د. محمد المهدي في يوم الأسرة العالمي.. توفير الاحتياجات الأساسية لنواة المجتمع ضرورة.. وتثقيف الأهل طوق نجاة
نظرا لأهمية الأسرة في المجتمعات الإنسانية ونظرا لما حل بها من عوامل ضعف وتفكك وصل إلى أن ظاهرة التشرد الأسري أصابت 20% من الأسر في بعض الدول الأوروبية، علاوة على التباعد العلاقاتي داخل الأسر بسبب وسائل التواصل الإجتماعي، وعزوف الجيل الجديد عن الزواج، وازدياد معدلات الطلاق.
الأسرة والتحضر
قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن يكون الشعار هذا العام لليوم العالمي للأسرة الموافق اليوم 15 مايو من كل عام هو"الأسرة والتحضر"، فالتحضر ووسائل التكنولوجيا الحديثة هي عوامل أفادت البشرية كثيرًا، ولكنها في ذات الوقت أفرزت ظواهر سلبية، مثل التباعد الأسري، وزيادة الخلافات والصراعات والعنف داخل الأسرة.
وأفرزت الأسرة ذات العائل الواحد والأم المعيلة وأطفال بلا آباء، وامتلأت المحاكم بالقضايا، والعيادات النفسية بضحايا الخلافات الزوجية والأسرية، وتزايدت أعداد الشباب والفتيات بلا زواج، ولهذا كان العنوان الثاني للاحتفال هذا العام هو "السلام والمشاركة"، فكثير من الأسر في هذا العالم المعاصر تحتاج للسلام (الداخلي في البيت والخارجي في الوطن والعالم).
وتحتاج للمشاركة بين أفراد الأسرة داخل البيت، وبين المؤسسات المحلية والدولية التي ترعى الأسرة وتحميها، خاصة في الظروف التي أفرزتها جائحة كورونا، وفي ظروف الصراعات الاقتصادية والسياسية والعسكرية التي شكلت ضغوطا على الأسرة وتشردت وعانت بسببها كثير من الأسر حين فقدت عائلها وموارد رزقها وعوامل أمانها واستقرارها.
وبسبب هذه الظروف زادت معدلات الهجرة والنزوح لملايين الأسر خاصة من العالم الثالث هربًا من الصراعات السياسية أو الحروب الأهلية أو الفقر أو التفرقة العنصرية أو التمييز لاعتبارات طائفية أو دينية أو سياسية، وتعرضت تلك الأسر لضغوط هائلة بسبب الغربة، وأحدثت هي أيضا تغيرات ديموجرافية في البلدان التي هاجرت إليها.
الحفاظ على الأسرة
والاحتفال باليوم العالمي للأسرة يذكرنا جميعا بأهمية الحفاظ على الأسرة ورعايتها بجهود مشتركة من كل أفرادها، وبجهود حقيقية وفعّالة من مؤسسات الدول والهيئات الدولية لتحقيق السلام والأمان وتوفير الاحتياجات الأساسية للأسر خاصة الفقيرة منها، من طعام وشراب وصحة وتعليم ومسكن، ثم تحقيق الرفاه والمساواة والعدل بين الأسر، وتثقيف الآباء والأمهات لتنشئة جيل صالح على قيم دينية وأخلاقية وإنسانية رفيعة وراقية، لكي تصبح الأسرة مكانة ينعم بالسكن والمودة والرحمة ويصبح العالم مكانا أفضل لحياة جميع البشر بلا تفرقة أو تمييز.