6500 جنيه إجمالي تبرعات المصريين لإقامة تمثال نهضة مصر بالجيزة
حلم ظل يراود النحات المصرى العالمى محمود مختار بصناعة تمثال رمز يجمع كل الملامح المصرية والحضارة المصرية، رمز يجمع بين الماضى الخالد وتطلعات مصر للمستقبل، ففي مثل هذا اليوم 20 مايو 1928 أزيح الستار عن تمثال نهضة مصر في حفل كبير أقيم فى ميدان باب الحديد حضره الملك فؤاد.
وهذا التمثال الرائع صممه المثال محمود مختار بصورة امرأة واقفة فى ملابس الفلاحة ترفع عن وجهها الحجاب بيسراها، بينما يمناها مفرودة لتلمس بأصابعها رأس تمثال أبى الهول الذى يفرد قائمتيه الأماميتين فى تعبير عن النهوض، ويشير مختار في تمثاله الى الشعب المصرى بالفلاحة الأم بينما يرمز بأبى الهول إلى تاريخ مصر فى فترات نهضتها.
قصة تمثال نهضة مصر
جاءت فكرة تمثال نهضة مصر إلى مختار عام 1919 فى فترة مطالبة مصر بالاستقلال قبيل ثورة 1919 بنحت تمثال نصف حجم التمثال الحالى وعرضه بصالون باريس الدولي الذى أقيم بمتحف الفنون الجميلة بباريس فلاقى إعجابا شديدا، وعندما ذهب سعد زغلول ورفاقه ويصا واصف وحافظ عفيفى وواصف غالى إلى باريس لعرض مطالب مصر على مؤتمر باريس زاروا متحف الفنون الجميلة وأعجبوا بالتمثال هناك وقرروا العمل على إقامته بالقاهرة، وكتبوا إلى المسئولين فى مصر ووافق على ذلك مجلس الوزراء عام 1921.
وحماسا الى صناعة الرمز دعا أمين الرفاعي رئيس تحرير الأخبار الصادرة فى عشرينات القرن الماضى إلى اكتتاب شعبي لإقامة التمثال كنصب تذكارى بأحد ميادين القاهرة، ولاقت الحملة تفاعلا كبيرا لدى المصريين بكل طوائفهم فقراء وأغنياء صغارا وكبارا.
نداء جريدة الاخبار
نشرت الاخبار رسما للتمثال في صدر صفحاتها وكتب ويصا واصف يقول (امرأة مصرية فلاحة رافعة الرأس ويدها اليمنى على رأس تمثال ابى الهول تدعوه للنهوض من رقاده وهو قد سمع النداء فرفع رأسه وأخرج صدره من الرمال وأذناه تصغيان لمن تستنهضه ).
الاكتتاب لصناعة الرمز
فتح باب الاكتتاب لإقامة تمثال نهضة مصر بالتبرع بخمسة قروش حتى مئات الجنيهات حتى وصل المبلغ الذى جمعته اللجنة التي تكونت برئاسة حسين رشدى باشاوعضوية أمين الرافعى وحافظ عفيفى وويصا واصف وفؤاد سلطان ومحمد محمود خليل مبلغ 6500 جنيها، كما خصصت الحكومة 12 ألف جنيه وخصصت مصلحة السكك الحديدية الفى جنيه، للمساهمة فى إقامة المشروع الذى صنع من حجر الجرانيت الوردى الذى استقطع من محاجر اسوان وأقام مختار ورشة صناعة التمثال بميدان محطة مصر، واستغرق نحته ستة اشهر ونصف، وأشرفت على بنائه وزارة الاشغال وتنازل الفنان محمود مختار عن مستحقاته المالية من صنع التمثال باعتباره عمل قومى فكان يقول ( لست صاحب التمثال بل الشعب هو صاحبه )، وأطلق على التمثال لقب آخر الفراعنة.
وفى عام 1955 تم نقل التمثال إلى ميدان جامعة القاهرة فى مواجهة الباب الرئيسى لحديقة الحيوان، وسمى ميدان النهضة نسبة الى التمثال الذى يقع بالقرب من ميدان الجيزة.
الفنان محمود مختار
والمثال محمود مختار فنان مصري تخصص في فن النحت ولد عام 1891 بالمحلة الكبرى، التحق بمدرسة الفنون التي أنشأها الأمير يوسف كمال الذى أعجب به وأرسله فى بعثة لدراسة النحت إلى فرنسا ليبدأ خطواته الأولى نحو العالمية عام 1913 حيث شارك فى معرض بباريس بتمثال "عايدة" ثم تمثال مصغر لنهضة مصر وانتهى به المطاف إلى تمثال نهضة مصر، ورحل مختار عام 1934.
