المتبرعة بأرضها لبناء مستشفى ببنى سويف لـ"فيتو": حققت حلم زوجى بعد وفاته بعامين| حوار
«كله خير لمصر، كله فداء لأولاد بلدي.. اتربيت من خيرها واتعلمت من خيرها وجه الوقت اللى لازم ولاد بلدي يستفيدوا منها».
بتلك الكلمات التلقائية بدأت الدكتورة «بركيسة طه»، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة المنيا، حديثها مع «فيتو» حين وجهنا لها سؤالا حول حقيقة تبرعها بأرض تقدر بـ3 ملايين جنيه لصالح أهالى قريتها ببنى سويف لبناء مستشفى يخدم أبناء قرية أم الجنازير والقرى المحيطة بها.
صاحبة الخمسة والسبعين عاما، ابنة محافظة بنى سويف والتى كانت تشغل منصب أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنيا، قالت لـ"فيتو": أكرمنى الله تعالى وانتهيت من المرحلة الابتدائية وكنت وقتها أول بنت فى قرية أم الجنازير تنتقل إلى المرحلة الإعدادية، وهذا يرجع بأن القرية كانت لديها مدرسة ابتدائية ولم تكن تمتلك مدرسة لطلاب المرحلة الإعدادية، الأمر الذى أجبر أسرتى على التحاقى بإحدى المدارس ذات المرحلة الإعدادية بإحدى القرى المجاورة، وتدعى قرية منشية عاصم، لكى أستكمل المرحلة الإعدادية فى التعليم، وكنت وقتها أول فتاة بقرية أم الجنازير تلتحق بالمرحلة الإعدادية.
المرحلة الإعدادية
وأردفت ابنة قرية أم الجنازير: انتهيت من المرحلة الإعدادية والتحقت بمدرسة الثانوية بنات بمدينة بنى سويف، كلية البنات الإسلامية جامعة الأزهر قسم علم اجتماع عام 1966 وتخرجت مفيها عام 1970، أكرمنى الله تعالى فتم تعيينى معيدة بذات الكلية، تقدمت بطلب نقل من كلية البنات الإسلامية جامعة الأزهر قسم علم اجتماع إلى كلية الآداب بجامعة المنيا بناء على رغبتى، لأن زوجى كان يعمل بمحافظة المنيا، قُبل طلب نقلى، وتم تعيينى معيدة بكلية الآداب جامعة المنيا، وتدرجت حتى وصلت إلى أستاذ فيعلم الاجتماع بجامعة المنيا، وأنا حاليًا أستاذ متفرغ".
قصة التبرع بالأرض
استكملت الأستاذة السبعينية حديثها مع "فيتو" قائلة بكلمات على حد تعبيرها: «قصة الأرض وتبرعى بها لصالح القرية وأبنائها لبناء مستشفى، والله موضوع بسيط جدا بس الناس بتحب تكبر الموضوعات كتر ألف خيرهم.. كل الفكرة أني برد الجميل لبلدى مصر عامة وأولاد قريتى خاصة».
مضيفة: أكرمنى الله من ستره فأصبح لدى بدلًا من الأرض الواحدة أراضٍ عدة، وهذا من فضل الله علىَّ، فلا مانع من أننى أتبرع بها لخدمة أهالى قريتى، خاصة أن قرية أم الجنازير عزيزة جدا على قلبى، فقررت أن أتبرع بها دون النظر للقيمة المادية لها التى تقدر بثلاثة ملايين جنيه، لتقديم الخدمات الطبية والعلاجية والصحية لأبناء أم الجنازير والقرى التابعة لها.
موقع الأرض
وعن موقع الأرض قالت «الدكتورة بركيسة طه»، هى أرض ضمن كردون المبانى مساحتها 5 قراريط كائنة على الطريق الرئيسى بمدخل القرية، وتحديدًا يمين مدخل قرية أم الجنازير بموقع متميز بعرض يقدر مساحته على الطريق الرئيسى 28 مترا، تبرع زوجى بأرض قيمتها 6 ملايين جنيه.
تربيت على الخير وتقديم المساعدات لغير القادرين ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى، فزادنى الله من نعمه بزوج صالح تبرع أيضًا بقطعة أرض لبناء مدرسة بالقرية، ووافته المنية قبل أن تنشأ المدرسة، وحارب محاربة شرسة لاستكمال ما تمناه ببناء تلك الأرض مدرسة تخدم أهالى القرية ولكن توفى قبل تحقيق حلمه، ساعدنى الله وأمد فى عمرى حتى دخلت تلك الأرض ضمن الخطة للتنفيذ، وحققت حلم زوجى بعد وفاته بعامين، وتم بناء مدرسة قطب محمود موسى الابتدائية «أم الجنازير الابتدائية»، والذى كان يعمل مدرسًا لمادة اللغة الفرنسية فى محافظة المنيا، كانت تبرعا من زوجى قبل وفاته.. فزوجى تبرع بمدرسة بقيمة 6 ملايين جنيه منذ عشر سنوات لأنها كان أرض «كردون مباني»، وبفضل ربنا تبرعت أنا بأرض خاصة لبناء مستشفى.
التواصل مع المسئولين
الحمد لله، تواصلت مع المسئولين بالوحدة المحلية لقرية طنسا لكون قرية «أم الجنازير» تتبع مجلس قروى طنسا، وتبرعت بالأرض لها، وتم توقيع عقد التنازل لهم عن الأرض أمام عدد من أبناء القرية وبوجود ممثل من مبادرة حياة كريمة، وتم إدارج الأرض ضمن مشروعات حياة كريمة وتسلمها للمقاول، وبإذن الله تعالى سيبدأ العمل بها خلال أشهر بسيطة جدا.
واستطردت الدكتورة بركيسة طه خلال حديثها قائلة: والله ما فى أطيب من أهالى قرية أم الجنازير، فقد غمرتنى مشاعرهم الطيبة خلال تسليمى للأرض، شعورى بفرحتهم أجبرنى على البكاء، مؤكدة: مفيش أغلى من الصحة، علشان كده أصريت على بناء مستشفى.
13 سوقًا خيريًّا
وأفصحت «الدكتورة بركيسة طه» أثناء الحوار لـ"فيتو": أحمد الله حمدا كثيرًا طيبًا مباركًا، فقد وهب له الصحة والعافية التى من خلالها استطعت أن أنظم 13 سوقا خيريا داخل كلية الآداب جامعة المنيا
وفسرت السبعينية معنى السوق الخير لطلاب الجامعة، موضحة: السوق الخير هو عبارة عن تجميع ملابس للطلاب غير القادرين تكون صالحة بنسبة 80% للارتداء نقوم بغسلها وتجفيفها وكيها، ثم تم تطوير الفكرة لعدم خدش مشاعر الطالب، قمنا بتسعير الملابس بأسعار رمزية وأقوم بإعطاء الطالب «بون» بقيمة 25 جنيها، هذا المبلغ كان ذا قيمة فى ذلك الوقت، ويقوم بأخذ البون ويتوجه لشراء الملابس دون علم أحد، لكى لا يشعر الطالب بأى مشاعر سيئة.
المحافظ يتبرع بملابسه
وتروي الدكتورة المتبرعة بأرضها لصالح أهالى قريتها قائلة: ذات ليلة تلقيت اتصالا من اللواء مصطفى عبد القادر محافظ المنيا من 1997 وحتى 1999، والذى تم تصعيده وزيرا للتنمية المحلية بعد ذلك، يريد المشاركة فى السوق الخيرى لكلية الآداب بجامعة المنيا، فقام بإرسال البدْلات الخاصة به، مع السائق الخاص، وتأكد من استلامى لها لعرضها بالمعرض الخيرى، فهذا يعد من ضمن المواقف التى لا أستطيع إنكارها حتى بعد رحيله عن منصبه محافظًا للمنيا طيلة 23 عاما.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..