بحضور مدبولي.. التوقيع علي مبادرة الشراكة الصناعية بين مصر والإمارات والأردن
شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور بشر الخصاونة، رئيس مجلس وزراء المملكة الأردنية الهاشمية، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شئون الرئاسة في دولة الإمارات العربية المتحدة، مراسم التوقيع على وثيقة المبادرة.
ويأتي ذلك في ختام الاجتماع الثلاثي، الذي عقد صباح اليوم بين مصر والامارات والأردن بمركز "أدنوك" للأعمال بالعاصمة الإماراتية أبوظبي لإطلاق مبادرة "الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة".
ووقع وثيقة المبادرة نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، والدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة بدولة الامارات العربية المتحدة، ويوسف محمود الشمالي، وزير الصناعة والتجارة والتموين بالمملكة الأردنية الهاشمية.
ويأتي التوقيع على وثيقة مبادرة "الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة"، انطلاقًا من توجيه القيادات السياسية في مصر والامارات والأردن، وتماشيًا مع القناعة الراسخة بضرورة تنمية القطاع الصناعي في كل منها، وتعزيز الاستفادة من المزايا والموارد والإمكانات والخامات، والقدرات والخبرات، والموقع الجغرافي المتميز، والقدرات اللوجستية، والبنية التحتية الهائلة للنقل وحلول التمويل الذكي؛ بهدف تأسيس صناعات تكاملية تسهم في تنويع الاقتصاد وتعزيز نموه وتوفير فرص عمل متخصصة.
وفي ضوء اشتراك كل من جمهورية مصر العربية، ودولة الامارات العربية المتحدة، والمملكة الأردنية الهاشمية في تاريخ مديد من العلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، تأتي "الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة" استمرارًا وتعزيزًا لتلك العلاقات الأخوية، وتعد فرصة لمواصلة استكشاف فرص الشراكة والاستثمار سعيًا لتعميق التنسيق والتعاون والتكامل الاستراتيجي بين الدول الشقيقة الثلاث، وبما لا يخالف التشريعات النافذة في كل منها.
وتقوم هذه الشراكة على مجموعة من الأهداف الاستراتيجية: أولها يتمثل في تطوير صناعات قادرة على المنافسة عالميًا؛ بهدف تسريع وتسهيل استثمارات الشركات في القطاعات التكاملية، وسلاسل القيمة المترابطة لتحقيق المرونة والاكتفاء الذاتي والتنوع الاقتصادي في الدول الثلاث.
كما يتحدد ثاني أهداف الشراكة في تحقيق سلاسل توريد مضمونة ومرنة، من خلال العمل المشترك للبحث عن سبل تمكين هذه الشراكة من استغلال الفرص التي يتيحها توافر سلاسل تكاملية في الدول الثلاث، بما يؤدي إلى تحسين الأمن الاقتصادي وضمان الحماية من تقلبات الأسعار.
ويتضمن ثالث أهداف الشراكة السعي لتحقيق نمو قائم على الاستدامة، من خلال الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة ومنخفضة الكربون، واستخدام الموارد الطبيعية بكفاءة أكبر، مثل المياه والمواد الخام، وخلق اقتصاد دائري لتدوير النفايات.
في حين يرتكز رابع هدف للشراكة على تعزيز النمو وتكامل سلاسل القيمة والتجارة بين الدول الثلاث، من خلال العمل المشترك لتنمية سلاسل القيمة ضمن ومن خلال اقتصادات الدول الثلاث، بما يضمن المرونة، والاكتفاء الذاتي، والتكامل، وتنمية التجارة البينية والخارجية.
وتضمنت آخر أهداف الشراكة تعزيز قطاعات التصنيع ذات القيمة المضافة، عن طريق تركيز الجهود على قطاعات التصنيع في سلاسل القيمة التي تحقق وتضيف قيمة اقتصادية كبيرة، لاسيما في ضوء قاعدة قوية من الخبرات والقدرات الوطنية، وبيئة استثمارية جاذبة، وقوة سوق شرائية كبيرة، وقاعدة من الابتكارات التكنولوجية التي ستساعد على تنمية القطاعات القائمة على المعرفة.
وحددت المبادرة المجالات الحيوية ذات الاهتمام المشترك، التي سيتم التركيز عليها خلال المرحلة الأولى لتعميق الشراكة الصناعية الشاملة بين الدول الثلاث، وكان في مقدمتها مجال الزراعة والأغذية والأسمدة، لما يشكله الأمن الغذائي هدفًا رئيسيًا للشراكة، حيث تمتلك الدول الثلاث العناصر الرئيسية في سلاسل القيمة الغذائية لتوسيع نطاق الاستثمار في إنتاج الأسمدة والحبوب والمنتجات الحيوانية والقدرة على إنتاج الغذاء.
وجاءت الأدوية ضمن المجالات الحيوية، لاسيما في ضوء امتلاك مصر والإمارات والأردن مجتمعة أحد أكبر مراكز التصنيع في المنطقة، فضلًا عن تميز هذا القطاع بتوفير الأيدي العاملة المدربة، ومواصفات الابتكار، والمعايير التنظيمية، والإنتاجية العالية، حيث سيتم الاستفادة من خطط مصر لإنشاء أكبر مركز لتصنيع الأدوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى حجم السوق المصرية الكبير وإمكانية الاستفادة من مجموعة كبيرة من الأطباء والصيادلة والمهندسين والفنيين المدربين، وستقوم الدول الثلاث بتهيئة بيئة تزيل العقبات، والعوائق التنظيمية، وتحفز الابتكار لتعزيز التصنيع المحلي للأدوية الحالية والجديدة.
وتضمنت المجالات أيضًا المنسوجات، وخاصة أن الدول الثلاث تتمتع بنقاط قوة بارزة في سلسلة القيمة من شأنها أن تخلق فرصًا اقتصادية جمّة، وستشكل هذه الشراكة سوقًا كبيرة الحجم، فمن ناحيتها تتمتع مصر بقطاع نسيج متكامل، فضلًا عن المهارات المتوافرة والتكاليف التنافسية للأيدي العاملة، ومنشآت صناعة النسيج والملابس المتاحة بكثرة، والموقع الاستراتيجي، والصادرات التي تزيد عن 300 ألف طن سنويًا من الأقمشة والملابس.
وشكلت المعادن مجالًا آخر للشراكة، حيث تنعم الدول الثلاث بمصادر وفيرة من المعادن التي ستحرص الدول على استخراجها بشكل مستدام، والتي سيكون لها مساهمة مهمة في المنتجات ذات القيمة المضافة.
وتضمنت أيضًا مجالات الشراكة مجال البتروكيماويات، حيث ستقوم الدول الثلاث بالإنتاج والاستخدام المستدام والمسئول للمواد البتروكيماوية التي تشكل عوامل تمكين رئيسية لقطاعات: الزراعة، والأغذية، والأسمدة، والنسيج، والأدوية، وغيرها من القطاعات.
وركزت المبادرة على أهمية دعم القطاع الخاص للاستفادة من هذه المجالات الحيوية ذات الاهتمام المشترك وتسريع وتيرته؛، حيث ستعمل الدول بالتعاون مع القطاع الخاص على تقييم مجموعة محددة من الممارسات والأدوات المرتبطة بالاستثمارات حول الاستثمار وحركة البضائع وشرائها، بطريقة تتماشى مع التزامات مصر والإمارات والأردن الدولية، والسعي لإزالة أية عقبات أو معوقات أمام التدفق الحر لرأس المال والتجارة، وتسهيل ممارسة الأعمال، وزيادة تبادل السلع من دولة إلى دولة.
ولضمان نجاح الشراكة الصناعية، تم الاتفاق على إنشاء لجنة عليا ثلاثية للشراكة برئاسة الوزراء الموقعين على المبادرة، بالإضافة إلى لجنة تنفيذية تتبعها، مكونة من وكلاء الوزارات المعنية؛ حيث تهدف اللجان إلى تسريع وتيرة الفرص ذات الجدوى الاقتصادية، والتنسيق لمجموعة المشاركين من القطاع الخاص ومسارات العمل المطلوبة لتحقيق أهداف هذه الشراكات، ومراجعة التقدم المتحقق وتسهيل التعاون والإشراف عليه، والنظر في قطاعات ومشروعات اضافية للشراكة الصناعية الاستراتيجية بين الدول الثلاث.
وتتطلع هذه الشراكة إلى تأسيس حقبة جديدة من العلاقات الصناعية المصرية الإماراتية الأردنية بما يحقق توجهات قياداتها، ويخدم مصالحها، ويحقق نمطا فريدا ومميزا من العلاقات الاستراتيجية.