أزمة بلاد العم سام.. كيف تواجه الولايات المتحدة مشكلة نقص حليب الأطفال؟
بجسر جوي أوروبي عابر للقارات، وقانون من حقبة الحرب الباردة، تسعى الإدارة الأمريكية جاهدة لحل أزمة حليب الأطفال بالولايات المتحدة.
الولايات المتحدة
وتشهد الولايات المتحدة نقصًا نادرًا في حليب الأطفال، في أزمة تثير قلق ملايين الآباء والأمّهات في سائر أنحاء البلاد.
واندلعت هذه الأزمة بسبب مشكلات في التوريد ونقص في اليد العاملة جراء جائحة كوفيد-19، لكنّها ما لبثت أن تفاقمت في فبراير عقب إغلاق مصنع تابع لمجموعة "أبوت" في ميشيجن وسحب منتجات للشركة بسبب الاشتباه بتسبّبها بوفاة طفلين رضيعين.
وأصبحت هذه الأزمة مصدرًا لصداع سياسي لإدارة الرئيس الديمقراطي التي أخذ عليها منتقدوها تأخّرها في التحرّك لحلّ المشكلة.
أرفف فارغة
وحتى الجمعة 13 مايو 2022، خلت أرفف متاجر البقالة من حليب الأطفال في العديد من المدن في الولايات المتحدة، فيما استمرت الحكومة الفيدرالية في اتخاذ خطوات غير مسبوقة نحو تسريع إنتاج وتوزيع المكملات الحيوية.
ووفقًا لوكالة أنباء شينخوا الصينية، فإنه في جميع ربوع البلاد، لجأت الأمهات إلى وسائل التواصل الاجتماعي وقدن سياراتهن مسافة تصل إلى 50 ميلًا في رحلة بحث وسط نقص حليب الأطفال، حسبما ذكرت مجلة «بيبول» الأسبوعية الأمريكية.
وأظهرت بيانات «داتا سيمبلي»، التي تتابع مخزون حليب الأطفال في أكثر من 11 ألف متجر، أن 43% من المنتجات الأكثر مبيعًا كانت غير متوفرة حتى نهاية الأسبوع الثاني من مايو الجاري، وفي خمس ولايات، اختفت أكثر من نصف منتجات حليب الأطفال من المتاجر.
في متاجر سلسلة تارجت العملاقة والمزدحمة للبيع بالتجزئة في بولدر، على بعد 50 كم شمال غرب دينفر، كانت إمدادات حليب الأطفال شحيحة ومعظم أرفف المتاجر فارغة. ونقلت «شينخوا» عن كاتبة جرد المخازن بالمتجر قولها «عادة ما يخبروننا عندما يكون هناك المزيد من منتج ما قادم في الطريق». وأضافت «لكن هذا يقول إن الصفر قادم، ومن المتوقع أن يأتي الصفر قريبًا».
وفي متاجر هول فودز، تكررت القصة نفسها، حتى مع منتجات حليب الأطفال غير التقليدية التي تلبي احتياجات الأمهات اللواتي لديهن المال ويبحثن عن حلول غذائية عضوية لأطفالهن.
وقد وصلت طائرة شحن عسكرية تابعة للجيش الأمريكي، إلى الولايات المتحدة قادمة من ألمانيا، الأحد 22 مايو 2022، وعلى متنها عدة أطنان من عبوات حليب الأطفال، الرضع، الذي تعاني الولايات المتحدة من نقصه، خلال الأشهر الماضية.
إنتاج الحليب
وتسببت مشاكل في إنتاج الحليب، ومشاكل أخرى في سلاسل التوريد، في تفاقم الأزمة سريعًا، ما يشكل خطرًا قاتلًا على آلاف الأطفال، الذين يعانون حساسية، من حليب الأبقار، المعتاد، وتعتمد أسرهم على الحليب المصنع في تغذيتهم.
كانت الطائرة أقلعت من قاعدة رامشتين، الجوية الأمريكية، في ألمانيا، وعلى متنها نحو 35 طنًّا من حليب الأطفال، حسبما أعلن البيت الأبيض.
وقد غرد الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يقوم بزيارة حاليًّا لليابان، ضمن جولة أسيوية، تستمر 5 أيام، على حسابه على منصة تويتر، قائلا "فريقنا يسابق الزمن، ليوفر الحليب بشكل يغطي حاجة الجميع".
وحسب ما قال برايان ديز، المستشار الاقتصادي، للرئيس بايدن، لشبكة سي إن إن، فإن الشحنة الأولية يمكن أن تغطي نحو 15%، من الطلب العاجل على حليب الأطفال في البلاد.
وكانت الرئاسة الأمريكية، قد قالت في بيان يوم 19 مايو 2022، إنّ وزارة الدفاع "ستستخدم عقودها مع شركات طيران تجارية، كما فعلت خلال الأشهر الأولى من جائحة كوفيد، لنقل منتجات من مصانع في الخارج" بما يتّفق مع معايير السلامة الأمريكية.
وأضافت أنّ هذا الجسر الجوي الذي أطلق عليه اسم "عملية طيران حليب الأطفال" سيتيح "تسريع استيراد حليب الأطفال وتوزيعه" وسيقدّم دعمًا لمصنّعي هذا المنتج الأساسي "الذين يواصلون زيادة إنتاجهم".
وأوضح البيت الأبيض في بيانه أنَّ بايدن قرَّر أيضًا الاستعانة بـ"قانون الإنتاج الدفاعي" الذي أُقرّ في حقبة الحرب الباردة، مشيرًا إلى أنّ الإدارة ستطلب بموجب هذا القانون من منتجي المكوّنات اللازمة لإنتاج حليب الأطفال إيلاء الأولوية في تسليم الطلبيات إلى الشركات المصنّعة لهذه المادّة.
ولفت البيان إلى أنّ "الطلب من الشركات ترتيب أولوياتها وتخصيص (مواردها) لإنتاج المكوّنات الرئيسية لحليب الأطفال سيسهّل زيادة الإنتاج ويسرّع سلاسل التوريد".
جسر جوي
وكان مسؤول في البيت الأبيض قد قال السبت 21 مايو 2022، إن طائرات عسكرية ستشارك في رحلات الطيران التي ستجلب حليب الأطفال إلى الولايات المتحدة ضمن جهود الإدارة الأمريكية لتسريع وصول الحليب للتغلب على أزمة النقص حليب الأطفال التي تعاني منها الولايات المتحدة الأمريكية حاليا.
وأمر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن بتنفيذ أولى الرحلات الجوية التي تدعم هذه الجهود، والمعروفة باسم عملية Fly Fly Formula، وستغادر الرحلات الجوية قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا خلال عطلة نهاية الأسبوع المنصرم.
وقال مسؤول البيت الأبيض: "نظرًا لخطورة الموقف، ستضم هذه الرحلات طائرات عسكرية أمريكية".
واستخدام الطائرات العسكرية لهذا الغرض هو أمر غير معتاد ويعكس الطبيعة الملحة للوضع بسبب الأزمة التي نتجت عن إغلاق مصنع "أبوت" في مدينة ستورجيس بولاية ميشيغان لإنتاج حليب الأطفال عقب شكاوى من مستهلكين تجاهه بالتسبب بمرض للأطفال.