البنتاجون في المقدمة.. الإنفاق العسكري العالمي يتجاوز للمرة الأولى 2 تريليون دولار
تتفوّق الولايات المتحدة بكثير على بقية دول العالم في الإنفاق العسكري، فيما التهديدات الملحة مثل تغير المناخ والصراعات النووية التي تتطلب استراتيجيات دبلوماسية، لا تتلقى سوى القليل من التمويل.
ووفقًا لتحليل جديد أجراه معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، تجاوز الإنفاق العسكري العالمي 2100 مليار دولار في عام 2021.
وهذه هي المرة الأولى التي يتجاوز فيها 2000 مليار دولار (2 تريليون)، أكثر من 38% من هذا المجموع (801 مليار دولار) كان من نصيب الولايات المتحدة.
وستكون أرقام الإنفاق العسكري عام 2022 أعلى بسبب الزيادة الكبيرة في الإنفاق في الولايات المتحدة وأوروبا؛ ردًا على الغزو الروسي لأوكرانيا، وبسبب الاعتقاد الخاطئ بأن الصين تمثل ”تهديدًا متزايدًا“ يتطلب زيادة كبيرة في إنفاق البنتاجون.
ووفقا للتحليل، من الصعب عدم الإشارة إلى مدى هيمنة الولايات المتحدة وحلفائها على مستويات الإنفاق العسكري العالمي، ففي عام 2021 أنفقت الولايات المتحدة وحدها أكثر من ضعفين ونصف على جيشها مقارنة بالصين، وأكثر من 12 مرة أكثر من روسيا، كما أن أربعة فقط من حلفاء الولايات المتحدة في الناتو، المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، ينفقون معًا أكثر من ثلاثة أضعاف ما تنفقه روسيا على جيشها.
وإذا أضيف إنفاق أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان إلى الإجمالي الأمريكي، فإن الولايات المتحدة وأقرب حلفائها الإقليميين ينفقون معًا أكثر من ثلاثة أضعاف ما تموله الصين.
لكن بطبيعة الحال، إغداق المزيد من الأموال على البنتاجون لا يجعل الناس أكثر أمانًا بالضرورة، فالكثير من الأموال المخصصة لوزارة الدفاع، وفقا لتحليل المعهد، يتم إهداره على إستراتيجية مضللة وبرامج أسلحة معطلة أو غير ضرورية، مثل الطائرة المقاتلة F-35 والصاروخ الباليستي الجديد العابر للقارات، والذي يطلق عليه الآن رسميًا Sentinel.
وعلى الرغم من الوعود بـ ”إعطاء الأولوية للدبلوماسية“ في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، فالحال أنه عندما يتعلق الأمر بمخصصات الميزانية، فإن نهج إدارة جو بايدن هو بوضوح ”إعطاء الأولوية للبنتاجون“.
وقالت les-crises في تحليل لها، إن التهديدات التي تم الاستشهاد بها لتبرير المستويات شبه القياسية للإنفاق على وزارة الدفاع هي نفسها التي استشهدت بها إدارة دونالد ترامب في إستراتيجيتها للدفاع الوطني: الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، وما كان يُطلق عليه في السابق ”الحرب العالمية على الإرهاب“.
وبصرف النظر عن جهود الإدارة الأمريكية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، فإن التهديدات المذكورة أعلاه غالبًا ما يتم تناولها بوسائل عسكرية واستعدادات عسكرية بدلًا من إستراتيجية دبلوماسية شاملة.
وفي الوقت نفسه يُطرح موضوعُ تغير المناخ، وهو أكبر تهديد وجودي على كوكب الأرض، بالإضافة إلى خطر الصراع النووي، في المقام الثاني في تمويل وصُنع السياسات، في حين أن الإنفاقات العسكرية لا تخضع لأي سيطرة.
من ناحية أخرى، من الواضح أن الغزو الروسي لأوكرانيا يستدعي ردًا، ولكن ليس من الواضح لماذا ينبغي أن يدفع هذا الغزو إلى الزيادة في ميزانية البنتاجون لسنوات قادمة، لا سيما بالنظر إلى الالتزامات التي تعهدت بها ألمانيا وحلفاء أوروبيون آخرون للولايات المتحدة، من أنها ستفعل المزيد من أجل الدفاع عن نفسها.
لذا، فمن وجهة نظر تحليل les-crises فإن أمريكا هي رقم 1 في الإنفاق العسكري العالمي، لكن الغرب بحاجة إلى إصلاح شامل لمقارباته في مجال الإستراتيجية وحيازة الأسلحة، وإن ضخ المزيد من الأموال في نفس النظام الفاشل هو ضمان للفشل.