"المصري للتأمين" ينشر تقرير المخاطر العالمية لعام 2022
أكد الاتحاد المصري للتأمين على أنه دائمًا يحرص على إطلاع سوق التأمين المصري على كافة المستجدات العالمية، ولهذا دأب الاتحاد منذ عام 2018 على عرض ملخص لتقرير المخاطر العالمية والذي يصدر عقب المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي.
وذلك حتى يتسنى للسادة العاملين بصناعة التأمين وجميع المهتمين بها من معرفة أحدث التطورات التي طرأت على الأخطار القائمة وكذلك التعرف على الأخطار التي بدأت في الظهور وإدراك حجم ومدى خطورة الخاصة بكل خطر.
وبالتالي يصبح سوق التأمين المصري قادرًا على مواكبًا المستجدات العالمية مما سيساعد القائمين على صناعة التأمين في وضع الاستراتيجيات والآليات التي تساهم في وضع صناعة التأمين المصرية في المكانة التي تستحقها في المشهد الاقتصادي العالمي.
الوضع العالمي
بدأ تقرير المخاطر العالمية لعام 2022 بإستعراض سريع لما وصل إليه الوضع العالمى فى 2021؛ حيث ساهم الإنتعاش الاقتصادي المتباين من الأزمة الناجمة عن الوباء بتعميق الانقسامات العالمية فى وقت تحتاج فيه المجتمعات والمجتمع الدولى إلى التعاون على وجه عاجل لمكافحة كوفيد -19، والتعافى من آثاره ومعالجة المخاطر العالمية المتفاقمة.
وقد نجحت بعض المجتمعات فى تحقيق تقدم سريع فى مجال التطعيم وتحقيق خطوات واسعة فى مجال التحول الرقمى والعودة إلى معدلات النمو السابقة للوباء مما يبشر بوجود آفاق أفضل لعام 2022 وما بعده. إلا أنه على الجانب الآخر قد تظل بعض المجتمعات مثقلة الكاهل لسنوات بسبب السعى المستمر من أجل حصول مواطنيها على جرعات اللقاح الأولية والتغلب على الفجوات الرقمية وإيجاد مصادر جديدة للاقتصاد.
إنتعاش متباين للإقتصاد
مع بداية عام 2022، لا يزال كوفيد – 19 وعواقبه الاقتصادية والاجتماعية تشكل تهديدًا كبيرًا على العالم. وتشكل عدم المساواة فى تناول اللقاحات وما نتج عنه من عدم تكافؤ حالات الانتعاش الإقتصادى تهديدًا بتفاقم التصدعات الاجتماعية والتوترات الجغرافية - السياسية. ففى الدول الأكثر فقرًا على مستوى العالم – والتى يبلغ عددها 52 دولة تقريبا وتعد موطنًا لحوالى 20٪ من سكان العالم - تم حصول 6٪ فقط من السكان على اللقاح حتى وقت كتابة هذا التقرير.
وفى عام 2024، ستواجه الاقتصادات النامية (باستثناء الصين) إنخفاضًا بنسبة 5.5٪ عن نمو الناتج المحلي الإجمالى المتوقع قبل إنتشار الوباء، فى حين أن الاقتصادات المتقدمة ستكون قد تجاوزته بنسبة 0.9٪ - مما سيساهم فى إتساع فجوة الدخل العالمى.
ولا تزال التحديات الاقتصادية الناجمة عن الوباء قائمة مع ضعف التوقعات المتعلقة بها.. فقد كان من المتوقع، حتى وقت كتابة هذا التقرير، أن يتضاءل حجم الاقتصاد العالمي بنسبة 2.3٪ بحلول عام 2024 وذلك خلافًا لما كان متوقع قبل ظهور الوباء.
وبالتالى، فقد أصبح إرتفاع أسعار السلع الأساسية والتضخم والديون من المخاطر الناشئة. وعلاوة على ذلك، فإن إرتفاع حالات الإصابة بكوفيد -19 قرب نهاية عام 2021 أدى إلى تقييد حركة الدول نحو التعافى بشكل مستدام.
وإضافةً للآثار الإقتصادية لأزمة كوفيد-19 فقد كان لهذه الأزمة أيضًا عدد من الآثار الصحية واسعة النطاق، ويرجع ذلك بشكل جزئى إلى عدم إعطاء الأولوية للأمراض الأخرى. وبالتالى فقد أدى الوباء إلى حدوث 53 مليون حالة اكتئاب حاد أخرى على مستوى العالم. وقد أظهرت نتائج الإستقصاء الذى جاء مصاحبًا لهذا التقرير أن "تدهور الصحة النفسية" يعد أحد المخاطر الخمس الأولى التى تفاقمت أكثر من غيرها خلال أزمة كوفيد-19.
كما تفاقمت حالات الإصابة بالأمراض غير المعدية مما تسبب فى وقوع 41 مليون حالة وفاة خلال العام - معظمها فى الدول منخفضة ومتوسطة الدخل - في جميع أنحاء العالم بسبب التأخر فى العلاج. وبالإضافة إلى ذلك، تسبب الاستخدام غير المناسب للمضادات الحيوية المستخدمة لعلاج كوفيد-19 فى وفاة ما يقرب من مليونى شخص فى عام 2020خاصة بالنسبة لأمراض الملاريا والسل.
التداعيات الخاصة باضطراب أحوال المناخ
أوضح التقرير أن "الإخفاق فى العمل المناخى" يعتبر التهديد الأول للعالم على المدى الطويل وأن المخاطر المتعلقة به قد تنطوي على أشد التأثيرات خطورة خلال العقد القادم. وذكر التقرير أن تغير المناخ قد بدأ بالفعل فى الظهور على نحو سريع فى شكل حالات الجفاف والحرائق والفيضانات وندرة الموارد وفقدان الأنواع، وإلى غير ذلك من التأثيرات الأخرى.
ففى عام 2020، شهدت العديد من المدن حول العالم إرتفاع شديد فى درجات الحرارة بصورة لم يشهدها العالم من قبل منذ سنوات وذلك فى عدة مناطق متفرقة حول العالم والتى منها على سبيل المثال الدائرة القطبية الشمالية.
ومن ثم تواجه الحكومات والمؤسسات والمجتمعات ضغوطًا متزايدة لمحاولة إحباط أسوأ العواقب المتوقعة. وعلى الرغم من ذلك، فإن التحول المناخي غير المنضبط والذي يتميز بمسارات متباينة في جميع أنحاء العالم وعبر عدة قطاعات سيساهم فى تباعد الدول وتشعب المجتمعات مما يخلق حواجز أمام التعاون بين هذه الدول وتلك المجتمعات.
وبالإضافة إلى ذلك، لم تعد الطبيعة قادرة فى الوقت الحالى على الوفاء بإلتزاماتها فى ظل التعقيدات التكنولوجية والاقتصادية والمجتمعية التى يشهدها العالم، وبالتالى أصبح من الصعب الجزم بأن هدف الوصول إلى مستوى الصفر من إنبعاثات الكربون سيتحقق بحلول عام 2050 كما كان متوقعًا فى السابق.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الدول التى لازالت تواصل السير فى طريق الاعتماد على القطاعات كثيفة الكربون تخاطر بفقدان الميزة التنافسية من خلال ارتفاع تكلفة الكربون والفشل في مواكبة الابتكار التكنولوجى وضآلة نفوذها فى الاتفاقات التجارية. إلا أنه من ناحية أخرى، فإن الابتعاد عن الصناعات كثيفة الكربون، والتى يعمل بها حاليًا ملايين العمال، سيؤدى إلى حدوث بعض التقلبات الإقتصادية والمساهمة فى تعميق مشكلة البطالة مما يزيد من التوترات المجتمعية والجغرافية-السياسية.
وبالتالى، يوضح التقرير أن تبنى سياسات بيئية متسرعة سيكون له عواقب غير مقصودة على الطبيعة وسيؤدي التحول الذى لا يأخذ فى الحسبان إلى تفاقم عدم المساواة داخل الدول وفيما بينها، مما يؤدي إلى زيادة الاحتكاكات الجغرافية - السياسية.
الاعتماد على التكنولوجيا والمخاطر الإلكترونية
أدى الاعتماد المتزايد على الأنظمة الرقمية – والذى تسبب كوفيد-19 فى تزايد إستخدامها بشكل مكثف- إلى حدوث تغييرات ملحوظة داخل المجتمعات. فعلى مدار الثمانية عشر شهرًا الماضية، خضعت العديد من الصناعات إلى التحول الرقمي السريع، وتحول الموظفين إلى العمل عن بعد كلما أمكن ذلك، وانتشرت المنصات الإلكترونية والأجهزة التي تساهم فى حدوث هذا التغيير.
وفى الوقت ذاته، تزايدت التهديدات المتعلقة بالأمن الإلكترونى، ففى عام 2020، زادت هجمات البرامج الضارة وبرامج الفدية بنسبة 358٪ و435٪ على التوالى حتى أنها تفوقت على قدرة المجتمعات على منعها أو الرد عليها. ويتوقع التقرير أن تؤدى الهجمات الإلكترونية على الأنظمة الإقتصادية الكبيرة والاستراتيجية إلى عواقب مادية كبيرة داخل المجتمعات، فى حين أن إجراءات الوقاية من تلك الهجمات ستترتب عليها حتما تكاليف أعلى.
كما ستؤثر المخاطر غير الملموسة - مثل المعلومات المضللة والاحتيال والافتقار إلى السلامة الرقمية - على ثقة الجمهور في الأنظمة الرقمية. وإضافة لما سبق، ستؤدى التهديدات الإلكترونية الكبيرة إلى إعاقة التعاون بين الدول بدلًا من تعميق التعاون بينها.
النشاط في مجال الفضاء
بدأ استكشاف الفضاء منذ عدة عقود، إلا أن السنوات الأخيرة قد شهدت نشاطًا متزايدًا، سعيًا من الجميع لخلق فرص جديدة وقد نتج عن ذلك ظهور مجموعة جديدة من المخاطر الناشئة.. حيث يعمل الوافدون الجدد إلى سوق الأقمار الصناعية التجارى على عرقلة التأثير التقليدى للشركات القائمة المسيطرة على النشاط الفضائى على مستوى العالم حيث أن تلك الشركات هى المسيطرة على تقديم خدمات الأقمار الصناعية وخاصة الاتصالات المتعلقة بالإنترنت.
وبالتالى يمكن أن يؤدى زيادة عدد الجهات العاملة فى هذا المجال إلى حدوث صدامات بين الأقمار التى يتم إرسالها إذا لم تتم إدارة استكشاف الفضاء واستغلاله بشكل مسؤول.
تتمثل إحدى نتائج النشاط الفضائى المتسارع فى ارتفاع مخاطر الاصطدامات التى يمكن أن تؤدي إلى انتشار الحطام الفضائى والتأثير على المدارات التى تستضيف البنية التحتية لأنظمة الإتصالات الرئيسية على الأرض أو إتلاف معدات فضائية قيمة أو إثارة توترات دولية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي زيادة النشاط الفضائى إلى حدوث تأثيرات بيئية غير معروفة أو إرتفاع تكاليف الخدمات العامة مثل مراقبة الطقس أو مراقبة تغير المناخ.
السنة الثانية من الوباء والقدرة على الصمود
في عام 2021، نشرت الدول آليات جديدة للاستجابة لأزمة الصحة العامة والتى اتسمت بخصائصها المتغيرة، مما أدى إلى كل من حالات النجاح والفشل فى التعامل مع الوباء. وقد كان هناك عاملان متلازمان فى الإدارة الفعالة للوباء:
أولا؛ مدى استعداد الحكومات للقيام بتعديل استراتيجيات الاستجابة وفقًا للظروف المتغيرة؛ وثانيًا؛ قدرتهم على الحفاظ على الثقة المجتمعية من خلال القرارات المبدئية والتواصل الفعال.
وسيساعد الإطلاع على الأهداف التى وضعتها الحكومات والمؤسسات والمجتمعات والتى تخص المرونة فى التعامل مع الأزمة على ضمان توافق الأجندات فى تحقيق منهج متكامل للمجتمع بأكمله لمعالجة المخاطر الحرجة من أي نوعها.
وبالنسبة للحكومات، فإن العوامل الخاصة بموازنة التكاليف وتنظيم المرونة وتعديل ترتيبات مشاركة البيانات لضمان إدارة الأزمات بشكل أكثر تحديدًا تعتبر هى المفتاح الرئيسى لتحقيق التنسيق والتكامل بين القطاعين العام والخاص.
وبالتالى يمكن للشركات - التي تدرك أن الاستعداد الأفضل على المستوى الوطني أمر بالغ الأهمية للتخطيط والاستثمار وتنفيذ استراتيجياتها والتعامل بمرونة مع القوى العاملة - الاستفادة من الفرص في مجالات مثل سلاسل الإمداد وقواعد السلوك داخل الصناعة التى تمارس نشاطها بها.
الرؤية المستقبلية
فى بعض الأحيان تفضى الأزمات إلى مسارات غير متوقعة وإلى مجموعة من النتائج الغير متوقعة مع وجود احتمالات وتأثيرات متفاوتة. وبالتالى فإن هذا التقرير يدعو كل من يقرأه إلى النظر في عواقب المخاطر التى تم ذكرها فى هذا التقرير من حيث مدى إحتمالية تحقق الخطر أو عدم تحققه وكذلك مدى حدته وإمكانية السيطرة عليه.
ومن بين أبرز مجالات الاهتمام الاجتماعية والاقتصادية التى يجب الإهتمام بها مستقبلًا هى الانتعاش الإقتصادى المتباين والصعوبات الاقتصادية وتزايد عدم المساواة وما لها من تأثير على الاستقطاب الأيديولوجي وشعور قطاعات كبيرة من سكان العالم بالحرمان من حقوقهم.
ومن ناحية اخرى سيتعين على الحكومات أن تواصل جهودها لاحتواء وباء كوفيد-19 خاصة فى ظل الافتقار إلى التعاون العالمي بشأن وضع رؤية واقعية لآفاق إدارة المخاطر العالمية المستقبلية مثل الأوبئة والطقس المتطرف.
أما فيما يتعلق بالأعمال التجارية والصناعة فمن المتوقع أن تضطر الشركات والمؤسسات فى بعض الأحيان للوفاء بالالتزامات البيئية والاجتماعية والحوكمة القيام بتعزيز مرونة سلاسل الإمداد الخاصة بها والتكيف مع التغيير الاجتماعي والتكنولوجي ومحاولات التصدى لتهديدات مثل الهجمات الإلكترونية.
وقد أوضح الإستقصاء الذى تم إجرائه لأغراض هذا التقرير أبرز المخاطر العالمية خلال 2022 والتى جاءت محور إهتمام الأشخاص المشاركين فى الإستقصاء وذلك على النحو التالى:
أزمات الديون تلوح في الأفق
تمت الإشارة إلى "أزمات الديون" بإعتبارها تهديد وشيك للعالم خلال العامين المقبلين، بينما جاءت نتائج الإستقصاء لتوضح أنها النقطة الأكثر خطورة خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة. وقد كان النشاط الحكومي أمرًا حيويًا فى هذا الصدد لحماية الدخل والحفاظ على الوظائف ودعم الشركات والمؤسسات حتى تتمكن من مواصلة نشاطها.
تزايد التنافس
أوضح الإستقصاء أن "المواجهات الجغرافية-الاقتصادية" ستظهر كواحدة من اكثر المخاطر المحتملة والتى تتسم بدرجة عالية من خطورة خلال العقد المقبل، وذلك فى ظل مواجهة البشرية للتهديدات المشتركة فى شتى المجالات الاقتصادية والبيئية وغيرها، الأمر الذي يتطلب استجابة عالمية منسقة.
يتميز بمسارات متباينة في جميع أنحاء العالم وعبر عدة قطاعات سيساهم فى تباعد الدول وتشعب المجتمعات مما يخلق حواجز أمام التعاون بين هذه الدول وتلك المجتمعات.
وبالإضافة إلى ذلك، لم تعد الطبيعة قادرة فى الوقت الحالى على الوفاء بإلتزاماتها فى ظل التعقيدات التكنولوجية والاقتصادية والمجتمعية التى يشهدها العالم، وبالتالى أصبح من الصعب الجزم بأن هدف الوصول إلى مستوى الصفر من إنبعاثات الكربون سيتحقق بحلول عام 2050 كما كان متوقعًا فى السابق.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الدول التى لازالت تواصل السير فى طريق الاعتماد على القطاعات كثيفة الكربون تخاطر بفقدان الميزة التنافسية من خلال ارتفاع تكلفة الكربون والفشل في مواكبة الابتكار التكنولوجى وضآلة نفوذها فى الاتفاقات التجارية.
إلا أنه من ناحية أخرى، فإن الابتعاد عن الصناعات كثيفة الكربون، والتى يعمل بها حاليًا ملايين العمال، سيؤدى إلى حدوث بعض التقلبات الإقتصادية والمساهمة فى تعميق مشكلة البطالة مما يزيد من التوترات المجتمعية والجغرافية-السياسية.
وبالتالى، يوضح التقرير أن تبنى سياسات بيئية متسرعة سيكون له عواقب غير مقصودة على الطبيعة وسيؤدي التحول الذى لا يأخذ فى الحسبان إلى تفاقم عدم المساواة داخل الدول وفيما بينها، مما يؤدي إلى زيادة الاحتكاكات الجغرافية -السياسية.