جهاز شيطاني وكسروه بحثا عن المتكلم.. كيف استقبل المصريون انطلاق الإذاعة المصرية
هنا القاهرة.. أول صيحة انطلقت بها الإذاعة المصرية وأطلقها الفنان أحمد سالم دونجوان السينما في ذلك الوقت 31 مايو 1934، ولم تكن الإذاعة المصرية وليدة ذلك اليوم إلا أنها كانت لها بدايات بأشكال مختلفة من قبل ذلك بسنوات.
ففي عام 1922 ظهرت في إنجلترا أول إذاعة في العالم، وبعدها بدأت تنتشر تدريجيًّا أجهزة اللاسلكى التي تبث الإرسال الإذاعى وكذلك أجهزة الراديو التي تستقبل الإرسال الإذاعي.
وفى مصر قام بعض الهواة القادرون بإنشاء محطات إذاعية في الأحياء التي يسكنونها فظهرت إذاعة لحى الزمالك، وأخرى لحى شبرا وثالثة لحى بولاق، وأطلق عليها الإذاعة الأهلية، وتنوعت برامجها بين برامج جادة وأخرى تافهة.
مفارقات ضاحكة
وعندما ظهر جهاز الراديو ظنه البعض جهاز شيطانى حتى إن بعض الساذجين قام بتكسير الجهاز بحثًا عن المتحدث فيه أو المطرب المختبئ بداخله.
أغانى الغرام
وكما كتب المؤرخ ياسر قطامش في مجلة الشرطة عام 1998 أن شيخ الصحفيين حافظ محمود هو أول صوت إذاعى في الإذاعات الأهلية الذى قال في مذكراته إن هناك محطة أنشأها شاب يونانى اسمه "رنى" حتى يبعث من خلالها رسائل العشق والغرام إلى محبوبته ريتا فعمل أول محطة إذاعة أهلية في بيته بمصر عند شارع عبد الخالق ثروت وأطلق عليها مجازين أجيبسيان، وتخصصت المحطة في إذاعة أغانى العشق والغرام.
وأضاف شيخ الصحفيين في مذكراته أن الأمر لم يقتصر على الأغانى وخطابات الغرام بل أصبحت المحطات للردح والسباب والشتائم منها أن السيدة روز اليوسف هاجمت يوما في مجلتها المنشد محمود صبح الكفيف شديد العضلات الذى يلعب لعبة حمل الأثقال أحيانا وقالت “ياريت تكتفى بحمل الاثقال وبلاش تتثقل على المستمعين بصوتك وموسيقاك“، فأصبح يرد عليها من خلال محطة أهلية، ويقول ”اللحن ده يطلع من إيدك يا ولية، اقعدى في بيتك بقى وقشرى بصل”.
في عام 1929 اكتشف رسل حكمدار القاهرة عصابة لتهريب المخدرات تروج لبضاعتها عن طريق اغانى عبد الوهاب من خلال محطات الإذاعة مثل أغنية (الجو رايق وصافى).
واستطاع رئيس الوزراء إسماعيل صدقى إقناع الملك فؤاد بإلغاء محطات الإذاعات الأهلية بعد تزايد الشكاوى من استخدامها في أغراض غير مشروعة والتفكير في إنشاء محطة رسمية حكومية ورفض المندوب السامى إنشاء محطة رسمية إلا بعد أن علم أن شركة ماركونى الإنجليزية ستتولى إنشاء المحطة وإدارتها لمدة عشر سنوات قابلة للتجديد على أن تكون الإذاعة بعيدة عن السياسة والأحزاب والمصالح الدولية وغير مسموح فيها بالإعلان.
أنشئت محطة الإرسال في أبى زعبل تتبع وزارة المواصلات وتشكلت لجنة للبرامج من خمسة أعضاء برئاسة على باشا إبراهيم عميد كلية الطب ومحمد سعيد لطفى كمستشار بالاذاعة ومدحت عاصم مسئول الموسيقى.
إذاعة خارجية
وحضر الملك فؤاد حفل انطلاق الإذاعة في الخامسة مساء الخميس 31 مايو 1934 في قصر عابدين من خلال إذاعة خارجية وحوله كبار رجال الدولة حيث اطلق احمد سالم عبارة هنا القاهرة ثم القى وزير المواصلات كلمة تبعها قراءة القرآن الكريم للشيخ محمد رفعت، وألقى على الجارم قصيدة تحية للملك، ثم أعلن أحمد سالم عن سهرة الإذاعة التي احيتها الآنسة ام كلثوم وقدم محمد عبد القدوس مونولوجا فكاهيا مع فاصل موسيقى لمحمد عبد الوهاب ثم الختام والسلام الملكي.