مشاورات سويسرا بشأن ليبيا.. غابت الحكومات وحضرت المليشيات
وسط "ضبابية" تغلف المشهد السياسي في ليبيا، انطلقت بلدان إقليمية وأوروبية وغربية تفتش عن حل ينتشل البلد الأفريقي من سيناريوهات "كارثية".
وقبل يومين من المشاورات المرتقبة التي ستستضيف القاهرة الجولة الثانية منها في 15 مايو الجاري، كانت مدينة مونترو السويسرية، على موعد مع محطة من المشاورات حول العملية السياسية في ليبيا.
مشاورات انطلقت مساء الخميس الماضي، من الدولة الواقعة في قلب أوروبا، غاب عنها ممثلو الحكومتين (المقالة برئاسة عبدالحميد الدبيبة) وحكومة الاستقرار برئاسة فتحي باشاغا، فيما اجتمع على مائدتها قادة المليشيات الرئيسية والتشكيلات المسلحة لغرب ليبيا.
وبحسب وكالة "نوفا"، فإن المشاورات التي يستضيفها مركز الحوار الإنساني، دُعي إليها ممثلون عن المجلس الرئاسي ومجلسي النواب وما يعرف بـ"الأعلى للدولة"، مشيرة إلى أن الاجتماع يعد الأول من نوعه الذي تستضيفه سويسرا بعد تأجيل الانتخابات التي كانت من المفترض أن تعقد في ديسمبر من العام الماضي.
ومركز الحوار الإنساني هو منظمة غير حكومية تتخذ من سويسرا مقرا لها، وتساعد في الوساطة بين الأطراف المتنازعة، تحت رعاية البعثة الأممية إلى ليبيا، التي استعانت به لاستضافة حوارات سابقة لليبيين.
وأوضحت الوكالة، أن مقترحين مطروحين على الطاولة هما: إما إعلان دستوري جديد ذي "طبيعة مؤقتة"، يبدأ عمليا من الصفر، وإما الموافقة على المشروع الذي وضعته في 2017، الجمعية التأسيسية، إلا أنها قالت إن الخيار الثاني يتطلب خطوة لاحقة، وهي استفتاء شعبي بنصاب غير محتمل: 50 + 1 من أصوات كل من المناطق: طرابلس وبرقة وفزان.
ووصفت الاجتماع "المختلط" بـ"المهم"، خاصة أنه يُعقد قبل اجتماعات مجلسي النواب و"الأعلى للدولة" المزمع عقدها في مصر في 15 مايو الجاري، والتي تخصص بشكل خاص لبحث القضايا الخلافية المتعلقة ببعض مواد مشروع الدستور.
وعن تلك الاجتماعات، قالت عضو مجلس النواب الليبي أسماء الخوجة، في تصريحات صحفية، إن اجتماعات البرلمان مع الأعلى للدولة، تركز على مشاورات المسار الدستوري في القاهرة، مشيرة إلى أن المجلسين لم يناقشا موضوع المشاركة في الحوار الذي دعا إليه مركز الحوار الإنساني.
وأضافت أن الدعوات التي وجهت إلى بعض أعضاء مجلسي النواب و"الأعلى للدولة"، هي دعوات شخصية فقط.
وحول سر توقيت عقد تلك المشاورات، قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات صحفية، إنه يكمن في التحضير لمناورة جديدة تقضي بـ"قطع الطريق" على أي محاولة ليبية - ليبية لإنتاج حل دائم في ليبيا، والبحث عن جسم جديد وبشخوص جديدة لتولي الحكم في ليبيا تحت اسم جديد.
وأوضح المحلل الليبي، أن التسريبات الأخيرة تشير إلى أن مركز الحوار الإنساني جهز قبل المشاورات التي ستستمر نحو أسبوعين، قائمة أولية بحكومة جديدة ستكون بقيادة أحد القضاة من مدينة مصراتة.
أما عن أهمية هذا المركز وتأثيره كي يعد قائمة بحكومة جديدة، قال إن "الحوار الإنساني" تديره شخصيات "مشبوهة"، أغلبهم من ذوي الماضي الاستخباراتي في البلدان الغربية، بالإضافة إلى بعض سماسرة المال والسياسة من الشخصيات العربية المقيمة في المهجر.
وأوضح المحلل الليبي، أن "هذا المركز هو المسؤول عن تجنيد شخصيات ليبية والدفع بها إلى مراكز القرار في ليبيا"، مشيرًا إلى أن كل الشخصيات الليبية التى قادت ليبيا إلى "كارثة الدولة الفاشلة"، منذ عام 2011، كانت من ترشيح هذا "الوكر"، على حد قوله.
وأشار إلى أنه من خلال تجربة السنوات العشر الماضية، مع هذا المركز ومخرجاته حول ليبيا، فقد كان الهدف "ليس تحقيق نجاح لمصلحة استقرار ليبيا"، بقدر استمرار المراحل الانتقالية على مستوى الشخصيات الحاكمة في ليبيا وتغيير من استُهلك، بشخصيات جديدة لا تختلف عن السابقة.
وحول أسباب عدم دعوة أي من الحكومتين "المقالة" والحالية، قال إنه لن تدعى الحكومتان إلى "عرس عزلهما" وإبعاد شخوصهما، معتبرًا تلك المشاورات بالون الاختبار لمعرفة ردود فعل الأطراف المحلية الليبية والإقليمية.