طواجن الفخار تعود للحياة في السودان.. أشكال مبتكرة
بعد عقود من الغياب، عادت الطواجن الفخارية للاستخدام بالسودان بشكل مختلف، بفضل مبادرة شبابية ملهمة ترمي لإحياء الموروث الثقافي.
وعرف السودان منذ زمن طويل الأواني المنزلية المصنوعة من الفخار "الطين" لكن سرعان ما جرفتها أمواج الحداثة وأصبح الناس يعتمدون على طواجن الحديد والألمنيوم والزجاج.
وهذه الطواجن الفخارية التي تسمى بـ"البرام" شكلت علامة فارقة في تاريخ المطبخ السوداني، وهي خالدة في ذاكرة كثير من الأجيال، وتشكل قيمتها الصحية قاسمًا مشتركًا لاستخدامها في كل منزل.
وبدافع الموروث والحفاظ على الصحة المنزلية، تحرك الشاب السوداني المعز عثمان محجوب وآخرون، مطلقًا مبادرة لإعادة الطواجن الفخارية إلى الحياة مع إدخال كثير من التحديثات على أشكالها.
ويقول محجوب: "لقد قمت بتصميم الأواني الفخارية بشكل جديد ومبتكر وسهل الاستخدام، وفي تقديري أننا نجحنا في الترويج لها وإقناع كثير من السودانيين باستخدامها".
"الأزيار"
وتشمل التصاميم، أكواب وطواجن للطبخ والأكل وشرب الماء، والتي تعرف محليًا بـ "الأزيار"، وجميعها مصنوعة من الفخار.
وعمد صاحب المبادرة لإطلاق مسميات ذات طابع أثري وتاريخي على كل طاجن مثل كنداكة وبعانخي وأماني وهم ملوك للممالك التاريخية بالسودان.
ويقول المعز، وهو كاتب قصة ومعد برامج بعدد من الفضائيات، إن مبادرة استخدام الطواجن الفخارية هادفة، ويمكن أن تحدث فرقًا في حياة الناس فهي صحية، وقد ثبتت فائدة طواجن المياه "الأزيار" لمرضى الفشل الكلوي.
وأضاف: "لهذا الغرض النبيل تمكنت من إقناع العديد من الورش الصناعية بإنتاج أشكال مختلفة من الطواجن الفخارية، وقد تبرعنا لمركز علاج الفشل الكلوي بمستشفى بن عوف في الخرطوم بأزيار لتنقية وشرب المياه".
فائدة الأواني الفخارية
وتدعم نسرين محمد وهي ناشطة تطوعية، حديث المعز بشأن فائدة الأواني الفخارية لمرضى الفشل الكلوي، وقالت إنه بعد استخدام الأزيار لمياه الشرب استغنوا عن عدد من الأدوية التي تعطى لهذه الشريحة من المرضى، بينها عقاقير اضطرابات المعدة التي يتم تناولها بعد غسيل الكلى.
وأضافت: إننا "نلاحظ أيضًا مع الاستخدام المستمر للأزيار الفخارية أن الاستفراغ (القيء) لدى مرضى الكلى في حالة تراجع مستمر حتى أنه كاد أن يقف تمامًا لدى مصابي ضمور الكلى بعد عمليات الغسيل".
وحظيت المبادرة بتفاعل كبير في الشارع السوداني، وأقدمت العديد من العائلات على شراء الطواجن الفخارية فوائدها العديدة، فجانب أنها صحية، فهي تشكل وعاء طهي لمأكولات مستساغة وطعمها مختلف، وفق مجربين.
وتقول أميرة صلاح وهي شابة سودانية، إنها استخدمت الطواجن الفخارية بعد أن أقدمت على شرائها من أول وهلة، فهي مفيدة في طهي كثير من الأكلات، وصحية وغير لاصقة وتحتفظ بالحرارة، ولديها قدرة على امتصاص المياه، ولا تتفاعل مع الأطعمة حتى لو بقيت فيها لفترات طويلة بخلاف الأواني الأخرى.
وأضافت أميرة: "لا يهتم كل السودانيين بالطواجن الفخارية رغم ميزاتها الكثيرة، وهذا الأمر يحتاج لمزيد من التوعية حتى تعم الفائدة الجميع".