إثيوبيا تجدد جراح الفشقة.. هل يعود الصراع بين الخرطوم وأديس أبابا؟
عاد الصراع بين إثيوبيا والسودان من جديد في أرض الحدود الشرقية للخرطوم مع أديس ابابا وتحديدا في ارض الفشقة.
ويمثل الاعتداء الاثيوبي على السودان سيناريو متكرر يدفع ثمنه السودانيين الابرياء في هجمات بربرية من الميليشيات الاثيوبية على مقدرات الشعب السوداني الشقيق.
صراع الفشقة
وتمثل ارض الفشقة إحدى المحليات الخمس المكونة لولاية القضارف بشرق السودان، وتضم نحو 2 مليون فدان، تحتل منهم إثيوبيا نحو مليون فدان.
وبين الحين والاخر تقوم الميليشيات الاثيوبية المسلحة بالتعدي على المزارعين السودانيين العزل في تصرفات متكررة وصفها البعض بانها مفتعله ومدبرة.
وقصة الصراع في الفشقة قصة قديمة بدأت منذ خمسينات القرن العشرين؛ وبحسب تصريحات صحفية لوالي القضارف ميرغني صالح، بدء دخول المزارعين الأثيوبيين في الأراضي السودانية في العام "1957-1964" وقد كان عددهم "7" مزارعين أثيوبيين يزرعون مساحة "3" آلاف فدان في منطقة الفشقة الكبرى بجبل اللكدي.
وفي عام "1964-1967" بلغ عددهم "27" مزارعا بمساحة "33" ألف فدان، في الفترة من "1972- 1991" بلغ العدد "52" مزارعا في مساحة "84.500" فدان، وفي العام "2004" حسب إحصائية رسمية للجنة مشتركة من الجانبين بلغ عدد المزارعين الأثيوبيين في الأراضي السودانية "1956" مزارعا أثيوبيا يستغلون مساحة "754" ألف فدان، ويقدر حجم المساحات المعتدى عليها الآن من قبل الأثيوبيين مليون فدان.
وما قيل في هذا الخصوص، هو أن حكومة إثيوبيا الرسمية تعترف قانونيًا باتفاقية الحدود لعام 1902، أي اتفاقية «هارنجتون – مينليك» وكذلك تعترف ببروتوكول الحدود لسنة 1903، واتفاقية عام 1972 مع حكومة السودان المستقلة بأن منطقة الفشقة أرضًا سودانية.
لكن على أرض الواقع يبدو الأمر ليس كذلك، فلا تزال أجزاء من الفشقتين تحت سيادة إثيوبية فعليِّة، وسيادة سودانية معترف بها من إثيوبيا في موقف معقد يعصب فهمه.
واليوم تجددت الجراح في الفشقة بعد مقتل ثلاثة سودانيين برصاص مليشيات إثيوبية فيما سارع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان لزيارة المنطقة لبث الطمئنينة في نفوس الشعب السوداني في الفشقة.
مليشيات إثيوبية
ونقل موقع "سودان تربيون" عن مصادر قولها بأن "البرهان جاء على رأس وفد رفيع من الجيش لتفقد المواقع العسكرية في الفشقة الصغرى والفشقة الكبرى بمناطق حمدايت والعلاو".
وعقد البرهان اجتماعا موسعا، بمنطقة القلابات العسكرية في مقر اللواء السادس مشاة، استمع فيه لتنوير مُفصل حول الموقف العسكري وتأمين الشريط الحدودي وانتشاره الجيش.
القوات المسلحة السودانية
وبحسب مكتب المتحدث باسم الجيش السوداني، فقد تحدث البرهان إلى العناصر بالمنطقة العسكرية الشرقية عن أن "القوات المسلحة ستظل الحارس الأمين لحدود البلاد وأمنها واستقرارها، دون أن تحتاج لوصية أو تذكير بأهمية دورها".
والاعتداءات الاثيوبية على السودان تاتي تحت معتقد من الشعب الأمهري الإثيوبي، إن هذه أراضيه وأراضي أجداده، وإنه لن يتركها حتى ولو منحها منليك الثاني امبراطور اثيوبيا للإنجليز 1902، وبالتالي كلما حل خريف يأتي مزارعون أمهرا بدعم من عصابات «ولغاييت» التي تسمى بالأمهرية شفتا، ويزرعون الأراضي السودانية المعترف بها دوليًا على انها اراضي سودانية ويعتدون على المزارعين السودانيين اصحاب الارض الاصليين.
وتتحجج عصابات الاولغاييت، بأنهم كقبائل حدودية كان يجب أن يكون لديهم امتدادًا داخل السودان، كما متعارف عليه في كل العالم، لكن أراضيهم وهبها منيليك امبراطور اثيوبيا للإنجليز فتغيرت ديمغرافية المنطقة، وإن سكانها الحاليين جيئ بهم من أماكن قصيِّة من السودان الكبير.
العصابات الاثيوبية
بينما الحكومات الإثيوبية المُتعاقبة تفشل في اقناع تلك العصابان إن الجدل حول الحدود لا يقوم على التاريخ وإنما هو جدل قانوني ينبني على الحدود المعترف بها بين الدول وان عهد التعامل بالقوة وفرض السيطرة بالسلاح الغاشم اصبح من الماضي.
وفي خضم هذا الصراع تتعرض الأراضي الزراعية السودانية لاعتداءات متكررة من قبل المليشيات الإثيوبية، بغرض النهب والسلب، والأطماع الزراعية.
في وضع يمثل كارثة انسانية حقيقية على السودانيين العزل التي عصفت بهم الاقدار للتعامل مع مجموعات بربرية عنصرية لا حد لشرها تعيش في قرون الجهل والضلال وتتخذ من البلطجة سياسة لفرض الامر الواقع ينذر الموقف بانفجار خطير في المنطقة قد يطال مستقبل المنطقة بالكامل ويهدد ملايين الابرياء.
وتتخذ اثيوبيا من قضية الفشقة اداة للضغط السياسي على الحكومة في الخرطوم لتسيير مصالحها حيث غازل رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد الفريق حمدان دقلو “حمدتي”، نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، الذي زار إثيوبيا اواخر يناير الماضي، في أول زيارة لمسؤول سوداني إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بعد عام من التوتر في المنطقة الحدودية المتنازع عليها "الفشقة".
غير أن أحداث اليوم كشفت بالدم عمق التوتر في المنطقة والتي راح ضحيتها ثلاثة سودانيين برصاص المليشيات الاثيوبية.