سيدة المركزي الروسي.. من هي إلفيرا نابيولينا أقوى امرأة في موسكو ؟
بعد 80 يومًا من الحرب الروسية الأوكرانية، اكتشف العالم امرأة حديدية تقود الحرب بنجاح باهر، ولقبت بأغلى امرأة في تاريخ روسيا.. ومنحها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صلاحيات كاملة.
إنها إلفيرا نابيولينا أو "سيدة المركزي" التي كلفها بوتين بمواجهة العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي وأمريكا، والتي توصف بأنها "الأقسى" في تاريخ العقوبات الغربية، وبالفعل كانت نابيولينا على قدر المسؤولية.
فاللعب في الحرب الروسية الأوكرانية هو بين الكبار ومع الكبار، إذ تشابكت الأعمال العسكرية فيها مع العناصر الاقتصادية، وأنتجت معادلة صعبة.
لكنها أظهرت للعالم شخصية مالية واجهت العقوبات الغربية بكل ذكاء وشراسة، حيث قادت الورقة الرابحة "أمر التسوية بالروبل"، الذي نجح في منع انهيار النظام المالي الروسي، والذي تسبب في انتعاشه بشكل حاد إلى مستويات ما قبل الحرب.
دور نابيولينا في الحرب
إلفيرا نابيولينا، وبصفتها مؤيدا قويا للرئيس فلاديمير بوتين، تولت منصب محافظ البنك المركزي الروسي لأول مرة في عام 2013.
قادت موسكو لعبور العديد من الأزمات الاقتصادية بأمان، وساهمت في وضع الأساس لسمعة النظام الاقتصادي والمالي الروسي.
قرارات نابيولينا
قرارات إلفيرا نابيولينا في الأزمة ونجاحها في إنقاذ الاقتصاد الروسي لم تكن وليدة اللحظة.
ففي عام 2014، واجهت روسيا انخفاضا حادا في الروبل بسبب العقوبات الغربية على حادثة شبه جزيرة القرم، إلى جانب انخفاض حاد في أسعار النفط العالمية، مما أغرق الاقتصاد الروسي في أزمة.
في العامين التاليين، شجعت نابيولينا على إنشاء نظام سعر الصرف العائم في روسيا، الذي خفّف الضغط على احتياطيات النقد الأجنبي لروسيا، وخفّض معدل التضخم إلى أدنى مستوى بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، وعزز انتعاش الاقتصاد الروسي.
خلال الفترة بين 2013 و2017، أغلقت نابيولينا نحو 300 مؤسسة مالية، إلا أن غالبية هذه المؤسسات جرى دمجها لاحقًا تحت مسميات أخرى، بداعي فشلها.
اعتبرتها مجلة "ذا بانكر" البريطانية عام 2017 أفضل محافظة بنك مركزي في أوروبا، ودعاها صندوق النقد الدولي لإلقاء واحدة من أهم محاضراته السنوية عام 2018.
كذلك اختارتها مجلة "فوربس" ضمن قائمة أقوى 100 امرأة في العالم.
نظام سويفت
بعد طرد العديد من البنوك الروسية من نظام "سويفت"، وفرض عقوبات على البنك المركزي الروسي أيضا من قبل أمريكا، وتجميد الأصول الموجودة في الخارج، أصيب الروس بالذعر واندفعوا إلى البنك، محاولين إخراج أموالهم قبل أن ينخفض الروبل أكثر.
ردا على هذا الموقف، بدأت نابيولينا في حل المشكلة "بشكل جذري"، وسرعان ما رفعت سعر الفائدة القياسي للبنك المركزي من 9.5 % إلى 20%، على أمل ثَني الناس عن سحب الأموال من البنك.
بعد ذلك، أعلن البنك المركزي الروسي عن الإفراج عن 733 مليار روبل من الأموال الاحتياطية الطارئة، والسماح للبنوك بتأجيل إعادة تقييم جميع الأصول للحفاظ على قيّم الأصول عند مستويات عالية.
حرب التضخم
بعد ذلك، بدأت نابولينا في التعامل مع التضخم، منعتها العقوبات التي فرضتها الدول الغربية من بيع الاحتياطيات الروسية في الخارج لدعم الروبل، لذلك فكّرت بطريقة مختلفة، وطالبت الشركات الروسية بشراء الروبل بنسبة 80% من العملات الأجنبية.
وأعلنت عن تطبيق ضوابط على رأس المال للحد من تدفقات رأس المال المحلي نحو الخارج، بما في ذلك القيود على المبلغ، الذي يمكن للمقيمين سحبه بالدولار من الحسابات المصرفية بالعملات الأجنبية، والقيود المفروضة على سحوبات العملاء الأجانب بعملات أجنبية معينة، إذ يحظر على الروس تحويل الأموال إلى حساباتهم المصرفية الأجنبية، كما أن مبلغ العملة الأجنبية، الذي يمكن سحبه خلال الشهر، يقتصر أيضًا على 10 آلاف دولار، كما لا تسمح شركات السمسرة الروسية للعملاء الأجانب ببيع الأوراق المالية.
الرادع الاقتصادي
في مواجهة العقوبات المتزايدة التي تفرضها الدول الغربية، لجأت نابيولينا مباشرة إلى "الإجراء الرادع"، بربط الروبل وشركة مقاصة الطاقة الروسية معًا، حيث أعلن بوتين في اليوم نفسه أن توريد الغاز الطبيعي إلى "الدول غير الصديقة" سيتم تسويته بالروبل، وطلب من البنك المركزي الروسي والحكومة صياغة المواصفات ذات الصلة لتسوية الروبل في غضون أسبوع.
بعد ذلك، قام المركزي الروسي بخطوة أخرى لـ"ربط" الروبل بالذهب، معلنًا أنه في الفترة من 28 مارس إلى 30 يونيو، سيشتري الذهب بسعر ثابت قدره 5 آلاف روبل للجرام، في خرق للقيود المفروضة على السيولة المصرفية. وبعد أن ضحت روسيا بـ"سلاحها القاتل"، انتعش الروبل منذ 24 مارس. واعتبارًا من 8 أبريل، كسر أعلى مستوى له منذ نوفمبر من العام الماضي.
معركة ستالينجراد الجميلة
تحت قيادة نابيولينا، خاضت روسيا بنجاح معركة جميلة للدفاع عن ستالينجراد "أهم المعارك الكبرى والفاصلة التي شهدتها الحرب العالمية الثانية" في السوق المالي.
ربما لن تدرك نابيولينا نفسها أن الحرب المالية التي تشارك فيها ليس لها تأثير بين الولايات المتحدة وروسيا، ولكنها نقطة انطلاق جديدة لنمط عالمي جديد، بالنسبة لدول العالم الثالث، فهو بلا شك نموذج يدرس.
نابيولينا في سطور
ولدت نابيولينا في عام 1963 لعائلة فقيرة فأمها كانت عاملة في مصنع، ووالدها سائق سيارة بالأجرة.
متزوجة من عميد دائرة الاقتصاد في كلية دراسات عليا بموسكو.
العمر 53 سنة، تمثل اليد اليمنى لبوتين.
مجلة الإيكونوميست البريطانية وصفتها بـ"الحضور الإمبراطوري القوي".
أدرجتها قائمة فوربس الأمريكية بين أقوى 100 امرأة في العالم.
سلمها بوتين وزارة الاقتصاد العام 2007، ثم اختارها العام 2013 محافظا للبنك المركزي.
نجحت في اجتياز ثلاث أزمات كبرى؛ الأزمة المالية العالمية 2008- 2009 وأزمة أوكرانيا والحصار الأمريكي، ثم صدمة النفط الأخيرة بفعل الحرب الأوكرانية.
استخدمت إلفيرا الأدوات النقدية والمالية التي حافظت على نسبة العجز ومعدلات الاحتياطي.
لم تتردد في اعتماد الخيار الأسوأ وهو تخفيض العملة مع رفع الفائدة البنكية.
سمحت بتخفيض الروبل بنسبة 50%، وهي نفس نسبة انخفاض سعر النفط خلال 2015.
ما يعني أن برميل النفط بالنسبة لبلد مصدر للبترول ظل يساوي نفس عدد الروبلات التي كان يساويها قبل سنة.
ألغت تراخيص 200 بنك تشكل 20% تقريبا من إجمالي عدد المصارف الروسية.
وصفها نائب رئيس كتلة الشيوعيين في مجلس الدوما بأنها "أغلى امرأة في تاريخ روسيا"
في إشارة إلى أنها تتحكم بـ 70 مليار دولار كاحتياطي أجنبي في البنك المركزي.