات.
وأضاف بعد اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين أنها "أفضل صفقة في أوروبا على الإطلاق" بحسب "رويترز".
وقال في مؤتمر صحفي "سيكون لدينا شتاء أكثر أمنا في إمدادات الغاز".
وأوضح أن الفاتورة الحالية "أقل بثلاث مرات تقريبًا مما هي عليه في اي مكان في أوروبا، وهذا الشتاء ستكون أقل بعشر مرات إلى 12 مرة" وفق قوله.
النفط الروسي
وقد اتفقت الدول الأوروبيّة هذا الاسبوع بصعوبة لفرض حظرٍ على جزء كبير من واردات النفط الروسي لتجفيف مصادر تمويل العمليات العسكرية في أوكرانيا.
وتسعى هذه الدول أيضًا إلى خفض اعتمادها على الغاز.
وقامت موسكو بقطع امدادات دولٍ أوروبيّة عدة إلا أنّ احتمال فرض فرض حظرٍ شامل يبدو بعيدًا.
الاتفاق النفطي مع موسكو
دانت بروكسل الاتفاق النفطي مع موسكو، معلنة أنها كانت تنتظر من صربيا ألاّ "تمعن في تعزيز علاقاتها بموسكو".
وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية بيتر ستانو "يجب على الدول المرشحة، وصربيا من بينهم، مواءمة سياساتها المتعلقة بطرفٍ ثالث تدريجيًا مع سياسات ومواقف الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الإجراءات التقييدية".
وتتبنى بلجراد الأهداف الأوروبية كأولوية غير أنها تتجنب اتخاذ أي تدابير مناهضة لروسيا.
وأفادت وسائل إعلام محلية أنّ صربيا تترقب زيارة لوزير الخارجيّة الروسي سيرجي لافروف، لم تؤكدها موسكو بعد. وقال لافروف لصحافيين صرب أنّ روسيا "متأكدة" من أنّ بلغراد "ستستمرّ باتخاذ خيارات ذكيّة".
ويتهم مسؤولون صرب الغرب بالضغط على بلجراد للالتزام بالعقوبات، ويتحدث بعضهم عن التخلي عن طلب الانضمام للاتحاد الأوروبي، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ويقول سردجان شيفيتش من مجموعة "البلقان في أوروبا" للاستشارات السياسيّة"وكأن صربيا، وخلال السنوات العشر الماضية، كانت تحضّر مجتمعها لحلفٍ مع موسكو لا للدخول إلى الاتحاد الأوروبي".
ولم تعلن بعد تفاصيل الاتفاق بين موسكو وبلجراد.
لكن جوران فاسيتش الخبير النفطي في جامعة نوفي ساد، يرى أنّ هناك "دائمًا (جانبا أخويا) في الاتفاق وتحديد أسعار مؤاتية، والأمر لا يظهر في العقد لكنه ينعكس في امتيازات أو تنازلات سياسية ذات صلة".
مكافأة صربيا
تنفي صربيا أن يكون حصولها على النفط الروسي بأسعار ودية "مكافأة" لها.
وشددت رئيسة الوزراء آنا برنابيتش على أن "كلّ من يتهمنا بأننا لم نفرض عقوبات على روسيا بسبب صفقة الغاز عليه أن يخجل". وأضافت "عدم التزامنا بفرض عقوبات على روسيا أمر مبدئيّ".
وتحفظ بلجراد لروسيا عدم اعترافها بكوسوفو، مقاطعتها السابقة، وتشدد على صلاتها التاريخيّة والثقافيّة ب"الأخ الأكبر" الروسيّ.
لكن صربيا في الواقع، لا تملك هامشا كبيرًا للمناورة. وكان العقد السابق لاستيراد الغاز الروسي، بأسعار تفضيلية أيضًا، قد انتهى بدون أن يكون لدى بلغراد احتمالات أخرى قابلة للتطبيق في المستقبل القريب.
ففي العقود الأخيرة، منحت صربيا موسكو تدريجيًا شبه احتكار تامّ لقطاع الطاقة من خلال بناء خطوط أنابيب خاصّة بالغاز الروسي وحده.
وفي سنة 2008، عند إعلان كوسوفو استقلالها، باعت صربيا غالبيّة حصصها في شركتها الوطنيّة للنفط لشركة غازبروم الروسيّة العملاقة، وهو قرارٌ ينظر إليه على نطاقٍ واسع على أنّه الثمن الذي دفعته بلغراد مقابل حق النقض الذي استخدمته روسيا في الأمم المتحدة.
ويرى غوران فاسيتش أنّه "من الواضح أنه طوال هذه المدّة كان لدينا لوبي منظّم جدًا يدافع عن الاحتكار، ولا يزال يفعل ذلك".