تتجاوز نصف تريليون دولار.. هل تدفع روسيا فاتورة إعادة إعمار أوكرانيا؟
قالت صحيفة ”فاينانشال تايمز“ البريطانية، إن تكلفة إعادة إعمار أوكرانيا تدفع المسؤولين الغربيين إلى النظر للاحتياطيات التابعة للبنك المركزي الروسي، والتي تم تجميدها، وذلك رغم العقبات التي تواجه هذا المخطط.
وأضافت، في تقرير نشرته اليوم الثلاثاء، على موقعها الإلكتروني: ”عندما تلتقي وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين نظراءها في بروكسل، الثلاثاء، فإن هناك قضية رئيسية ستكون على طاولة المناقشات، وهي كيفية تمويل أوكرانيا المتضررة نتيجة الحرب“.
فاتورة إعادة إعمار أوكرانيا
ومضت تقول: ”بينما سيكون الهدف الأول هو تغطية الاحتياجات المالية العاجلة لأوكرانيا على المدى القصير، فإن مسؤولين يشعرون بالقلق الشديد إزاء فاتورة إعادة الإعمار، التي تصل إلى ما يزيد على نصف تريليون دولار“.
وتابعت بقولها: ”البعض يميل إلى استغلال ما يقرب من 300 مليار دولار، وهي قيمة الاحتياطي الأجنبي الروسي المجمد لدى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وحلفاء أوروبيين، في ظل العقوبات المفروضة على البنك المركزي الروسي“.
وأردفت: ”طالب جوزيب بوريل، المسؤول السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، باستهداف أصول الدولة الروسية بشكل مباشر، مشيرا إلى أن هذه الخطوة منطقية للغاية، في ضوء التكلفة المرتفعة للغاية لإعادة الإعمار“.
خطوة محفوفة بالمخاطر
ورأت الصحيفة أن مصادرة الأصول الخارجية للحكومة الروسية ستكون خطوة محفوفة بالمخاطر، وتثير الشكوك من الناحية القانونية، وفقا لبعض الباحثين، أو كما أوضحت وزيرة الخزانة الأمريكية الشهر الماضي، بأن استخدام احتياطيات روسيا في إعادة إعمار أوكرانيا ليس أمرا من السهل تنفيذه.
واستطردت: ”بالفعل، فإن قرار تجميد الأصول الروسية أثار القلق بالنسبة للدول التي تملك علاقات متوترة مع الولايات المتحدة وأوروبا، وسوف يُنظر إلى الاستيلاء على الثروة الروسية مباشرة بأنه تجاوز للخطوط السياسية الحمراء“.
ونقلت عن سيمون هنريكسين، الزميل في كلية الاقتصاد بلندن، قوله: ”هذه الخطوة في حال اتخاذها سوف تتجاوز النظام الاقتصادي السياسي الذي تم وضعه خلال العقود الأخيرة“.
وفي السياق نفسه، وفي رأي منشور على مدونة مركز بروجيل الفكري، فإن نيكولاس فيرون وجوشوا كيرشينباوم، قالا إنه في الوقت الذي تبدو فيه فكرة مصادرة الأصول الروسية ”مغرية“، فإنها في الوقت نفسه ”غير ضرورية“ و“غير حكيمة“.
وفيما يتعلق بموقف الولايات المتحدة، فإن وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين قالت إن فكرة أن تقوم روسيا بسداد فاتورة إعادة إعمار أوكرانيا يجب أن تكون موضع دراسة، فإنها حذّرت في الوقت نفسه من أن تنفيذ الفكرة سوف يتطلب تعديلات في القانون الأمريكي، ودعم حلفاء الولايات المتحدة.
أمثلة سابقة
وبالنسبة لرأي خبراء القانون، فإنهم يرون أن القانون الدولي يسمح بمصادرة أموال مرتكبي جرائم الحرب، لتعويض الضحايا. في العام 2017، أصدرت محكمة جرائم الحرب الخاصة قرارا يجبر الرئيس التشادي السابق حسين حبري على دفع 145 مليون دولار لصالح ضحايا الانتهاكات خلال فترة حكمه، رغم أن حبري توفي العام الماضي، دون أن يحصل الضحايا على التعويض.
وأشارت إلى أن هذا الملف كان أكثر نجاحا في العراق، حيث دفعت حكومة بغداد 52 مليار دولار لضحايا غزو الرئيس العراقي الراحل صدام حسين للكويت، وتم سداد الدفعة الأخيرة، الممولة من مبيعات النفط والمدعومة من الأمم المتحدة، في وقت سابق من العام الجاري.
فجوة كبيرة
وقالت ”فاينانشال تايمز“ إن هناك وسيلة أخرى تتمثل في مصادرة أصول الأثرياء الروس، لتمويل إعادة إعمار أوكرانيا، حيث يعمل الرئيس الأمريكي جو بايدن حاليا على حشد الدعم من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لهذه الفكرة.
وختمت بقولها: ”ولكن بالمقارنة مع الثروة الهائلة للبنك المركزي الروسي، فإن أصول الأثرياء الروس صغيرة نسبيا، وسوف تؤدي إلى وجود فجوة كبيرة بالنسبة للحلفاء، من أجل تمويل فاتورة إعادة إعمار أوكرانيا“.