جدري القرود يضرب الولايات المتحدة وكندا بعد أوروبا
الجدري.. عاد المرض الفتاك الذي قتل الملايين وأدى إلى ظهور أول لقاح في العالم من جديد ولكن بشكل مختلف في جدري القرود.
جدري القرود
وفي كارثة طبية عالمية جديدة طال مرض جدري القرود الولايات المتحدة وكندا بعد ما أصاب بعض دول أوروبا تاركا العالم في حالة من الهلع والحيرة خاصة بعد تجربة فيروس كورونا «كوفيد-19» الكارثية والتي لم تنتهي على الرغم من قطع البشرية شوطا طويلا فيها.
ويجري تحقيق في حالات جدري القرود المؤكدة والمشتبه فيها في كل من الولايات المتحدة وكندا وإسبانيا والبرتغال وبريطانيا، بحسب السلطات الصحية وتقارير الإعلام المحلي.
وبدأت القصة الحزينة مؤخرا في الولايات المتحدة، بعدما تأكدت حالة بمرض جدري القرود ويجري تحقيق في 13 حالة مشتبه فيها في كندا.
كما تأكدت أيضا خمس إصابات في البرتغال وسبع حالات في إسبانيا، وفقا للسلطات الصحية.
ويعد جدري القرود مرضا شائعا في مناطق نائية من وسط وغرب أفريقيا.
وجدري القرود هو عدوى فيروسية نادرة وعادة ما تكون خفيفة ويتعافى منها معظم الناس في غضون أسابيع قليلة، وفقًا لهيئة التأمين الصحي في بريطانيا.
ولا ينتشر الفيروس بسهولة بين الناس ويقال إن الخطر على عامة الناس منخفض للغاية.
المملكة المتحدة
وتم الإبلاغ عن أول حالة إصابة بالمرض في المملكة المتحدة في السابع من مايو، وقالت وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة إن الحالة سافرت مؤخرًا إلى نيجيريا، حيث يُعتقد أنها ؟أصيبت بالفيروس قبل السفر إلى إنجلترا.
وهناك الآن تسع حالات مؤكدة في المملكة المتحدة، وتقول منظمة الصحة العالمية (WHO) إن مصدر هذه العدوى لم يتم تأكيده بعد، لكن يبدو أن الحالات كانت «مكتسبة محليًا».
كما تم الإبلاغ عن حالات مؤكدة في البرتغال وإسبانيا بعد إخطار وكالات الصحة الأوروبية بالتقارير في المملكة المتحدة.
ومؤخرا، أكدت السلطات الصحية في ولاية ماساتشوستس الأمريكية إصابة رجل بجدرى القرود.
وكان قد سافر مؤخرًا إلى كندا، حيث أفادت وسائل إعلام محلية أنه يجري التحقيق في 13 حالة يشتبه في إصابتها بالفيروس.
وبحسب مسؤولي الصحة، فقد نُقل الرجل إلى المستشفى، وهو في «حالة جيدة» و«لا يشكل أي خطر على العامة».
وتلك الإصابات طرحت اسئلة منها إلى أي مدى يمكن أن ينتشر؟
السبب في الإصابة بجدري القرود هو فيروس يحمل الاسم نفسه وهو من نفس عائلة الجدري العادي، لكن خبراء يرجحون أنه أقل خطورة منه كما أن فرص انتقال العدوى به ضئيلة.
وينتشر المرض في أغلب الأحيان في المناطق النائية من دول وسط وغرب أفريقيا بالقرب من الغابات الاستوائية المطيرة.
وهناك سلالتان من هذا الفيروس؛ هما سلالة وسط أفريقيا وسلالة غرب أفريقيا.
أعراض المرض
وتتضمن أعراض جدري القرود الحمى، والصداع، والانتفاخ، وآلام الظهر، وآلام العضلات، والخمول.
وبمجرد ارتفاع درجة الحرارة يظهر طفح جلدي بداية من الوجه ثم ينتقل إلى أجزاء أخرى من الجسم، لكنه يكون في أغلب الأحيان في راحة اليدين وباطن القدمين.
وتختفي العدوى دون تدخل طبي بعد أن تستمر الأعراض لحوالي 14 إلى 21 يوم.
كيفية الإصابة بالمرض
وينتقل المرض إلى الشخص عند مخالطة المصابين بالفيروس؛ وقد يدخل الفيروس الجسم عن طريق تشققات البشرة، أو المجرى التنفسي، أو عبر العينين، أو الأنف، أو الفم.
كما يمكن أن ينتقل من حيوان مصاب، مثل القرود والجرذان والسناجب، إلى الإنسان أو من على الأسطح والأشياء ملوثة بالفيروس مثل الفراش والملابس.
ما مدى خطورة جدري القرود
أغلب الإصابات بهذا الفيروس خفيفة، تشبه أحيانا جدري الماء، وتختفي دون تدخل طبي في أسابيع قليلة.
وأحيانا قد تكون الإصابة أكثر خطورة. كما سُجلت وفيات بسبب المرض في غرب أفريقيا.
إمكانية انتشار جدري القرود
اكتشف المرض للمرة الأولى بعد إصابة قرد في الأسر به، ومنذ عام 1970 هناك انتشار متقطع يظهر بين الحين والآخر للمرض في عشر دول أفريقية.
وانتشر الفيروس في الولايات المتحدة عام 2003، وكانت تلك المرة الأولى التي يظهر فيها المرض خارج أفريقيا؛ وانتقل المرض إلى الولايات المتحدة في ذلك الوقت عن طريق مخالطة حيوان كلب المروج الذي انتقلت إليه العدوى من بعض الثدييات المستوردة من الخارج؛ وبلغ عدد الحالات المصابة في ذلك الوقت 81 حالة، لكن دون تسجيل أي وفيات بسبب الفيروس.
وفي 2017، شهدت نيجيريا أكبر انتشار موثق في حوالي 40 سنة من ظهور آخر حالة مؤكدة في البلاد؛ كما كان هناك 172 حالة مشتبه في إصابتها؛ وكان 75 %من المصابين أثناء هذا الانتشار من الرجال من الفئة العمرية من 21 إلى 40 سنة.
ما هو علاج جدري القرود
لا يوجد علاج لجدري القرود، لكن يمكن الحد من الانتشار من خلال بعض القيود التي تحول دون انتقال العدوى.
وهناك لقاح مضاد لجدري الماء ثبتت فاعليته بنسبة 85 % في الحيلولة دون الإصابة بالمرض، ولا يزال يستخدم أحيانا.
يرى خبراء أن بريطانيا لا تواجه انتشارا وشيكا للفيروس، وفقا لهيئة الصحة العامة في إنجلترا التي قالت إن المرض لا يشكل خطورة على الصحة العامة.
وقال جوناثان بول، الأستاذ في علم الفيروسات الجزيئية في جامعة نوتنجهام بحسب «بي بي سي»: «حقيقة إصابة شخص واحد فقط من كل خمسين شخص يخالطون المصابين بجدري القرود، تكشف مدى تضاؤل فرص انتقال العدوى».
وأضاف: «من الخطأ أن نعتقد أننا على حافة انتشار المرض في جميع أنحاء البلاد».
وقال نيك فين، نائب رئيس قسم المكافحة الوطنية للعدوى في هيئة الصحة العامة في إنجلترا: «من الضروري التأكيد أن جدري القرود لا ينتشر بسهولة بين البشر وأن مستوى خطورته على الصحة العامة منخفض جدا».
وتتابع هيئة الصحة العامة في إنجلترا حالات المخالطين للمصابين الذين تأكدت إصابتهم لتقديم الاستشارات الطبية ومراقبتهم، وفقا لما تقتضيه الضرورة.
ومرض جدري القرود يختلف كثيرا عن مرض الجدري الذي أصاب البشرية وتسبب في خسائر ملايين الأرواح عبر العالم؛ والتي لعبت التجارة العالمية وتوسع الإمبراطوريات دورا كبيرا في نشره حول العالم؛ وكان المرض فتاكا، إلى درجة أنه يؤدي إلى وفاة نحو ثلث المصابين به من البالغين، وثمانية من بين كل 10 أطفال؛ وفي مستهل القرن الثامن عشر، كان المرض يودي بحياة نحو 400 ألف مصاب سنويا في أوروبا وحدها.
الجدري والحرب البيولوجية
واستخدم الجدري كسلاح بيولوجي في القرن الـ15 على أيدي كورتيز عند احتلال المكسيك؛ في عام 1763 كما استعملت القوات البريطانية في أمريكا فيروس الجدري كسلاح بيولوجي ضد الهنود الحمر؛ وقد أخذ قائد القوات البريطانية بطانيتين ومنديل ملوثتين من مرضى الجدري وأرسلها بشكل هدية إلى زعماء الهنود الحمر؛ نتيجة لذلك انتشر وباء أدى إلى قتل ما يزيد على % 50 من السكان المحليين.
وفي الوقت الحاضر يمكن التأثير على فعالية الفيروس كسلًا بيولوجي بواسطة إعطاء التطعيم السريع والفعال للسكان.
وكل تلك المعلومات تكشف الفرق الهائل بين مرض الجدري الفتاك وجدري القرود الذي انتشر مؤخرا حول العالم.