قصة إطلاق سراح مؤسسة الجيش الأحمر الياباني بعد السجن 20 عاما
بعد 20 عامًا قضتها خلف القضبان أطلقت اليابان صراع «فوساكو شيجينوبو» زعيمة الجيش الأحمر الياباني خلال السبعينيات والثمانينيات بعد أن أمضت عقوبتها لاتهامها بحصار السفارة الفرنسية في هولندا.
الجيش الأحمر الياباني
وأصدرت السلطات اليابانية اليوم السبت، أمرًا بإطلاق سراح زعيمة ومؤسسة الجيش الأحمر الياباني «شيجينوبو» التي نفذت عمليات تتسم بالجرأة في العالم خلال سبعينات وثمانينات القرن العشرين باسم القضية الفلسطينية.
وخرجت «شيجينوبو» اليوم من السجن وهي في الـ76 من عمرها بعدما ناضلت وسط جماعة يسارية راديكالية.
واستقلت شيجينوبو بعد خروجها من سجنها في طوكيو سيارة سوداء مع ابنتها ماي بينما حمل العديد من مناصريها لافتة كتب عليها "نحن نحب فوساكو".
وقالت شيجينوبو للصحافيين بعد إطلاق سراحها "أعتذر عن الإزعاج الذي تسبب فيه اعتقالي لكثير من الناس"؛ وأضافت "مضى نصف قرن؛ لكننا تسببنا بآلام لأشخاص أبرياء لا نعرفهم عبر إعطاء الأولوية لمعركتنا، مثل احتجاز مدنيين رهائن".
مَنْ هي فوساكو شيجينوبو وما قصتها؟
وُلدت شيجينوبو عام 1945 في طوكيو لأسرة فقيرة، وكانت ابنة ضابط شارك في الحرب العالمية الثانية، إلا أنه عمل بقالًا بعد هزيمة اليابان.
ورحلة شيجينوبو مع الشرق الأوسط، بدأت صدفة عندما مرت وهي في العشرين من عمرها، باعتصام في إحدى جامعات طوكيو، للاحتجاج على حرب فيتنام وخطط الحكومة اليابانية، للسماح للجيش الأمريكي بالبقاء في البلاد.
وخلال السنوات الخمس التي تلت ذلك الاعتصام، دخلت شيجينوبو في الحركة اليسارية، لتقرر مغادرة اليابان في الخامسة والعشرين من عمرها، واتخذت اتجاه الفرع الدولي لمجموعة ثورية يابانية زالت بعد بضع سنوات، ثم أسست الجيش الأحمر الياباني في لبنان عام 1971.
وبينما استقبلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في تلك الفترة شيجينوبو، التي كانت تُلقب بـ«الملكة الحمراء»، بالترحاب الشديد، كشفت صحيفة الجادريان، أنه يُعتقد أنها كانت العقل المدبر للهجوم بالرشاشات والقنابل اليدوية عام 1972 على مطار اللد في تل أبيب، الذي خلف 26 قتيلًا و80 جريحًا.
مجموعتها التي كانت «مرعبة» ذات يوم، تهدف إلى ثورة اشتراكية عالمية، ونفذت عمليات خطف رهائن، إضافة إلى هجوم مميت على مطار إسرائيلي.
وحُكم على العاملة السابقة في شركة صلصة الصويا بالسجن عقدين خلف القضبان بعد ست سنوات، لدورها في حصار عام 1974 للسفارة الفرنسية في لاهاي.
وأنهت فرنسا المواجهة بإطلاق سراح مقاتل من الجيش الأحمر طار مع الخاطفين في طائرة متجهة إلى سوريا.
هاربة في الشرق الأوسط
وعاشت شيجينوبو هاربة في الشرق الأوسط 30 عامًا تقريبًا، لكن ألقي القبض عليها بأوساكا في نوفمبر 2000، بعد عودتها سرًا إلى اليابان بجواز سفر مزور ودخولها فندقًا متنكرة في زي رجل.
وقالت شيجينوبو في كتاب أهدته لابنتها الوحيدة المولودة عام 1973 في لبنان من علاقة مع أحد ناشطي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "في البداية، لم أكن مؤيدة للعرب أو معادية لإسرائيل.
لكن (في ذلك الوقت) كان للقضية الفلسطينية صدى فينا، نحن الشباب الذين عارضوا حرب فيتنام والذين كانوا متعطشين للعدالة الاجتماعية".
وتعيش ابنتها ماي شيجينوبو في اليابان منذ 2001. وقد جاءت فورا للدفاع عن والدتها ودعمتها طوال فترة احتجازها.
من دون أن تقر بتورطها في عملية احتجاز الرهائن في لاهاي، أعربت فوساكو شيجينوبو عن أسفها في السجن بسبب الكفاح المسلح لتحقيق مُثلها الثورية.
وقالت في رسالة إلى صحيفة "جابان تايمز" في 2017 "آمالنا لم تتحقق وكانت النهاية قبيحة".
وأضافت "أعتقد أن اليابانيين الآن أصبحوا أقل اكتراثا بالقضايا السياسية وأعتقد أن أفعالي وأفعال آخرين ساهمت في ذلك".
حل الجيش الأحمر الياباني
وفي أبريل 2001، أعلنت حل الجيش الأحمر من السجن، وعام 2008 أصيبت بسرطان القولون والأمعاء، وخضعت لعمليات عدة.
وقالت شيجينوبو، إنها ستركز أولًا على علاجها، مؤكدة أنها لن تكون قادرة على «المساهمة في المجتمع» بالنظر إلى حالتها الضعيفة؛ لكنها قالت للصحفيين: «أريد أن أستمر بالتفكير في الماضي، وأن أعيش أكثر وأكثر بفضول».
عهد الرعب في حياة شيجينوبو
وفي فبراير 1971: أسست شيجينوبو الجيش الأحمر الياباني في لبنان.
مايو 1972: مجموعة تقتل 26 شخصًا وتجرح 80 في هجوم على مطار اللد في تل أبيب.
سبتمبر 1974: اقتحام السفارة الفرنسية في لاهاي، والإفراج عن السفير و10 آخرين مقابل إطلاق سراح عضو مسجون.
أغسطس 1975: احتجاز أكثر من 50 رهينة بالسفارة في كوالالمبور.
سبتمبر 1977: اختطاف طائرة للخطوط الجوية اليابانية وإجبارها على الهبوط في دكا ببنجلاديش، والحكومة اليابانية تفرج عن ستة أعضاء وتدفع ستة ملايين دولار فدية.
أبريل 1988: قتل خمسة في قصف للجيش الأحمر لنادٍ اجتماعي عسكري أمريكي في نابولي بإيطاليا.
وعلى الرغم من الافراج عن مؤسسة الجيش الاحمر الياباني تواصل الشرطة في طوكيو البحث عن سبعة أعضاء سابقين في الجيش الأحمر الياباني، بمن فيهم كوزو أوكاموتو، الناجي الوحيد من مرتكبي مجزرة مطار اللد قبل 50 عاما والذي حصل على حق اللجوء السياسي في لبنان.
لتنتهي اليوم اسطورة الملكة الحمراء بعد رحلة طويلة من النضال ويبقي التاريخ وحده شاهد على حياة «شيجينوبو» الزعيمة اليابانية داعمة القضية الفلسطينية