رئيس التحرير
عصام كامل

واقفُ الخطوةِ يمشي قلقاً


مع الاعتذار لشاعرنا الكبير الراحل إبراهيم ناجي، فقد قفزت إيحاءات شعره فجأة إلى عنوان المقال بعدما افتقدنا الأمان الحالم في الصوت الكلثومي المُغنِّي بها أمام هذا التريث المستفز من سلطات الحكم المصري المؤقت في اتخاذ إجراءات خارطة الطريق، للخروج سريعاً إلى انعطافة الحلم الثوري المتعطش للعيش والحرية والعدالة الاجتماعية! فكل يوم يمر ينهش من جسد الثورة مقابل شهوة التماسك الواهي من قِبل الأطراف الأخرى المؤيدة للرئيس السابق، فضلاً عن التعاطف الدولي معهم كذريعة للتدخل في الشأن المصري سواء بشكل مباشر أو غير مباشر!


وعلى عكس السرعة الواضحة في تحرك القوات المسلحة المصرية لاحتواء الأزمة المصرية التي أحدثها صلف النظام الإخواني وهبوب الشعب لاسترجاع آماله - بدءاً من بيانها الأول ومهلة الأسبوع فبيانها الثاني ومهلة الثماني وأربعين ساعة حتى بيانها الأخير الذي عزل فيه الرئيس السابق محمد مرسي وأسند أمور البلاد إلى رئيس مؤقت ثم أداء اليمين في اليوم التالي – يأتي التباطؤ غير الطبيعي منذ البداية في اختيار الرئيس لمعاونيه ثم تسميته لرئيس مجلس الوزراء ثم المتاهة التي غمرت الأخير في انتقائه للوزراء، حتى أن المسافة الزمنية التي أوقعونا فيها فاقت ضعف أزمان المهلات التي أوقعتها القوات المسلحة في سير النظام الإخواني، وأوحت بعدم التفاؤل المستقبلي.

إنني أتفهم حجم المسئولية التاريخية الملقاة على عاتق المسئولين الآن، وحرصهم على عدم تكرار تجارب الحكومات الانتقالية في الفترة التي أعقبت ثورة يناير 2011م، كما أُدرك أن نظام مبارك وما سبقه قد أخلوا الساحة السياسية تقريباً من الكوادر الصالحة، ولكنني لا أتصور أن السرعة التي أحدثها الشعب بثورته تُقابل بهوينا محبطة تتلاعب برغبات ومقدرات الملايين التي غرست بذرة التغيير في يونيو 2013 ومن قبله في يناير 2011 وما تخللهما من انتفاضات، فقدت مصر فيها أرواح المئات وأُريقت دماء الآلاف.

وأمام هذه العمليات الإرهابية التي تتم في سيناء، وتلك الوسائل الإجرامية التي تستهدف تخريب المنشآت وتخويف الشعب وإشاعة الفوضى داخل المدن المصرية المختلفة، يجب على الإدارة المصرية الحالية سرعة الانتهاء من التشكيل الوزاري الانتقالي كي تستطيع سرعة إدارة البلاد طمأنة للشعب المصري أولاً وتحسباً للتدخلات الدولية ثانيا، وهو ما يستدعي أن يتم الاختيار بشكل تكنوقراطي يتناسب مع دلالات المرحلة الطارئة، وبعيداً عن آفة المجاملات والثقات التي ابتُليت بها الوزارات المصرية منذ الأزل، على أن يفهم الرئيس ومن حوله أن خروج غالبية الشعب في الثلاثين من يونيو يعد تكملة لمسار يناير المجيد، وبالتالي لا يجب العودة ثانية إلى وزراء العصر المباركي أو من تاخمه!
Poetgomaa@gmail.com
الجريدة الرسمية