حرب الحبوب تشتعل.. توقف صادرات الهند يفاقم الأزمة.. خطر المجاعة العالمية يتزايد.. والأنظار تتوجه إلى أستراليا
حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) من مجاعة عالمية بسبب الأزمة الأوكرانية.
وقال مدير مكتب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) للعلاقات مع روسيا أوليج كوبياكوف، اليوم الخميس، بحسب وكالة "سبوتنيك": "إذا نظرنا إلى إحصاءات الجوع وتطوراتها، ففي عام 2019، أي عام قبل جائحة (فيروس كورونا)، كان هناك 690 مليون شخص يتضورون جوعًا في العالم، وفي العام التالي (2020) وصل هذا الرقم إلى 811 مليونا. أي إلى 120 مليونا (بالمجمل)".
وأضاف: "بهذا تجاوز الخطوط الحمراء، من حالة الأمن الغذائي إلى حالة الجوع (الجماعي)، وهذا العام، وفقًا لتوقعاتنا، بسبب الوضع في أوكرانيا سيتجاوز العدد 13-15 مليون شخص".
الأزمة الأوكرانية
وأشار كوبياكوف، إلى أن "الأزمة الأوكرانية لم تكن سبب الجوع على هذا الكوكب"، والإحصاءات تؤكد هذا الأمر، "لكن الأزمة بالطبع أدت إلى تفاقم الوضع".
وفي وقت سابق، حذرت الأمم المتحدة من أن العالم قد يواجه مجاعات تستمر لسنوات بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال الأمين العام للمنظمة أنطونيو جوتيريش إن الحرب أدت إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي في الدول الفقيرة بسبب ارتفاع الأسعار.
نقص إمدادات الغذاء
وأضاف أن العالم قد يواجه نقص إمدادات الغذاء عالميا في الأشهر المقبلة، إذا لم يتم إعادة الصادرات الأوكرانية إلى مستويات ما قبل الحرب.
وأدى الصراع إلى قطع الإمدادات من موانئ أوكرانيا، التي كانت تصدر في السابق كميات هائلة من زيت عباد الشمس وكذلك الحبوب مثل الذرة والقمح.
وقد أدى ذلك إلى تراجع المعروض عالميا وبالتالي ارتفاع في أسعار البدائل. وارتفعت أسعار المواد الغذائية العالمية بنسبة 30 بالمئة تقريبا مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بحسب تقارير للأمم المتحدة.
وقال جوتيريش، خلال حديثه في نيويورك، مؤخرًا: إن الصراع "يهدد بدفع عشرات الملايين من الناس إلى حافة انعدام الأمن الغذائي وما يترتب عليه من سوء التغذية وجوع جماعي بل ومجاعة".
شبح نقص الغذاء العالمي
وأضاف: "هناك ما يكفي من الغذاء في عالمنا الآن إذا عملنا معًا. ولكن ما لم نحل هذه المشكلة اليوم، فإننا نواجه شبح نقص الغذاء العالمي في الأشهر المقبلة".
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة من أنه لا يوجد حل فعال لأزمة الغذاء دون إعادة دمج إنتاج الغذاء في أوكرانيا مع الأسمدة التي تنتجها روسيا وبيلاروسيا، في السوق العالمية.
وكشف جوتيريش إنه يجري "اتصالات مكثفة" مع روسيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في محاولة لإعادة الصادرات الغذائية إلى المستويات الطبيعية.
وقال: إن "التداعيات الأمنية والاقتصادية والمالية المعقدة تتطلب حسن النية من جميع الأطراف".
جاءت تعليقات الأمين العام للأمم المتحدة في نفس اليوم الذي أعلن فيه البنك الدولي عن تمويل إضافي بقيمة 12 مليار دولار، لمشاريع تعالج انعدام الأمن الغذائي.
وسترفع هذه الخطوة المبلغ الإجمالي المخصص لمثل هذه المشروعات أكثر من 36 مليار دولار على مدار الخمسة عشر شهرا القادمة.
وتنتج روسيا وأوكرانيا 30 بالمئة من إمدادات القمح في العالم، وقبل الحرب، كان يُنظر إلى أوكرانيا على أنها سلة خبز العالم، حيث كانت تصدر 4.5 مليون طن من المنتجات الزراعية شهريا عبر موانئها.
لكن منذ أن شنت روسيا عملياتها العسكرية على أوكرانيا في فبراير، انهارت الصادرات وارتفعت الأسعار بشكل كبير. وزادت الأسعار أكثر بعد أن حظرت الهند صادرات القمح.
وتقول الأمم المتحدة إن حوالي 20 مليون طن من الحبوب عالقة حاليا في أوكرانيا منذ موسم الحصاد السابق، وإذا ما تم السماح بمغادرتها يمكن أن تخفف الضغط على الأسواق العالمية.
ورغم أن عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي كان يتزايد حتى قبل الغزو، اتهمت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك موسكو بجعل الوضع الصعب أسوأ.
حرب الحبوب
وقالت الوزيرة في برلين: "شنت روسيا حرب حبوب، مما أدى إلى تأجيج أزمة غذاء عالمية".
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين إن العالم يواجه “أكبر أزمة أمن غذائي عالمية في عصرنا”.
من جانبها، تتجه أستراليا صوب إنتاج قياسي للقمح لثالث عام على التوالي في 2022 بدعم من طقس جيد دعم الزراعة في أنحاء مناطق زراعة الحبوب، الأمر الذي يخفف المخاوف العالمية من قلة الإمدادات.
وانخفضت إمدادات القمح العالمية هذا العام بعد الحرب الروسية في أوكرانيا الذي أوقف الشحنات من أحد أهم مناطق التصدير في العالم ودفع أسعار الحبوب إلى تسجيل زيادة حادة وأثار مخاوف من أزمة غذاء عالمية.
مشكلة الهند
كما أضاف تحرك الهند في الآونة الأخيرة لحظر الصادرات والطقس السيء في الولايات المتحدة إلى المخاوف المرتبطة بوفرة الحبوب الغذائية.
ووفقا لتقديرات أيكون كومودوتيز للسمسرة، أنهى المزارعون في أستراليا، التي أصبحت ثاني أكبر مصدر للقمح في العالم في 2021-2022، زراعة محصول العام الحالي من القمح على مساحة بلغت 35.7 مليون فدان وهي أعلى مساحة على الإطلاق.
وعلى الرغم من أنه من السابق لأوانه تحديد الحجم الكلي لمحصول 2022-2023 الذي يجري حصاده بحلول نهاية العام، بدأ تجار ومحللون يتوقعون أن يكون الإنتاج الكلي بين 30 و35 مليون طن وهو ما لا يبتعد كثيرا عن محصول 2021-2022 الذي تجاوز 36 مليون طن.
لكن بيانات وزارة الزراعة الأمريكية كشفت أن إنتاج القمح العالمي سينخفض إلى 774.83 مليون طن في 2022-2023 مقارنة مع 779.29 مليون طن قبل عام.
ويعتمد المشترون الآسيويون بشدة على القمح الأسترالي، وذكر تجار أن الصين هي أكبر مشتري هذا العام.