الجولة السرية.. كواليس الزيارة غير المعلنة لمدير "CIA" للسعودية وعدد من دول الخليج
زيارة سرية لم تعلن تفاصيلها قام بها مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليام بيرنز إلى السعودية خلال الأيام الماضية التقى خلالها ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان فى جدة برفقة مسئولين رفيعى المستوى من الولايات المتحدة كجزء من جولة إقليمية تسعى من خلالها الإدارة الأمريكية إلى إنهاء حالة الجمود فى العلاقات مع السعودية وإجراء مباحثات حول النفط، وذلك وسط ارتفاع أسعار الغاز الأمريكية، والنقاش حول المشتريات للأسلحة الصينية، والإفراج عن أبرز المعتقلين وغيرها من المتطلبات.
التوترات الأمريكية السعودية
ورغم سرية الزيارة إلا أن هناك تفاصيل مسربة كشفت عن أن المحادثات ركزت على أسباب التوترات الأمريكية السعودية، والتى تشمل إنتاج النفط، والحرب فى اليمن وأوكرانيا، ومحادثات الاتفاق النووى مع إيران وتداعيات أزمة مقتل الصحفى السعودى جمال خاشقجى على العلاقات بين واشنطن والرياض، مشيرة إلى تداعيات رفض السعودية لطلب إدارة بايدن زيادة إنتاج النفط، من أجل السيطرة على الأسعار المرتفعة فى الأسواق العالمية مما أدى إلى تفاقم الأزمة فى أوكرانيا.
الجدير بالذكر أن المتحدث باسم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية رفض التعليق على رحلات بيرنز للسعودية والإمارات وقطر وسلطنة عمان كجزء من جولة إقليمية وعلاقة روسيا بتلك الزيارة، إلا أن مسئولًا استخباراتيًا ومصدرين على صلة بالمخابرات الأمريكية ومصدر مقرب من العائلة المالكة السعودية ومسئول داخل أحد مراكز الأبحاث تحدثوا عن ذلك اللقاء السرى، حسبما ذكر موقع "ذا إنترست" الأمريكى، والذى وصفة بلقاء سرى وغير اعتيادى.
علاقة الرياض مع بكين
الموقع الأمريكى أفاد، نقلًا عن المصادر السابق ذكرها، بأن اللقاء السرى شهد طرح عدد من الموضوعات الأخرى التى تثير القلق الأمريكى، وجاء فى مقدمتها علاقة الرياض مع بكين، حيث طلب مدير وكالة المخابرات المركزية من السعودية عدم المضى قدما فى شراء أسلحة من الصين، خاصة أنه سبق وأن حذرت مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، أفريل هاينز من جهود الصين وروسيا لتحقيق تقدم مع شركاء الولايات المتحدة فى جميع أنحاء العالم مشيرة إلى السعودية والإمارات كأمثلة.
المصادر السابق ذكرها كشفت عن تسريبات تفيد بتخطيط الحكومة السعودية، لاستيراد صواريخَ باليستية من الصين فى وقت لاحق من هذا الشهر، كجزء من برنامج سرى أطلق عليه اسم "التمساح"، ويمكن أن يكون ذلك من أهم أسباب الزيارة السرية، كما أشارت إلى أن اللقاء كان أيضًا محاولة لإصلاح العلاقة المشروخة بين الأمير محمد بن سلمان وكبار المسئولين فى إدارة بايدن.
أما عن لقاء بيرنز مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، فقد كشفت المصادر بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أنها جاءت لحثه على التوقف عن توطيد العلاقة مع بكين، فى إشارة خاصة إلى بناء قاعدة عسكرية صينية فى الإمارات.
وحول توقيت هذه الزيارة السرية وعلاقتها بروسيا فقد صرح مدير وكالة المخابرات المركزية، (CIA) وليام بيرنز قبل وقت سابق أن الغزو الروسى لا يمكن وصفه إلا بأنه انتكاسات روسيا العسكرية فى أوكرانيا والتى يمكنها أن تدفع موسكو إلى استخدام سلاح نووى تكتيكى أو منخفض القوة، وهو تهديد لا يمكن التعامل معه باستخفاف حيث يشير إلى احتمالية اللجوء الروسى المحتمل إلى أسلحة نووية، وهذا الأمر يقلق الرئيس الأمريكى جو بايدن ويجعله يشعر بقلق عميق بشأن حرب عالمية ثالثة، وتجنب العتبة التى يصبح فيها الصراع النووى ممكنا.
مشيرًا إلى أنه رغم فشل القوات الروسية فى السيطرة على كييف ومواجهتها صعوبات فى التقدم على طول خطوط الجبهة فى منطقة دونباس جنوب شرق البلاد، لم يغير الزعيم الروسى رأيه فى إمكان إلحاق الهزيمة بقوات أوكرانيا، ويرجع ذلك لإيمان بوتين بقدرة الجيش الروسى على إضعاف المقاومة الأوكرانية رغم الهزائم التى منى بها فى ساحة المعركة، فهو يعد منذ سنوات لغزو أوكرانيا التى كانت سابقا جزءا من الاتحاد السوفييتي.
الأزمة مع أمريكا
ومن جانبه، قال الدكتور مهدى عفيفى، المحلل السياسى وعضو الحزب الديمقراطى الأمريكى، أن الزيارة التى قام بها مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) ويليام بيرنز، للسعودية وقطر والإمارات وسلطنة عمان بشكل سرى وعلاقتها بروسيا أن هذه الزيارة أساسها التنسيق بشأن الاتفاق النووى الإيراني، فهناك تحركات تقودها قطر مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن الاتفاق النووى الإيرانى، لذلك كان لا بد من التواصل بشكل مباشر، وخصوصا التى بها نوع من الأزمة مع أمريكا فى الوقت الحالى لعدة أسباب كـ إنتاج النفط، والحرب فى اليمن وأوكرانيا، ومحادثات إحياء اتفاق إيران النووى لسنة 2015 وغيرها العديد من الموضوعات الأساسية والثانوية.
وأضاف: هناك تخوفات كثيرة مع بعض دول الخليج بأن الاتفاق النووى الإيرانى يمكن أن يكون تهديد لأمن دول خليجية كبرى وقد يتيح الفرصة للحوثيين فى اليمن بتركيز ضرباتهم على السعودية والإمارات ولهذا فإن الهدف الأساسى من الزيارة هو شرح موقف الولايات المتحدة الأمريكية لما يحدث وتنسيق أمنى على أعلى مستوى بخصوص الاتفاق النووى الإيرانى.
الاتفاق النووى الإيراني
وأوضح المحلل سياسى وعضو الحزب الديمقراطى الأمريكى أنه بالطبع تطرق مدير المخابرات الأمريكية للحرب الروسية على أوكرانيا لكن هذا الموضوع ثانوى بالنسبة للتفاهم فى موضوع الاتفاق النووى الإيراني، فالولايات المتحدة الأمريكية غير سعيدة بردود الفعل من الدول الخليجية وخاصة السعودية والإمارات بشأن زيادة الوقود وتعتقد أن الحلفاء من هذا النوع يكون لهم دور أفضل فى أزمة عالمية كهذه.
واختتم "عفيفى" بالقول: وفى نفس الوقت تعتقد الإمارات والسعودية أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تقدم الدعم الكافى ضد اليمن والحوثيين وهناك أزمة علاقات تفاهمات خاصة أن الرئيس بايدن كان دائما يصر على أن تكون الاتصالات بينه وبين الملك بشكل مباشر، وبعض الدوائر ترى أن هذه المواقف أثرت بشكل كبير على العلاقات السعودية الأمريكية والتى هى على المدى الطويل لم تتأثر بشكل كبير، لكن فى الوقت الحالى هناك ردود من الجانبين على هذه المسألة.
نقلًا عن العدد الورقي…