استراتيجية 2030.. الجنيه سوف يسترد مكانته فور توقف الحرب الروسية الأوكرانية
أقاويل كثيرة وتصريحات عديدة تلوح بورقة أن شبح الإفلاس يدق الأبواب فى مصر، فهل بالفعل تواجه مصر أزمة الإفلاس، وهل الحكومة الحالية قادرة على العبور من الأزمة، وما مستقبل الجنيه المصرى أمام الدولار
يقول الدكتور وليد جاب الله الخبير الاقتصادى، إن الإفلاس نظام من نظم التجارة وله أحكام يتم تطبيقها، عندما يكون التاجر غير القادر على سداد التزاماته وليس لديه مقدرة مالية على سداد ديونه، ومن هنا يتم غلق المنشأة ويتم توزيع الديون بالطريقة التى يحددها القانون.
ولكن إذا انتقلنا إلى اقتصاد الدولة فلا يوجد دولة تغلق، فمفهوم الإفلاس عندما ننقله إلى الدولة يختلف تماما عن منظوره فى لمجال التجارى، فهو لفظ كناية عن أن الدولة غير قادرة عن سداد التزاماتها وسداد الديون وهذا الأمر لا يترتب عليه الإغلاق، ولكن يترتب عليه إجراءات متعلقة إعادة هيكلة الديون وإعادة التفاهم مع الدائنين من خلال برامج وضمانات معينة، وبالتأكيد هذا الأمر يمثل عبئا على المواطنين أيضًا.
ولكن الأمر ليس بالصورة التى يتم تصديرها إلى الجمهور، بعض المشككين فى الاقتصاد المصرى دائما ما ينشرون كلمات سلبية وراء سلبية للاقتصاد المصرى، بينما مؤسسات التقييم الائتمانى تؤكد على استقرار الاقتصاد المصرى، وبالتالى لا يوجد مشكلة فى سداد التزاماتها وديونها. ولم يسبق أن تخلفت مصر عن سداد التزاماتها حتى فى الإضراب السياسى، وبالتالى الترويج لفكرة أن مصر تواجه خطر الإفلاس يدخل فى المفهوم السياسى وليس الاقتصادى.
الحرب الروسية الأوكرانية
وأكد جاب الله أن الحكومة المصرية تسير بإستراتيجية ثابتة نحو خطة 2030، وتنفذ مشروعات ثابتة بخطط محددة، وما تواجهه الدولة المصرية حالية نتيجة لتداعيات كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وليس تقصيرا من الحكومة، مشيرًا إلى أن فكرة تغيير الأشخاص أو ضخ دماء تقرره القيادة السياسية، إنما ما تحتاجه مصر للاستمرار هو تخطي العقبات وتذليل المشكلات، ويجب استشارة الخبراء وتسليط الضوء على العقبات.
مستقبل الجنيه
وعن مستقبل الجنيه أمام الدولار، أوضح الخبير الاقتصادى أن الجنيه المصرى حر منذ 2019، وفق سياسات من البنك المركزى للعمل على استقرار سعر الصرف، ولكن الحرب الروسية الأوكرانية خلقت الكثير من الضغوط التى أثرت فى قرارات البنك المركزى.
واستكمل: الحكومة تقوم بإجراءات استباقية من أجل سد الفجوة فى التمويل التى تواجه مصر على المدى القصير، وأتصور أنها نجحت فى سد الكثير من هذه الفجوة.
وتوقع جاب الله أنه مع نهاية الحرب الروسية الأوكرانية سيتراجع سعر الدولار فى مصر بشكل كبير، وفقا للإجراءات التى اتخذتها الحكومة فى الآونة الأخيرة، والخطة التى وضعت حتى منتصف 2023.
وفى نفس السياق، يقول كريم عادل الخبير الاقتصادى ورئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، ما زالت الدولة المصرية قادرة ومستمرة فى تقديم نماذج ناجحة فى إدارة الأزمات، فقد أثبتت للعالم من خلال إدارتها وتعاملها مع تلك الأزمات قدرتها على مواجهة أشد أنواع الأزمات والتعامل معها بكل احترافية، فكافة القرارات التى صدرت منذ فجر الأزمة تؤكد مدى قدرة السلطة التنفيذية على التعامل مع المخاطر والأزمات التى تواجه الأفراد بصفة خاصة والدولة بصفة عامة والتصدى لجميع المستجدات.
التصنيف الائتماني
هذا الأمر حاز على إشادة كبرى مؤسسات التصنيف الائتمانى العالمية وجعلها تثبت التصنيف الائتمانى للدولة المصرية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، فقد أثبتت تلك الأزمات ما يتميز به الاقتصاد المصرى من صلابة ومرونة، تتماثل الصلابة فى قدرته على الحد من أثارها السلبية على ما تحقق من نجاحات وما يضمن استمرارها فى ظل الأزمة وما بعدها، والمرونة فى سرعة الاستجابة والتعامل مع الأزمة بما يحفظ للاقتصاد استقراره وتوازنه.
فالدولة المصرية على مدى السنوات الأخيرة انتهجت مجموعة من السياسات التى جعلت لديها القدرة فى توفير احتياطى آمن من النقد الأجنبى ومن المحاصيل الإستراتيجية، إضافة إلى التنسيق والتناغم بين السياسات المالية والنقدية وسرعة الاستجابة للمتغيرات، إضافة إلى السياسات التوسعية فى التصنيع والإنتاج، وزيادة الوزن النسبى لقطاعات هيكلية مؤثرة مثل الصناعات التحويلية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والزراعة، بهدف الاستمرار فى التشغيل والإنتاج والقدرة على التصدير.
كل هذه الأمور تجعل الدولة المصرية خارج التوقع بأن تشهد أي إفلاس، خاصة فى ظل توقعات المؤسسات المالية والنقدية العالمية بمزيد من النمو والاستثمارات خلال المرحلة المقبلة.
أسعار الفائدة
وفيما يتعلق برفع أسعار الفائدة قال رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، فهو قرار يتماشى مع ما شهدته الأسواق المحلية من ارتفاعات فى الأسعار نتيجة ارتفاع أسعار النفط وأسعار السلع الأساسية عالميًا، مما نتج عنه ارتفاع معدل التضخم، وبالتالى فإن القرار يتماشى مع طبيعة المرحلة وما تقتضيه من تحريك لأسعار الفائدة.
كما أن تحريك سعر الصرف للجنيه المصرى مقابل الدولار الأمريكى، يعكس مرونة السياسات النقدية، واعتمادها على آليات العرض والطلب وفقًا لأسس برنامج الإصلاح الاقتصادى، وهو ما يجعل التوقع بتراجع سعر الدولار مقابل الجنيه فى ظل استمرار السياسات النقدية المرنة للاقتصاد المصرى وتحسن بيئة الأعمال وجذب المزيد من الاستثمارات خاصة، بعد ما تم الإعلان عنه من قبل الرئيس عبد القتاح السيسى خلال حفل إفطار الأسرة المصرية من مجموعة قرارات اقتصادية واجتماعية وسياسة تتماشى مع رؤية الدول ومستهدفاتها، وتطمئن المستثمرين الأجانب من خلال المزيد من مشاركة القطاع الخاص، ودخول شركات حكومية فى البورصة المصرية، إضافة لإعلانه عن عقد مؤتمر دولى لتوضيح الرؤى والرد على كافة الشائعات التى تسعى لزعزعة استقرار الاقتصاد المصرى.
ومن جانبه، قال خالد الشافعى الخبير الاقتصادى، إن مصر لا تواجه شبح الإفلاس بدليل التصنيف الائتمانى الذى تحتله مصر، وتم بشهادة مؤسسة "فيتش" أن مصر تقع عند "+B"، بما يعطى نظرة مستقبلية مستقرة للمرة الرابعة.
وأكد الشافعى أن الوضع الاقتصادى فى مصر مستقر طبقا لمؤسسة التصنيف الائتمانى، منوها بأن أقاويل أن مصر تواجه شبح الإفلاس لا أساس لها من الصحة، ولا أعلم من أين يأتى، لم يدخل الوضع الاقتصادى لمرحلة التلعثم فى أي مرحلة من المراحل، وأضاف بالفعل توجد آثار سلبية تواجهه العالم أجمع بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وما زالت تداعيات أزمة جائحة فيروس كورونا لها تأثير على الاقتصاد الدولى، لأنها شكلت مشكلة فى التوريد العام، كما أدت إلى التضخم فى أسعار الطاقة، كل تلك الأسباب لم تشكل أي منطق بإفلاس مصر اقتصاديا بل للعالم أجمع.
وأردف خبير الاقتصاد أن مصر مستقرة وقادرة على بناء وإعادة إحياء الجمهورية الجديدة، كما تدعم المزيد من القطاعات الصناعية، حتى يتم توطين صناعات جديدة وإنشاء أنشطة جديدة الهدف منها زيادة حجم الناتج، وتقليل الاعتماد على الواردات.
وأشار الشافعى إلى أنه فى حالة الاعتماد على الذات لم يتم الاحتياج لأى من الواردات، بينما إذا تم الاعتماد على الواردات سيتم التعرض لأزمات وتقلبات وزيادة فى الأسعار وتوتر الأمن الغذائى، بل مصر تحاول أن تكون قادرة وفاعلة بتأمين احتياجاتها من خلال الدعم للصناعات الموجودة بالإضافة إلى تهيئة المناخ لصناعات وأنشطة جديدة، من شأنها أن تنتج بدائل للسلع المستخدمة.
مستقبل الدولار
وعن مستقبل الدولار أمام الجنيه المصرى، توقع الشافعى مزيدا من الثبات والاستقرار للجنيه المصرى، وانخفاض سعر الدولار أمام الجنيه، وخاصة بعدما أكدت الدولة أنها ستحدد سعر الدولار الجمركى بقيمة 16 جنيها، لتقليل تكلفة المواد الخام والمواد التى يتم استيرادها من الخارج، وبالتالى سيحدث ثبات للجنيه المصرى أمام العملة، وسوف ينخفض سعر الدولار 17.25 جنيه طبقا لتقرير وكالة بلومبرج العالمية المتخصصة فى أسعار العملات، والتى ذكرت أن الدولار القيمة العادلة له في مصر حتى 17.25 جنيه.
وأشار إلى أن الحكومة قادرة على التنفيذ بناء على توجيهات قيادات سياسية بتنفيذ الآليات وقدرات وفعاليات نحو التحقيق الأفضل للاقتصاد المصرى، والوصول للمزيد من تهيئة المناخ لدعم الصناعات والأنشطة والتقليل من نسبة العجز والناتج المحلى، كل ذلك يتم من قبل التوجيهات السياسية لتحسين المشروعات والاقتصاد الكلي.
نقلًا عن العدد الورقي…